| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأحد 15/2/ 2009



المسيرات الطويلة ومقدار التخلف والإهمال للخدمات

مصطفى محمد غريب


صورة من عشرات الصور حول المسيرات الأخيرة والمستنقعات والانقاض .. الخ

لا نعرف هل تعي الحكومة العراقية مخاطر الأضرار الناجمة عن تلوث البيئة والحالات المزرية للمستنقعات الآسنة وتراكم الازبال وسوء حالة الطرق والشوارع في المناطق الشعبية والطرق والشوارع العامة ؟ فإذا عرفت فلماذا لا تتحرك لتخليص المواطنين من سوء الخدمات وإنقاذ حياتهم من الأمراض وحالة البؤس التي يعيشونها ؟ وهل تعرف الحكومة ماذا تعني كثرة أيام العطل وترك مواقع العمل وتأخير الدوائر وكم تبلغ إهدار كميات من المال العام بدون وجع قلب أو شعور بالمسؤولية لهذه المناسبات إذا كانت طبيعية ومعقولة ؟ فكيف إذا كانت غير طبيعية وغير معقولة ولمجرد إضاعة وقت المواطنين ؟ هل تدري كم هي خسارة للاقتصاد الوطني في هذه الظروف التي يحتاج فيها العراق إلى كل فلس لإعادة بنائه من جديد؟ معادلة بسيطة لأيام العطل التي انتهجت بشكل جديد في العهد الجديد! وأرجو عدم الخلط ما بين الدين ورجال الدين أو بين المناسبات الضرورية وبين المناسبات اللاضرورية وبين مهزلة العطل وتعطيل الوزارات والدوائر والمعامل والإعلان عن منع التجول واستنفار قوى الجيش والشرطة والآليات العسكرية والمخابرات والأمن والمليشيات الخاصة وبين المشاعر الدينية فالمعادلة تقول أن البلاد تخسر عشرات المليارات من الدنانير العراقية وتعطيل عشرات الآلاف من المعاملات والطلبات وتأخير الكثير من القضايا فضلاً عن الضحايا والتخريب والآثار النفسية والجسدية الناجمة عن التفجيرات والأحزمة الناسفة ومثال بسيط وجديد ( التفجير في كربلاء وتفجير انتحارية نفسها في الإسكندرية حيث حصدا عشرات المواطنين ما بين قتيل وجريح .. الخ

المعادلة تقول لدينا ( 12 ) من ألائمة ولهذا يوجد قرار سري وعلني بالتعطيل ( 24 ) يوماً في السنة وهو ما بين تاريخ ميلادهم وتاريخ موتهم عدا إذا صادف مثلاً يوم من الأيام يوم الجمعة أو يوم السبت فتزداد الأيام ونحتاج إلى أكثر بين (3 ـ 4 ) أيام للأربعينية وعندكم الحساب كم يحتاج المرء من الوقت والجهود في المسيرات الطويلة التي تقدر بمئات الكيلومترات وما تخلفه من مشاكل صحية وترك مواقع العمل وتعطيل عن الدوائر الرسمية قبل الزيارة كما نحتاج إلى ( 7 ـ 8 ) أيام لعيد الفطر وعيد الأضحى ولا نعرف باقي العطل أو الأيام المعنية لكن هناك الانتخابات والعطل المفاجئة ومنع التجول المفاجئ كما يوجد ( 72 ) مناسبة لزيارات المراقد وكلها واجب ومثلما قال لي مدير احد المدارس الابتدائية أن مديرية التربية أرسلت له شخصاً لتعينه في المدرسة كحارس ومراقب واستقبله المدير بكل ترحاب لحاجة المدرسة ولكي يشرح له عمله وواجباته في المدرسة وقبل أن يبدأ قال له الرجل مبادراً ــ يا أستاذ قبل أن تتلو لي واجباتي أريد أن أقول لك أن هناك ( 72) زيارة في السنة امشي لها ولن أتخلف عنها مهما كان الأمر فلم يقبله المدير وأعاد كتابه إلى التربية موضحاً شروط المرسل له وعلى قول المدير أن أل ( 72 ) زيارة تحتاج إلى أيام أخرى فمثلاً قبل الزيارة بيوم والعودة بعدها يوم فهذا يعني (216) يوم وكما هو معروف السنة الدراسية اقل من هذا الرقم فكيف يستوي الأمر؟

