| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأثنين 12/5/ 2008



مشكلة حل المليشيات المسلحة السرطانية

مصطفى محمد غريب

كان وما يزال حل المليشيات المسلحة التابعة للأحزاب والمنظمات الدينية السياسية التي تشارك في العملية السياسية مطلباً شعبياً واسع النطاق باعتباره ضرورة موضوعية لفرض القانون وإعادة النظام لأجل المباشرة في البناء والتوجه لاستكمال بناء مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية لكي يتسنى التخلص من الجيوش الأجنبية واستكمال الاستقلال الوطني ، هذا المطلب العادل خرج للنور منذ البداية لما له من تأثير على حياة الغالبية من شعبنا وباعتباره مفتاحاً للامان وعدم حل الميليشيات أعاد شبح الحرب الأهلية الطائفية لكن البعض لم يستمع وبقى يدعي الطرش السمعي وآخرين أوغلوا في التوجه نحو تقوية مليشياتهم عدداً وتسليحاً لتكون دولة داخل الدولة يستطيعون من خلالها تنفيذ أهدافهم ومخططاتهم وجعل الساحة العراقية متشابهة مع الساحة اللبنانية وأقامت المشروع الطائفي بحجة الجيوش الأجنبية واستغلال المشاعر الوطنية بالادعاء بالمواطنة العراقية ولم يغب عن البال الهدف الحقيقي الساعي لجعل المليشيات قوة تتحكم في رقاب الناس وتفرض أمراً واقعاً لا مناص منه حيث تحكمت أخيراً للغة السلاح والعنف والتصفيات كما أريد لحزب الله اللبناني ناسين أن الأخير يعيش ظروفاً تختلف عن الظروف التي تمر بالعراق وفي مقدمة هذه الظروف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية ثم التهديد الحقيقي من قبل إسرائيل باجتياح الجنوب لكن حزب الله اللبناني ظهر مؤخراً في احتلاله لأكثرية بيروت الغربية أن مهمته الأخرى التي يراد منها التحكم بواسطة السلاح والعنف على لبنان لا تقل عن إعلانه بالوقوف ضد إسرائيل وحماية لبنان بل قد تكون هي الأساس في الظروف الراهنة وكما يظهر أن المهمة التي أنيطت بهذه المليشيات والغرض من توسعها وتدريبها وتسليحها من قبل الحكومة الإيرانية هو دعم النفوذ الإيراني ومحاولات الهيمنة على الجنوب وأكثرية الوسط العراقي والتعاون المعروف على جميع المستويات بين هذه المليشيات والتابعين لإيران وبين فيلق القدس التابع إلى الحرس الثوري وأيضاً المخابرات الإيرانية " اطلاعات " هو خير دليل على ذلك وما زاد الأمور الغامضة توضيحاً التصريحات الأخيرة لعلي نوري زاده المسؤول السابق في الحرس الثوري لجريدة الشرق الأوسط ، مئات من جيش المهدي تدربوا على استخدام الصواريخ الموجهة والصواريخ المضادة للجو المحمولة على الكتف وصنع المتفجرات والقنابل وأيضاً دربت قوات الحرس البحرية عناصر على الفنون البحرية والغوص وعمليات المشاة البحرية كما استخدمت حزب الله اللبناني لتدريب عراقيين بسبب مشاكل اللغة وأوضح أكثر عندما أشار، إن الحرس الثوري بدأ بتدريب الشيعة العراقيين وقد تم استقبال عناصر من جيش المهدي بالمئات وهم جاءوا على دفعات كل دفعة ضمت ما بين ( 50 ــ 100 ) شاب معظمهم من النجف ومدينة الصدر والبصرة ومناطق أخرى ولا نتهم دون إثباتات ومن موقع الحرص الوطني بأن التدخل الإيراني الذي تجاوز حدوده في شؤون العراق أصبح أكثر خطورة على وحدته ووحدة العراقيين.

