| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الأثنين 11/7/ 2011

 

تعمق الخلافات بين أقطاب السلطة الإيرانية

مصطفى محمد غريب

بدأت العديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية فضلاً عن البعض من وسائل الإعلام تتحدث عن وجود خلافات ليست وليدة الإفصاح عنها بل هي خلافات كانت جنينية ثم توسعت وتعمقت بمرور الزمن بين المرشد الأعلى علي خامنئي وحلفائه وبين رئيس الجمهورية احمدي نجاد ورهطه، هذه الخلافات التي كنا نتوقعها بين هذين القطبين هي خلافات ليست من اجل الإصلاح واعتماد الحريات المدنية بل أنها خلافات على الاستقطاب والهيمنة على القرار وهي معركة أطلت برأسها بعد عدة إجراءات اتخذها خامنئي لحصار احمدي نجاد وبمساعدة حليفه وأداته القوية والقمعية الحرس الثوري الذي أشيع في أكثر من مكان بان الفساد أصبح ذو رائحة تزكم الأنوف في هذه المؤسسة العسكرية التي سيطرت على أكثرية القطاعات الاقتصادية الإيرانية ولها أدوات تمتد إلى خارج الحدود الإيرانية ومنها العراق وسوريا ولبنان والبحرين ودول أخرى، وكشف مؤخراً أن هذه المؤسسة العسكرية قد سيطرت على معظم الشركات والمؤسسات المشمولة بالعقوبات لأنها مرتبطة بالنظام الإيراني المشمول الأول بالعقوبات الدولية، إن الخلافات بين هذين القطبين مسالة طبيعية في نظام شمولي يستغل الدين والطائفة ولا يحترم حقوق الإنسان ويُنكر على الآخرين حقوقهم في معتقداتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية والقومية ويُخضع الجميع إلى بدعة ولاية الفقيه الذي تخدع وعي المسلمين في إيران وغيرها، بأن هذه الولاية هي بداية لظهور الإمام المهدي ،وبما أن الخلاف يتركز حول هذه النقطة بالذات وكيفية معالجتها في ظهور التباين في الآراء حول الاقتصاد والقضايا الاجتماعية والسياسية يؤدي حتما إلى انشقاق في قمة القيادة السياسية والدينية وقد يكون الانشقاق في بدايته غير واضح للعيان وللتحليل لكنه سرعان ما يتوسع كلما ازدادت المهمات تعقيداً وأصبح الشارع يتحرك باتجاه مغاير رافضاً الدعوات بالطاعة ،أو شعارات غالبيتها التأثير في وعي المواطنين وبخاصة قضايا الدين وتحشيدهم خلفها وإلهائهم عن حقوقهم تحت تأثير التخدير الطائفي الذي لا يرتبط بالتعاليم الإسلامية وحقوقهم المشروعة.
إن عمق الخلافات بين احمدي نجاد والمرشد الأعلى علي خامنئي وحرسه الثوري ورهط المحافظين لا يعني بين الإصلاح أو اللإصلاح بل ابتعاد الأخير عن معلمه الروحي وأيضاً في ما يدور من أنشطة مريبة يقوم بها الحرس الثوري لجني الأرباح غير المشروعة ومنها استغلال المرافئ الخاصة وعدم دفع التعريفة الكمركية لبضائع بمليارات الدولارات فضلاً استعمالها لأغراض التهريب حيث أشار احمدي نجاد بصريح العبارة " أن سوقها من الكبر بحيث لم تكتف باجتذاب المجرمين الدوليين وحدهم، وإنما المهرّبين من أخوتنا أيضاً "وصحيح أنه لحد الآن لم يشر احمدي نجاد بشكل مباشر إلى الحرس الثوري أو أية أسماء معينة لكن المتابعين يجدون في لغته التنديدية والتهديدية بأنها تخص هذا الحرس الذي أصبح دولة داخل الدولة تتحكم في الكثير من القضايا بما فيها القضايا السياسية والاقتصادية، لقد كانت اتهامات احمدي نجاد عبارة عن قنبلة موقوتة كانت تنتظر لحظات الانفجار بسبب الغيظ الذي اجتاح صدره وبالتجاوز على البعض من رموزه وجماعته في الحكومة وعقب تنديده و اتهامه قال نافياً قائد قوات النخبة محمد على جعفري بان مرافئ قواته " لم تشهد أي أنشطة فاسدة أو مشبوهة " مما عزز