| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأثنين 12/7/ 2010



الرابع عشر من تموز التغيير والجلسة الدستورية

مصطفى محمد غريب

عندما حدد يوم 14 تموز آخر موعد للفترة الدستورية لاجتماع مجلس النواب انبرى عباس البياتي القيادي في ائتلاف دولة القانون قائلاً أو في محض رده على البعض من الذين طالبوا باستئناف جلسات المجلس النيابي قبل هذا التاريخ " أن 14 تموز ليس باليوم المقدس وممكن التأجيل " وعاد في يوم 7 تموز الحالي بعدما أعلن عن تاريخ 14 تموز آخر يوم لانعقاد المجلس النيابي ومن الضروري عقد الجلسة قبله كي لا يكون خرق دستوري ، صرح عزة الشابندر القيادي في ائتلاف القانون ليؤكد " أن يوم 13 تموز( لأن الموعد النهائي 14 تموز الجاري) ليس موعداً مقدساً ومن الجائز تمديده " وهما أي السيد عباس والسيد عزة يعتقدان في ردهما كما نرى أن لا أهمية لما نص عليه الدستور في المادة ( 54 ) تحدد بـ ( 15 ) يوماً بعد المصادقة على نتائج الانتخابات والمدة الزمنية المحددة وفق المادة المذكورة تنتهي في 14 تموز الجاري، ولا لرأي الناخبين العراقيين الذين أدلوا بأصواتهم من اجل التغيير الذي كانوا ينتظرونه وفي مقدمته عقد جلسة البرلمان وانتخاب رئاسته ورئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء الجديد بتشكيل الحكومة التي تستطيع القيام بالمهام التي تحتاج إلى جهود غير قليلة والالتفات إلى مشاكل الجماهير ومعالجة أوضاعهم الأمنية والمعيشية.

أن الأمل على ما يبدو بات ضعيفاً في استئناف البرلمان الجديد جلسته الثانية المفتوحة كما قيل عنها، أما إذا حدثت المعجزة واجتمع فذلك شيء آخر ولن نستبق الأحداث سيكون الأمر سيان، اجتمع لم يجتمع، لم يجتمع واجتمع ونستشهد بعضو الاتحاد الكردستاني محمود عثمان عندما صرح " ان الجلسة لن تعقد في موعدها وان عقدت فلن تتوصل الأطراف السياسية لإتفاق " يعني بالقلم العريض ( تيتي تيتي مثلما رحتي جيتي ) وإذا توصلت فسوف تكون المحاصصة بشكل آخر جوهرها واحد وسوف نرى!.

هذه التصريحات وغيرها بخصوص تموز وتواريخه نشطت ذاكرتنا بثورة ( 14 تموز 1958 ) هذا التاريخ الذي انبثق بفعل إرادة شعبية ظلت تتراكم سنين عدة، والتراكم لا بد أن ينتج تغيير ونوع جديد على المستوى الخاص أو العام، فكل تراكم لا يمكن استمراره على النمط القديم ومن نتائجه انبثاق علاقات جديدة أو كيفية جديدة وهذا الترابط الديالكتيكي بينهما يجعلنا نفهم لماذا جرى التغيير في 14 تموز وبخاصة إذا ما رصدنا سلسلة التراكمات الاحتجاجية والانتفاضات الشعبية التي أدت إلى تحول " التغيرات الكمية إلى كيفية وبالعكس " إلا أن انحسار تأثير 14 تموز ومراوحته والتآمر الداخلي والخارجي جعلت عملية التغيير لاستكمال مراحل التحرير ليس السياسي فحسب بل الاقتصادي تتوقف وتتراجع بأثر رجعي يخضع للتفسير نفسه ولكن بالعكس " الكيفية إلى الكمية " وهلم جرا ولهذا يعتبر 14 تموز يوماً مؤثراً في تاريخ العراق الحديث ويكاد أن يكون مقدساً عند البعض ولهذا قال العديد أن عباس البياتي وصاحبه الشابندر أن ما صرحا به هو استفزاز يحمل وجهين :
1 - استفزاز مشاعر أكثرية الشعب باعتبار هذا اليوم يوم عادي
2 - عدم اكتراثهم بمشاعر العراقيين الذين صوتوا لهم وهم يمنون النفس بالاستقرار ولقمة العيش الكريمة .

