| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الخميس 13/8/ 2009



إرهاب الدولة الإيرانية ضد معارضيها

مصطفى محمد غريب

لا يوجد لدينا أدنى شك في توجهات الحكومة الإيرانية الإرهابية ضد المعارضين الإيرانيين وهذا ما دأبت عليه من خلال تعاملها مع المختلفين في الرأي معها من العرب والكرد والبلوش وغيرهم من القوميات القاطنة في إيران وهم يعدون بعشرات الملايين وليس بالغريب عندما أشارت منظمة العفو الدولية على لسان أمينها العام أيرين خان " خلال نحو 50 يوماً سجلنا ما لا يقل عن ( 115 ) حالة إعدام أي بمعدل يزيد على إعدام شخصين يومياً " وقد حددت المنظمة الفترة التي تلت الانتخابات في 12/6/2009 وحتى مراسيم تنصيب نجاد ، بعد تلك المظاهرات والاحتجاجات والاتهام بتزوير الانتخابات وتزييف أصوات الناخبين والممارسات التي قامت بها الأجهزة الأمنية أثناء وبعد ظهور نتائج الانتخابات وبدلاً من إجراء تحقيق نزيه وعادل فقد مورست عمليات اعتقال واسعة النطاق وظهر من خلال سير المظاهرات أن كل الوسائل الإرهابية اتبعت ضد المتظاهرين والمحتجين سلمياً بما فيها وجود أشخاص من رجال الأمن على السطوح القريبة يطلقون الرصاص بشكل عشوائي وكانت أحدى الضحايا الشهيدة الشابة ندا سلطاني فقد توفيت على الفور وقد أعلن عن مقتل ( 69 ) في المظاهرات والاضطرابات فضلاً عن سقوط العديد من الجرحى والمصابين كما أظهرت القنوات الفضائية العشرات من رجال الأمن والشرطة وهم يقومون بتحطيم زجاج السيارات وتدمير الموتوسيكلات المركونة في الشوارع والأزقة الخلفية كي يتهم فيها المتظاهرين، ولقد ظهر من خلال تنفيذ الإعدامات بأنها ارتفعت بالمقارنة مع الإعدامات السابقة التي في حوزة السجل الإيراني كما يعد هذا السجل خرقاً كبيراً لحقوق الإنسان لأنه يشير ومنذ كانون الثاني " وحتى موعد الانتخابات الرئاسية سجلت منظمة العفو الدولية " أمنستي " 196 حالة إعدام " وهذه الأرقام تدل بدون شك على أن الحكومة الإيرانية ماضية في إرهاب مواطنيها وان ادعت ادعاءات باطلة بحجج باطلة لتبرير ما تقوم به من ممارسات قمعية وبدون حدود ضد أي معارضة وصولاً لتلفيق التهم كتهمة العمالة للأجنبي والجاسوسية والمتاجرة بالممنوعات وغيرها من التهم كما أنها لا تكتفي فقط بالاعتقال والسجن دون أية تهمة بل وبدون مذكرات تحقيقية وخير مثال أن أغلبية الاعتقالات قام بها الحرس الثوري وقوات الباسيج المنفلتة التي ليس للسلطة القضائية أية سلطة عليها، فهي تستخدم كل أساليب القمع والتعذيب النفسي والجسدي وهذا ما اعترف به المدعي العام الإيراني قربان علي دري نجف أبادي حيث أشار أن المعتقلين ممن القي القبض عليهم " في أعقاب المظاهرات والاضطرابات والاحتجاجات تعرضوا للتعذيب داخل السجون الإيرانية ، إن أخطاء قادت إلى بعض الحوادث المؤلمة التي لا يمكن الدفاع عنها، وأن المتورطين فيها لا بد من معاقبتهم""وهذا أدى بالتالي إلى وفاة اثنين من المعتقلين بسبب المظاهرات إلا أن رئيس الشرطة الإيرانية ادعى بان الوفاة في مركز " كاهريزاك " جنوب غرب إيران قبل إغلاقه وبسبب فيروس وليس بسبب تعرضهما للتعذيب، وعلى ما يبدو أن المعلومات التي تسربت من هذا المعتقل السيئ الصيت "والذي أغلق بأمر من المرشد الأعلى خامنئي " قد أشارت إلى تعرض جميع المعتقلين إلى أساليب القهر والضغط و الضرب والتعذيب لانتزاع الاعترافات من المعتقلين وتلقينهم حسب أوامر هذين الجهازين الرهيبين وباعتراف رسمي فقد أشير بان الأساليب التي اتبعت بعد الانتخابات في اعتقال المعارضين غير قانونية التي قدرت بـ ( 4000 ) وقد فضح مير حسين موسوي تعرض المعتقلين من الرجال والنساء إلى الاغتصاب مما اثر موجة من الغضب والاستياء مما دعا إلى إجراء تحقيق من قبل البرلمان حول " الاغتصاب وانتهاك حقوق المحتجزين "، وقد جاءت هذه الاعتقالات نتيجة لردة الفعل الحكومي الرسمي بعد الصدمة التي تلقتها باتساع حركة الاحتجاجات والمعارضة لسياسة الحكومة والدولة الإيرانية وبالضد من قادتها الذين يستخدمون الأجهزة الأمنية للحفاظ على كراسيهم في السلطة وهو أمر مفروغ منه وكرره التاريخ للكثير من الدول