| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الخميس 13/3/ 2008



الأوضاع الصحية المأساوية والفساد المالي والإداري

مصطفى محمد غريب

وزارة الصحة أينما وجدت تكون مسؤولة عن الوضع الصحي وتقع على عاتقها مهمات غير قليلة فيما يخص صحة المواطنين وحمايتهم من الأمراض وتهيئة الأجهزة الطبية والأدوية اللازمة وغيرها من مهمات تخص اختصاصها ومسؤوليتها وفق برامج الحكومة التي يجب أن تسعى لتأخذ وزارة الصحة مكانتها بتوفير القاعدة المادية والاختصاص المهم والإدارة الجيدة النزيهة فهل كانت وزارة الصحة في العراق أهل للثقة وقامت بمهماتها أم لا ؟ سؤال نترك الجواب عليه لحين الانتهاء من قراءة المقال.

لن أتحدث عن أهمية الاعتناء بالمجال الصحي لما له من تأثير على حياة المواطنين وعلى الاقتصاد الوطني وعلى كافة الصعد الأخرى فهذا الأمر معروف ولا يحتاج إلى الدعاية أو التطبيل بل يحتاج إلى الكشف عن أسباب تدني الوضع الصحي وعدم الاهتمام به أو ضعف الاهتمام في دولة قدمت لها الولايات المتحدة الأمريكية حسب تقرير قدمه المفتش الخاص بإعادة اعمار العراق منذ 2003 ( 47 ) مليار دولار وما أكده مسؤول صندوق النقد الدولي في هيئة الأمم المتحدة للرقابة والاستشارة بيرت كيوبتس أن ( 100 ) مليار دولار تدفقت على صندوق النفط منذ إنشائه سنة 2003 هذه المبالغ الضخمة لو صرفت بشكل صحيح لكانت خير معين لإعادة البناء في مجالات عديدة ومنه المجال الصحي ولو عرفنا أن حصول وزارة الصحة على ( مليار دولار ) بهدف تطوير الامكانات الطبية وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية وقارنا ما بين الواقع المزري منذ خمسة سنوات ولحد هذه اللحظة وبين المبلغ المذكور لو جدنا أن الفساد المالي والإداري لعب وما زال يلعب دورا رئيسياً في تغيب أموال الدولة، ووزارة الصحة تعتبر حسب التحقيقات والمتابعات أهم معقل من معاقل الفساد المفضوح في الحكومة العراقية وقد يتعجب المرء عندما يجد ظاهرة بيع الأدوية المفقودة في الصيدليات والمستشفيات الحكومية على الأرصفة أو في محلات فتحت لهذا الغرض واعتماد وزارة الصحة بحدود ( 70% ) من سد احتياجاتها على القطاع الخاص الذي يستورد أدوية رخيصة ودون المستلزمات المطلوبة وتفتقر إلى الفحص الدقيق من بعض المنشآت غير المعروفة بعالميتها دون أي حسيب أو رقيب لا بل أن بعض الأدوية قد تكون منتهية الصلاحيات ومضرة بالصحة وحتى ملوثة بالأوبئة والجراثيم، لقد وصل الفساد والإهمال إلى درجات خطيرة هددت وما زالت تهدد حياة عشرات الآلاف من المواطنين فقد أكد نائب رئيس هيئة النزاهة موسى فرج على اكتشاف عبوات من عقار الألبومين ملوثة بفيروس الإيدز في محافظة بابل وعلى اثر ذلك اغتيل الصيدلي الذي كشف الفضيحة بعد التحليلات التي أجراها في المختبر الوطني للأدوية وهكذا يعاقب الوطني المخلص بسب نزاهته وحبه لوطنه وشعبه بينما المفسدين وأصحاب الضمائر الميتة المختبئين خلف بعض الأحزاب السياسية الدينية وهم في قمة السلطة يعيثون فساداً ويتصرفون كحكام مطلقين لا تهمهم لا امن ولا استقرار ولا الحفاظ على مصالح المواطنين .

كما تعتبر قضية تسريب الأدوية المسروقة من وزارة الصحة ومن مخازنها من أهم قضايا الفساد المالي والإداري وبينما مثلما اشرنا تفقد الأدوية التي تستوردها الوزارة بشكل سريع من المستشفيات والمرافق الصحية الحكومية تجدها في القطاع الخاص وبأغلى ألاثمان وقد أشار الدكتور عادل محسن المفتش في الوزارة أن نقص الأدوية سببه الفساد وكذلك الرشاوى للحصول على العقود لتوريد الأدوية المطلوبة والمستلزمات الطبية، وفي المضمار نفسه كشف الدكتور عادل عن اكبر عملية فساد في تاريخ الوزارة حيث تم إحالة ( 12 ) عرضاً إلى شركة GE بمبلغ ( 400 ) مليون دولار حيث يتضمن هذا المبلغ لاستيراد أجهزة طبية ولم تفاتح أية جهة أو شركة ثانية ما عداGE وهو دليل على الاتفاق المسبق، ثم العرض الخاص بمعامل الأوكسجين بكلفة ( 40 ) مليون دولار بهدف إنشاء ( 22 ) معملاً فقد أرسلت الموصفات إلى شركة واحدة مثلما حدث للأجهزة الطبية ففازت بسهولة هذه الشركة بالعقد بدون منافسة من أحد وعلى ما يبدو أن منح عمولة ( 5 ) مليون دولار للجهة التي خططت لإرساء العرض على هذه الشركة كان سبباً في ذلك مع العلم والمتعارف عليه في أكثرية الدول أن تقدم العروض والموصفات إلى عدة شركات وبعد دراسة التقديمات والعروض المصحوبة بالنوعية والأهمية من قبل لجان خاصة ترسي العقود على الأفضل والأحسن منها ويحسب بالدرجة الأولى مصلحة الجهة الطالبة ومصلحة البلاد والمواطنين أما إذا كانت الصفقات تعقد في السر والمعلوم يدفع في حسابات خاصة فقل على البلاد ومواطنيها السلام .

هل الجواب واضح ؟.. فمجرد الإطلاع على الظروف الصحية والإمراض المنتشرة والأوبئة العديدة نعرف حجم المأساة التي يعيشها أكثرية المواطنين العراقيين ونعرف من هو المسؤول عنها ولكن من الذي سيحاسب المقصرين ويردع الفاسدين الذين يتحايلون على القانون وينفذون منه كما تنفذ الشعرة من العجين.
 


 

Counters