الاتهام باعتبار هذا التصريح عبارة عن خوف من كشف الحقائق أمام الشعب الإيراني وفي احتمال آخر أن احمدي نجاد لم يذكر اسم الحرس الثوري أو أي اسم من قيادته مما أكد على تطور الصراع ليس بين احمدي نجاد والحرس الثوري فحسب بل بينه وبين المرشد الأعلى علي خامنئي أيضاَ، وقد طال هذا الصراع البعض من مقربين رئيس الجمهورية حيث القيَ القبض عليهم وأقيل البعض منهم من وظائفهم وقد تستمر محاولات تقليم أظافر رئيس الجمهورية باعتقالات جديدة وإعفاءات عن الوظائف في أجهزة الدولة ولا يخلو الأمر من بدعة أطلقت بالضد من الذين يقفون إلى جانبه متهمينهم" بتجاوز السلطات الدينية التي يتمتع بها خامنئي وصحبه أو تهمة الليبرالية ومعاداة الإسلام ومهادنة الصهيونية " إلا أن احمدي نجاد لم يبق صامتاً على الرغم من اعتزاله قبل فترة لمدة اسبوعين بسبب عدم الموافقة على إعفاء احد الشخصيات المدعومة من قبل المرشد الأعلى الذي لم يوقع على الإعفاء وأعاده إلى موقعه المسؤول على الرغم من انف احمدي نجاد الذي حاول مراوغة الأمر في مؤتمره الصحفي الأخير بالقول " واجبي يفرض علي الدفاع عن مجلس الوزراء، الذي اعتبره خطاً أحمر، ولن اسمح بالتعدي عليه وتجاوزه "
أمام هذا الخلاف الذي تطور إلى العلن فهناك الأزمة الداخلية التي يعيشها النظام مع المعارضة والشعوب الإيرانية التي تتوسع وتتطور وتُطور إمكانياتها وأساليبها وباعتقادنا أنها تنتظر الفرصة المناسبة التي ستخرج إلى الشارع وقد يكون خريفاً للنظام الإيراني الذي أصبح في موقف لا يحسد عليه أمام جملة من القضايا داخلياً وهذا أمر معروف بدءً من حجب الحريات ومعاداة الديمقراطية وعدم الاعتراف بحقوق الشعوب الإيرانية، القومية والسياسية والمطلبية وإخضاعها إلى بدعة ولاية الفقيه الذي هو أمر إلزامي يعاقب من يكون ضده بأشد العقوبات بما فيها الإعدام شنقاً حتى الموت بحجة معاداة الدين الإسلامي، وبالتالي خارجياً بدءً من العقوبات الدولية بخصوص السعي لامتلاك السلاح النووي وتهديد أمن وسلام ليس المنطقة فحسب بل العالم، وانكفاء إيران بعلاقاتها مع الدول المجاورة التي بدأت هذه الدول تلمس أن سياسة النظام الإيراني وتدخله في شؤون المنطقة اجتاز خطوطاً حمراء وفي مقدمتها العراق والبحرين واليمن ولبنان ، كما أن إيران تزود حزب الله بمختلف الأسلحة المتطورة الذي يعتبر حجر عثرة أمام الوحدة اللبنانية وتوسع النزوع الطائفي وتهديد القوى اللبنانية التي تختلف مع نهجه الذي يتصرف من خلاله وكأن مواقعه مواقع تابعة لإيران حيث تمتلئ الشوارع بصور خميني وخامنئي، إضافة إلى تزويدها بالسلاح لكل الأحزاب والحركات التابعة لها وكان المفروض بالنظام الإيراني أن يتعظ ويستفيد من تجارب ما يسمى بالربيع العربي الذي هز المنطقة هزاً عنيفاً ، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مما أدى إلى كنس رموزاً رئاسية ومسؤولين كبار عن مراكز السلطة كانوا إلى حد قريب يعتقدون أنهم باقين إلى الأبد وان شعوبهم راضخة لا يمكنها النهوض وقبولها بالأمر الواقع، لكن وعلى ما يظهر بأن النظام الإيراني يعتقد أن تصدير مشاكله وخلافاته إلى خارج حدود تشفيه من الأمراض الذي بدأ يصاب بها كأي نظام شمولي يعتمد على العنف والسطوة والتسلط لكبح معارضيه وهو أمر غير مقبول ومرفوض وله نتائج عكسية سرعان ما تظهر إلى العلن أكثر قوة وبأس من سابقاتها وهو أمر بديهي ومعروف ولا يمكن تجاوزه أو نكرانه أو تغطيته بالشعارات الدينية والطائفية البغيضة.

 

 

 

 

 

 


 

free web counter