| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأثنين 11/5/ 2009



التعداد السكاني على أساس المواطنة وكلا ثم كلا للطائفية

مصطفى محمد غريب

أن بناء دولة متحضرة على قاعدة الوحدة الوطنية يحتاج إلى تفهم حقيقي لقضية المواطنة دون غيرها من تسميات طائفية وقومية وعرقية بحجة بناء هذه الوحدة ومن الواجب بل أولى المهمات التي تقع على عاتق المجلس النيابي قبل غيره الاهتمام بهذه الفكرة لكي لا يكون كحصان طروادة يعبر من خلاله الطائفيون والقوميون والذين يحاولون دق إسفين بين مكونات الشعب العراقي بحجة تمرير حقول في استمارة التعداد السكاني غريبة عن روح المواطنة مثل حقل القومية والطائفية والمذهب وهو ما يشكل خطراً حقيقياً على الوحدة الوطنية لأنه توجه قد يُرسخ المحاصصة الطائفية ويكون أساساً لتفرقة الشعب العراقي برمته وبالتالي يدفع البلاد إلى متاهات التطاحن والتمزيق وعدم الاستقرار قد يغير وجه العراق من بلد التآخي القومي والديني والعرقي إلى بلد متناقض ومختلف وتناحري وعلى ما يبدو أن هناك جهات مستفيدة من وجود هذه الحقول في التعداد السكاني المزمع تحقيقه خلال تشرين الثاني 2009 تحاول تثبيتها لادعاء أنها ستكون داعمة لوجودها وبالضد كما صرح النائب التركماني في البرلمان العراقي ( أركيج) " من المزورين الذين يحاولون تهميشنا* " وقد قدمت هذه الجهات طلبات بخصوص ذلك أشار لها المتحدث باسم الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات الجهة التي ستشرف على إجراء التعداد " أن الجهاز تلقى العديد من الطلبات والدعوات بعدم حذف هذه الحقول" هذه المطالبات والدعوات تتناقض مع روح المواطنة والاستقرار لأن تحقيق التعداد السكاني بشكل صحصح وعلى أسس المواطنة يعتبر مهماً في جميع البلدان المتقدمة والتي تسعى إلى وضع خطط علمية وواقعية من أجل التنمية البشرية، والاقتصادية والصناعية والزراعية ويجب أن تكون بعيدة عن أهداف سياسية نفعية ولقد تزامن مع هذه الطلبات طلبات تدعو حذف المادة ( 140) من الدستور كما جاء على لسان رئيس الجبهة للحوار الوطني صالح المطلك " إن وضع المادة ( 140 ) في الدستور خطأ، لأن كركوك جزء من العراق، وليست جزءاً من إقليم يريد الانفصال" كأنما هناك انفصال حقيقي وهو قول مخالف للحقيقة لأن جميع الخطابات التي تبنتها أكثرية القوى الكردية وحكومة الإقليم لم تدعوا إلى الانفصال بل العكس أكدت على وحدة العراق من خلال إقامة الفيدرالية المنصوص عليها في الدستور لكنهم يسعون إلى هدف آخر وهو معلن في خطاباتهم السياسية والذي يدعو إلى نقض الدستور والعودة إلى النظام المركزي والقائد الضرورة لأنه النظام الأوحد وترك النظام الاتحادي وهذا ما يخص التعداد السكاني القادم حيث تبذل مساعي حثيثة للوصول إلى حل قانوني وحقوقي لقضية كركوك البعض من هذه المساعي يضع العصا في العجلة ويرفض اعتماد تعداد 1957 ويريد أن يفرض أهدافه التي تجعل من كركوك وكأنها محافظة في المريخ وهو يدعو إلى فصلها عن منطقة كردستان العراق بحجة وجود العرب والتركمان فيها ويطالب بدعم حقوقهما لكنه في الوقت نفسه يتغاضى عن حقوق الكرد والكلدو آشوري وغيرهم من مكونات الشعب والحجة نفسها أنهم لا يريدون ضمها إلى الانفصاليين الكرد وكأن الانفصال واقع ومحدد بوقت قريب جداً وهم بهذه التهم يحاولون بث روح التفرقة وزيادة الخلافات وزرع عدم الثقة ما بين الحكومة العراقية وحكومة الإقليم بدلاً من تشجيع روحية الحوار والنقاش والتفاهم وحل المشاكل المتعلقة بالطرق الاعتيادية وتقريب وجهات النظر في العديد من القضايا وليس المادة ( 140 ) وقضية كركوك فقط فهناك العديد من القضايا العالقة مثل قانون الأحوال المدنية وقانون النفط والغاز وقوانين أخرى ستحيلها لجنة تعديل الدستور إلى البرلمان ، هذه التوجهات المغرضة المعادية للاستقرار والسلم الاجتماعي تلتقي مع فكرة احتواء استمارة التعداد السكاني على الطائفية والقومية والمذهب لأنهما يهدفان إلى عدم الاستقرار والتوجه لبناء الدولة الاتحادية على قاعدة المواطنة وإن اختلفت الأساليب والطرق، وهنا نرى مثلاً أن تكتب للعربي والكردي والتركماني والقوميات والأعراق في استمارة التعداد السكاني :