الدكتاتورية وحكامها المتسلطين بالقوة والجبروت على مقاليدها وما حدث في إيران لم يكن منعزلاً عن التاريخ ولا عن الحاضر والمستقبل وكون الحكام الإيرانيين صدقوا أنهم خالدين إلى الأبد بواسطة استخدام الدين والطائفية وتقاليد أصبحت معرقلة لعملية التطور في المجتمع وكونهم يعتقدون أن 99% من الشعب الإيراني بمختلف قومياته ومكوناته يدعمهم لمجرد صرخوا " وا حسيناه وأقاموا مواكب اللطم والعزاء" فقد أصيبوا بالصدمة وقد لمسوا ورأوا بأم أعينهم أنهم مخطئين وان النسبة لم تكن حتى 50% لولا عمليات التزوير واستمرار خداع المؤسسة الدينية لوعي الجماهير واستخدام مقولات ولاية الفقيه من قبل المرشد الأعلى وغيرها من الوعود الدينية بالجنة، فالشعب الإيراني لم يجد الخير كل الخير من الوعود التي أطلقت قبل ثورته وبعد الانتصار على سلطة الشاه فهو مازال يعاني من الفقر والبطالة وسوء السكن وارتفاع الأسعار وشظف العيش وانعدام الحريات الشخصية والعامة وتقليص حقوق القوميات غير الفارسية باستخدام أبشع الأساليب القهرية التي تمارس ضدهم بما فيها السجن والإعدامات الكثيرة وخير مثال عرب الاحواز والكرد والبلوش وغيرهم ولم يقتصر كل ذلك على الوضع الداخلي فأن هؤلاء الحكام يتدخلون في الشؤون الداخلية للبلدان المجاورة بشتى الطرق بما فيها زعزعة الاستقرار والتشجيع على التطاحن الطائفي وما جرى ويجري في العراق بعد الاحتلال ولحد هذه اللحظة اكبر برهان على ما نقوله ويؤكده الجميع حتى الأراضي الزراعية المتاخمة لحدودها مع العراق لم تسلم من التلوث البيئي من خلال رمي النفايات الصناعية من المصافي النفطية الإيرانية في الأراضي العراقية مما أدى إلى حدوث أضراراً بيئية وزراعية وتظاهر أهالي مدينة أبو الخصيب واستنكار المواطنين ومطالبتهم الحكومة العراقية التدخل لإنقاذ أراضيهم ومزروعاتهم لكن الحكومة صامتة عن ما تفعله الحكومة الإيرانية ليس في هذه القضية فحسب بل في قضايا كثيرة لا مجال لذكرها في هذا المقال، من الناحية الأخرى يبدو أن النظام الإيراني ماضي في سياسته الترويضية بالضد من معارضيه ويحاول من خلال إجراءات محاكمة المعتقلين بسبب الاضطرابات والمظاهرات الأخيرة تغيير الوجه الحقيقي للمطالبة الشعبية الواسعة النطاق التي تطالب بإعادة الانتخابات وفضح المزورين وإطلاق الحريات الشخصية والعامة واحترام لوائح حقوق الإنسان حيث أعلنت الحكومة الإيرانية بأنها مؤامرة ( أمريكية أوروبية ) كما جاء في لائحة الاتهام التي تليت من قبل الادعاء العام الإيراني " حضور عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين في التجمعات غير القانونية" واستطرد قائلاً " نية العناصر المعادية للثورة بأعمال تخريبية كتفجير أهم مراكز الاقتراع في طهران أثناء إجراء الانتخابات " وهو ما يتناقض مع الواقع حيث أن المظاهرات حدثت بعد انتهاء الانتخابات والبدء في فرز الأصوات وتسريب معلومات حول فوز أحمدي نجاد مما اعتبرته المعارضة تزويراً للانتخابات، المحكمات التي تجري في الوقت الحاضر عبارة عن مسرحية لإعادة الثقة بسلطة الملالي بعدما فضحت تسلكاتها أمام الجماهير الإيرانية قبل غيرها وما اتهام مير حسين موسوس زعيم المعارضة والرئيس السابق الإصلاحي محمد خاتمي هذه المحكمات " بغير شرعية " واعتبروها مسرحية حيكت بشكل محبك حيث تنصل البعض من المتهمين وتراجعوا عن مواقفهم وحديثهم السابق وأعلنوا بعدم تزوير الانتخابات وقد " اخطأوا " في المشاركة لكن ذلك لا يقلل من أهمية الفضيحة التي قامت بها الحكومة الإيرانية وأجهزتها القمعية وبخاصة الحرس الثوري وقوات الباسيج وهي دلالة على مدى الاستهتار بحرية وإرادة الشعوب الإيرانية التي كانت تعتقد بخلاصها من حكم الشاه الدكتاتوري واستبشرت خيراً بقيام الجمهورية الإيرانية لكنها وجدت أن إرهاب الدولة وقمعها لمعارضيها بأساليب القهر والتعذيب وانتزاع الاعترافات لا يقل عن ذلك العهد التسلطي وبلا شك أن المعارضة والسخط الجماهيري والبروفات التي حدثت سوف تتكامل كمها وتنقل إلى كيفية جديدة ربما تتخلص من الاضطهاد والقمع وتحقيق الحريات لجميع مكونات الشعب الإيراني.
 


 

free web counter