ثورة 14 تموز 1958
ان ثورة 14 تموز ليس مجرد إنجازات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية فقط إنما هي تحول في عقلية أكثرية العراقيين وبخاصة الطبقات والفئات الشعبية ، 14 تموز حدث أنهى حقبة لنظام سياسي وأقام نظاماً يختلف شكلاً وجوهراً عن السابق، ولهذا كانت الجماهير في البداية الدرع الذي حافظ على الجمهورية الفتية ووقفت هذه الجماهير إلى جانبها وحملت السلاح للدفاع عنها، وكان لا بد من التوجه التآمري المنظم لخلق مطبات أمام وعي التضامن والتأييد للجمهورية فبدأت.

الأول ــ العمل على عزل المرحوم عبد الكريم قاسم عن الجماهير لكي يسهل التخلص من شخص الزعيم ومن النهج التحرري وتأثيره على المنطقة وهذا لا يمكن إلا بتنشيط العمل التآمري المضاد والإعلامي الوسخ لتشويه القوى المساندة للجمهورية.

الثاني ــ عرقلة التوجهات التي تهدف إلى تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية الخارجية بعد إصدار قانون 80 حول الأراضي غير المستثمرة في مجال النفط، وقانون الأحوال الشخصية التقدمي، وتفريغ قرارات الإصلاح الزراعي من محتواها لصالح كبار المزارعين والإقطاعيين عن طريق محاولات الانقلاب العسكري الذي بدأ بمحاولة عبد الوهاب الشواف

الثالث ــ إيقاف المد الجماهيري الثوري المطالب بالحريات والديمقراطية وتأسيس الأحزاب.

الرابع ــ ضرب القوى الديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي وتحجيم دورها

الخامس ــ إفساح مجال العمل للقوى المتحالفة من قوميين وحزب البعث وبقايا النظام الملكي والرجعيين والإقطاعيين وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم من قبل القوى الاستعمارية وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والعربية وفي مقدمتهم الجمهورية العربية المتحدة.

السادس : إفراغ الجيش من الضباط الديمقراطيين والشيوعيين والمخلصين وتعيين ضباط معادين للجمهورية وقسماً منهم محسوبين على القوى التي تآمرت على الجمهورية التي شملها شعار المرحوم عبد الكريم قاسم " عفا الله عمى سلف " لكنهم لم يعفوا عندما قاموا باغتياله واغتيال الضباط الأحرار بدون شرف ولا أخلاق وبدون محاكمة أصولية.

قد يقول القائل ليس هناك ارتباط مابين ما حدث لـ 14 تموز 1958 بعدما نجح انقلاب 8 شباط الدموي حيث كانت حمامات الدم والمسالخ البشرية وفي مقدمتها مسلخ قصر النهاية السيئ الصيت والظروف الحالية التي تتشابه في نهج قتل العراقيين، لكن القتلة هو أنفسهم وان تغيرت أسمائهم وأشكالهم فهم ورثة الماضي الأسود في انقلابهم الأول وانقلابهم الثاني ومنظماتهم التكفيرية والمليشياوية، والمتتبع للتاريخ والمدقق فيه سيجد أن مجرد ذكر 14 تموز يثير حقد الحاقدين ويعتبرونه يوماً عادياً حتى وان قيل أن الفترة الدستورية تشير إلى استئناف جلسات الدستور.

إن هذا اليوم هو الخط الأخير ليصبح بعد ذلك خرقاً للدستور مثلما قال النائب عن ائتلاف دولة القانون حسين الاسدي " أن الفشل في استئناف جلسات البرلمان سيدخل العملية بمصير مجهول" وهنا من نصدق عباس البياتي وعزة الشابندر أم السيد حسين الاسدي والثلاثة من إئتلاف القانون!!. ومثلما كان الخط الأخير لتلك القوى المسعورة داخلياً وخارجياً وتَصَوروا ( وهو تصور مريض) أنهم أجهزوا عليه وانتهى تاريخياً لكنهم لم يعوا حقيقة انه سيخرج عليهم في عقول الأجيال ليلقنهم درساً في الوطنية، والتاريخ هو الفيصل الحاد الذي لا يمكن ثلمه بفأس من خشب.





 




 

free web counter