إن المطالبة بإنهاء الوجود المسلح غير القانوني منذ البداية لم يحظ بدعم الحكومات المتعاقبة لأسباب تكاد أن تكون معروفة منها ،العديد من القوى المهيمنة على السلطة تمتلك مليشيات ومسلحين بهذه الطريقة أو تلك وهو ما جعلها تفتعل التغاضي عن المطالبة وعدم الاهتمام بالتحذيرات ومخاطر استمرارها خارج دائرة القانون والدستور والسلطة وهي تقوم في الكثير من الحالات في تطبيق سياستها معتبرة نفسها بديلاً عن السلطة والقانون مما زاد من معاناة المواطنين وخلق خوفاً وذعراً وقلقاً على مستقبلهم وحياتهم المعيشية لا يقل عن ذلك الخوف والذعر والقلق في زمن النظام السابق ولهذا بدأت بعض القوى من هذه المليشيات بفرض إتاوات واستحقاقات مالية على المواطنين في مناطقهم تحت طائلة حمايتهم وتأمين الأمن لهم من القتل والخطف بينما في الحقيقة كانت تقوم بالقتل والخطف وإرهاب المواطنين والتدخل في حياتهم الشخصية والتهديد بقتل النساء غير المحجبات واغتيال أصحاب الكفاءات والعقول العلمية لإخافة الناس ودفع التوجه للحرب الطائفية عن طريق قصف المناطق المختلفة بالهاونات والصواريخ واستخدام المفخخات والعبوات أسوة بالقوى التكفيرية التي مارست الأساليب نفسها، وملخص القول أن المليشيات المسلحة هذه أصبحت اكبر عائق أمام الاستقرار والسلم الاجتماعي وظلت عاملاً كبيراً في تدهور الوضع الأمني وزيادة الاضطرابات وأثرت على الحياة الاقتصادية وعلى بناء الدولة ومؤسساتها وككل ظاهرة بدأت صغيرة في حجمها ثم تطورت لتكون من القوة والإمكانيات من الصعوبة بمكان التخلص منها كما هو الحال في الوقت الحاضر وبرزت هذه المعوقات خلال المصادمات المسلحة منذ وزارة علاوي واتضحت مؤخراً أكثر في البصرة ومناطق عديدة في محافظات الجنوب وفي بغداد بالأخص مدينة الصدر ودلت هذه الأحداث مدى استخفاف القوى المهيمنة على القرار السياسي بمصالح المواطنين الرازخين تحت هيمنة المليشيات المسلحة عندما أغلقت مسامعها وأعينها أمام معالجة ظاهرة السلاح والمليشيات والمطالبة بحلها وعندما أصبحت هذه المليشيات خطرة لدرجة تهديد حلفائها السابقين بالاستيلاء أو مزاحمتها على السلطة والقرار وظهر كصراع نفوذ تحركت ولكن بعد فوات الأوان مخلفة وراءها مئات الضحايا من الأبرياء وخراب ودمار للكثير من البنى التحتية ولو استمعت منذ البداية لأصوات التعقل والمنطق واستجابت للمطالبة الشعبية بحل المليشيات وإنهاء المظاهر المسلحة وتسليم السلاح ووفق برنامج عملي وطني غايته منفعة البلاد لكانت الأضرار اقل بكثير مما هو الحاصل الآن، وعلى الرغم من كل ذلك يبقى الحل السياسي عبر الحوار الموضوعي الهادف لحل المليشيات المسلحة وتقديم مرتكبي الجرائم للمحاكم وليس الانتقام منهم بشكل مباشر ضرورة ملحة لعودة النازحين إلى دورهم وتعويضهم ولتأمين حياة المواطنين واستتباب الأمن وفرض القانون والالتفاف لحل مشاكل البلاد وفي مقدمتها المعاناة من البطالة والفقر وارتفاع أسعار المواد الضرورية وتدني الرواتب والاجور وسوء الخدمات والسكن وفي مجال الصحة والتعليم.

ويبقى السؤال الملح يحاصرنا ـــ هل الاتفاق الأخير بين حكومة المالكي والتيار الصدري لإنهاء ألازمة سيؤدي إلى تنفيذ المطلب الشعبي بحل المليشيات وتسليم السلاح ليس للتيار الصدري فحسب بل جميع المليشيات الطائفية والإرهابية أم انه نقطة إلى بداية المشوار لتضميد الجراح وإعادة الترتيبات لخوض جولة أخرى من الدماء والفوضى على حساب الأبرياء؟.






 


 

Counters