| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الثلاثاء 12/8/ 2008



الحرب الجديدة وزرع الكراهية بين الشعوب

مصطفى محمد غريب

الحروب التي اشتعلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق الذي لم يصمد أمام يلتسن عندما صعد على متن دبابة وأعلن تفكيكه ففكك بسرعة البرق نتيجة طبيعية للتحولات والاصطفافات في الجمهوريات السابقة التي كانت تؤلف الاتحاد السوفيتي ولم يقتصر الاصطفاف على هذه الجمهوريات فقد سبقتها دول أوربا الشرقية التي كانت في حلف سياسيي وأيديولوجي مع موسكو وهكذا تقسم هذا العالم الموحد سابقاً نسبياً إلى مواقف واتجاهات لكن التقسيم والاتجاهات ارتأت بالرأسمالية طريقاً والانضمام إلى حلف الناتو أو الأمم الأوربية وسوقها المشترك وراح البعض منها يعرض أراضيه الوطنية لقواعد تدعى مضادات الصواريخ البعيدة والمتوسطة المدى وكل ذلك حسب تصريحات بعض الرؤساء والمسؤولين في هذه الدول من اجل الديمقراطية الجديدة المضادة للأوضاع السابقة التي كانت تحجب الديمقراطية التي يتمتع بها الغرب وأمريكا ولن نجري مقارنات ما بين الحال السابق والحال الجديد حتى لا نتهم بالجمود العقائدي أو العقلية الشمولية لكننا نتجه إلى قضية من اخطر القضايا التي تجابه البشرية وهي الحرب وأدواتها من الأسلحة الفتاكة التي وضعت على ما يبدو ليس من اجل الدفاع عن النفس بل من اجل الحروب الخارجية والداخلية ضد الشعوب أحياناً.

الحرب الجديدة بين جورجيا وروسيا مسألة طبيعية بين نهج النظامين الجورجي والروسي الرأسماليين وهما بالتأكيد يحملان سمة العدوان والهيمنة كطبيعة ملازمة للأنظمة الرأسمالية التي يهمها الربح والاستغلال بالدرجة الأولى ، هذه الحرب التي خطط لها منذ زمن ووفق بيانات سابقة تذكرنا بالحرب العالمية الثانية بين شعوب الاتحاد السوفيتي وبين ألمانيا الرأسمالية النازية وكيف قامت تلك الشعوب المتآخية بالدفاع عن أوطانها وقدمت أكثر من عشرين مليون شهيداً للدفاع عن شرف الوطن لا بل مضت لتحرير العديد من الشعوب والبلدان من براثن النازية العنصرية ولم تفكر في ذلك الوقت عندما قدمت تلك التضحيات الهائلة بان يوماً سيأتي لتقاتل بعضها البعض وتصبح عدو تاريخي كما يدعي الرؤساء لكن المسألة غاية في البساطة فقد انتقلت العقليات الديمقراطية الجديدة إلى ضرورة استغلال الوقت لحساب جيوب المئات والإثراء السريع والاستفادة من الأوضاع الجديدة تحت راية تطبيق الديمقراطية الغربية البريئة منهم والدعوى للحفاظ على شرف الوطن حتى لو أبيد نصف الشعب وبدلاً من منح الحقوق القومية لبعض القوميات والشعوب فان شرف الوطن يتدخل لذبح هذه القوميات والشعوب وبحجة عدم العودة للشمولية التي نحن أيضاً بالضد منها وبحجج اوسيتيا الجنوبية أو أية بقعة أخرى فقد قامت القوات الجورجية بالهجوم على عاصمتها وحررت الجزء الكبير منها مما أدى إلى قتل العشرات من المواطنين المدنيين الأبرياء حيث قدرت بـ 1500 قتيل ونزوح الآلاف من ديارهم والذين لا دخل لهم بالمصالح المتضاربة بين الفرقاء وبما أن الأمر يهم هذه المرة شرف القدرة العدوانية لدى روسيا فتحركت العقلية البوتينية بالطائرات والدبابات وقصف " العامي شامي " لبعض المدن الجورجية حتى تدمير مرفأ بوتي على بحر قزوين وحشد حوالي 10 آلاف عسكري أضافي وفرضت سفنها الحربية حصاراً بحرياً وبعد هذا الخراب والدمار والقتلى والنازحين سحبت جورجيا قواتها العسكرية من اوسيتيا الجنوبية وادعت أنها " لم تكن هزيمة عسكرية ولله الحمد لم تقل انتصاراً" لكن الذي يتابع الموازنة العسكرية بين الطرفين سيجد الجواب سريعاً بأنها هزيمة عسكرية لكن الحكام على شاكلة المقدام صدام يعتبرون الهزيمة انتصاراً، انه نزاع السيطرة بالقوة ورسم خارطة للحدود جديدة حسب تقديرات بوتين حول الوحدة الترابية لجورجيا " تعرضت لضربة قاضية " وهي إشارة على تعقيد الوضع أكثر من السابق حيث لن تفكر اوسيتيا الجنوبية للاندماج مع باقي أجزاء جورجيا أي انفصالها بتشجيع النظام الروسي في الوقت الذي نسى بوتين وحكام روسيا ما فعلوا بالشيشان وشعبها وتدمير عاصمتها المشابه إلى تدمير المدن الروسية التي تعرضت للغزو الألماني النازي.

بعدما نَظّرَ المنظرون السوفيت حول الوحدة التاريخية الأخوية بين شعوب الاتحاد السوفيتي والصداقة العميقة الأممية بين الدول الاشتراكية واعتبروها واحدة من الأزليات الباقية عاد لها المنظرون الجدد الروس والجورجيين وغيرهم وقلبوها على رأسها وبدءوا بزرع الكراهية والحقد والتربص بالبعض وصوروا الجميع أعداء فيما بينهم ، أنها الرأسمالية الجديدة التي تريد أن تبلع الجميع بدون استثناء حتى لو كان ذلك بالحرب المدمرة التي نحن بالضد منها وليس للمقارنة بين الماضي والحاضر لكن لتحديد مفهوم السلم والحرب والأسباب التي تكن خلفهما فإذا نظرنا إلى الماضي وان كانت لدينا ملاحظات عليه لوجدنا أن هذه الشعوب كانت تتعايش بشكل سلمي وبدون شعور بالكراهية والتحريض على الحرب ولكن الحاضر يشير أن الكثير من المشاكل والتعقيدات وجدت نتيجة سياسة الحكومات الجديدة وتوجهاتها ضاربة بعرض الحائط ما كانت تدعيه حول الديمقراطية والرفاهية والحريات الشخصية والعامة وبالضد من الأحلاف العسكرية .




 


 

free web counter