لا يفسر ما أشرنا له وكأنه ضد جهة أو طائفة معينة أو بالضد من الأئمة أو المناسبات الدينية لكن من باب التوضيح ففي السابق وحتى قبل سلطة نظام البعث العراقي يعتبر مولد النبي محمد (ص) عطلة ويوم عشرة عاشوراء عطلة والأعياد لها عطلها وراس السنة الهجرية والميلادية عطلة وهو أمر طبيعي ومثلما قلت كي لا يتحول ما ذكرته وكأنه بالضد أو التحريض أقول أنه الحرص على المواطنين وعدم تحميلهم أعباء الهلوسة والضياع وتبذير المال العام وإنهاك الاقتصاد الوطني من قبل البعض من الطائفيين في المناصب الحكومية والأحزاب والمنظمات السياسية الدينية أن الذين يدّعون الوطنية وحب الوطن لا ينبغي لهم وليس لهم من حق لتضليل المواطنين في وعيهم وإبعادهم عن الحقائق وفي مقدمتها استغلالهم واستغلال أصواتهم ودعمهم من اجل مكاسب حزبية أو طائفية معينة وإلهائهم بعادات وتقاليد غريبة عن عادات وتقاليد كانت تساوي بين الواجبات والحقوق.

إن المتتبع لمسيرات المواطنين يستغرب ليس من الاستنفار الكبير للقوات المسلحة وآلياتها ومن المؤسسات الأمنية ووسائل الإعلام الطائفية لكنه يستغرب أكثر لأنه يرى أن الطرق والشوارع والأماكن التي تمر بها المسيرات عبارة عن مستنقعات للمياه الآسنة والازبال والنفايات والحفر وفوضى السيارات وهذه الحالة لم تدفع الحكومة الحالية أو السابقة إلى الاستنفار لمعالجة الأوضاع المزرية والتخلف وردم المستنقعات وتبليط الشوارع وحل أزمة المواصلات والسكن وغيرها من القضايا التي تلوث البيئة بل تدفعها إلى المضي في إلهاب مشاعر المواطنين ودفعهم إلى ما هو بالضد من مصالحهم من أجل مصالحها كنخبة مستفيدة من هذه الحالة الغريبة وهي مواكب العزاء الدخيلة ما بين التطبير واللطم والمشي على الركاب والمسيرات غير المبررة التي تعطل الكثير من الأعمال بما فيها الفوضى وأخطار القوى التكفيرية والمليشيات الخاصة والتي انتقدها أكثر من مرجع ديني وطالب بكل صراحة بإلغائها لأنها تتنافى من القيم الكبيرة للدين الإسلامي ولا تعبر عن أهداف الإسلام الذي يرى في الإنسان اكبر قيمة إنسانية وليس دمية تحركها المصالح الفئوية والحزبية الضيقة.

أيتها الحكومة ويا ايها المسؤولين إلا ترون أن الوقت قد حان للعمل من أجل التخلص مما هو ضار للاقتصاد العراقي والالتفات إلى مصالح الفئات الكادحة بدلاً من الصراع على الكسب الانتخابي أو المصلحة الحزبية؟ ألا ترون أن مصلحة هذه الفئات في تحقيق الضروريات المطلوبة لتحسين معيشتهم وأوضاعهم الخدمية ؟ ألا ترون ما حل بهم بسبب الفساد واللصوصية والرشاوي وانتهاك حقوقهم من قبل المعششّين في الوظائف الحكومية وبدلاً من خدمة المواطنين وتصريف أعمالهم خلق الصعوبات والعراقيل لهم بهدف استغلالهم؟ إذا كان وعي الناس في هذه المرحلة ليس كما هو مطلوب فذلك لن يدوم وسوف ترون أن لكل وضع سيء يوم محدود.


 


 

free web counter