ـــ عربي ـ مسلم ـ سني
ـــ عربي ـ مسلم ـ شيعي
ـــ كردي ـ مسلم ـ سني
ـــ كردي ـ مسلم ـ شيعي
ـــ تركماني مسلم ـ سني أو شيعي
ـــ كلداني أو آشوري، أرمني ـ كاثوليكي ـ أو ارثدوكسي ـ أو بروتستانت

كما يخص هذا التعداد ألتقسيمي الأزيديين والمندائين والكاكائين والشبك وغيرهم ولا نعرف ماذا سيكون الحال بالنسبة للذين خارج هذه الخارطة التقسيمية وفي هذه الحالة لا توجد حاجة لحقل عراقي أو لا تكتب كلمة عراقي في التعداد السكاني الذي يطالب فيه البعض من القوى التي لا تحب الخير للعراقيين والعراق، فليتصور المرء النكبة التي سيصاب بها العراق والشعب العراقي وليقارن بينه وبين البلدان الأخرى المتطورة التي تحمل صفات التلوين في مجتمعاتها وعندئذ سيجد الصورة التي يسعى لها هؤلاء، صورة التقسيم البغيض للمجتمع ووضع حدود بين مكوناته وجعلها متخندقة أما أن تتحين الفرص أو مدافعة عن نفسها والمستفيد الأول والأخير القادة السياسيين الطائفيين والقومجية المتطرفين وغلاة الفكر السلفي والأصولي الذين يقودون هذا التوجه وهذا التمزق وليتصور المواطن المخلص أن يكون في بلد عاشت فيها هذه المكونات منذ مئات السنين بشكل مسالم ومتآخي يصبح بين ليلة وضحاها بعد مثل هذا التعداد السكاني إذا تحقق إلى شعب متناحر وربما تقسم حتى مناطقه الجغرافية والسكنية أما طائفيا أو دينياً أو قومياً وعند ذلك يتسنى لهم الوصول إلى هدفهم الشرير، إن الصراع الدائر بين القوى الوطنية الهادفة بناء دولة الوحدة الوطنية وبين القوى الظلامية والرجعية التي تهدف بناء دولة على نمط ديني طائفي عبارة عن خط فاصل ما بين التقدم والازدهار وبين التخلف والنكوص ولهذا يجب إن تتوحد الطاقات الوطنية الخيرة وتتضامن من أجل تفويت الفرصة على قوى الردة المتخلفة المعادية لأبسط الحقوق الإنسانية وجعل يوم التعداد السكاني مناسبة لتثبت مبدأ المواطنة والمساواة بين جميع أطياف الشعب وفق الدستور والقانون والدولة المدنية الديمقراطية التعددية



 


 

free web counter