| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الخميس 11/8/ 2011

 

الفساد وعمليات هروب السجناء على نمط الأفلام

مصطفى محمد غريب

الفساد.. ربما سيعترض البعض بالقول " هَمْ الفساد بالنص " نقول نعم هو الفساد البلاء الذي أشار إليه الكثير من المتابعين لأوضاع العراق والذي تنوعت أشكاله وأساليبه، ويخطأ من يظنّ انه يتركز في الاقتصاد فقط لما يجنيه من المال الحرام ومن الفوائد المادية، الفساد ينتشر بشكل سرطاني إذا لم يعالج منذ البداية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية وفي المؤسسات الأمنية وغير الأمنية وبكل صراحة في أكثرية مرافق البلاد وخير مثال ترعرع الفساد في الأجهزة الأمنية والدليل على ذلك هروب السجناء المتكرر لعتاة المجرمين الملطخة أيديهم بدماء الشعب ولولا وجود الفساد بهذا الشكل المفضوح لتمت معالجة هذا الموضوع بدون تداعيات ولا تضحيات مادية وبشرية، الفساد هو العلة والبلاء وهذه معروفة ولا يحتاج الأمر إلى " روحة للقاضي " .

لقد تكررت وقائع عمليات الهروب من السجون المنظمة وغير المنظمة ما بين الدهشة والحيرة وبين الشعور بالغضب عن هذا الانفلات الذي مرده أما المساومات أو الاختراق أو...الخ والدهشة تجرنا للاعتراف أن هناك أفلاماً صيغت وتصاغ فيها أحداث هروب السجناء تُطبق عندنا في العراق، لا نريد أن نذكر الاحتمال الأكثر إيلاماً وقهراً في هذا الأمر الذي أصبح سخرية لكل من اطلع عليه ولا سيما إن الذين يهربون وحسب المصادر الرسمية من عتاة المجرمين الإرهابيين والميليشيات المسلحة غير القانونية، هذا التكرار الذي يطل برأسه بين فترة وأخرى مخلفاً لدى الناس صدمة قوية وكأن المؤسسات الأمنية المسؤولة عن هذه السجون في وادي وما يجري من تفجيرات واغتيالات وتصفيات وجرائم يندي لها الجبين في وادي ثاني، وما يحدث في هذا السجن أو هذا الموقع كأنه خارج حدود العراق، وعند الإطلاع على سير عمليات الهروب وفضح مكنوناته ومن خلفه من فاعلين أو مساعدين تتزامن معها الاتهامات وكل واحد يكيل الاتهام للآخر، وبعد فترة زمنية يعلن أو لا يعلن على إلقاء القبض على الفارين ولا سيما أصحاب الجنايات الصغيرة أما قادة في القاعدة وفي الميليشيات الطائفية المسلحة فمصير اعتقالهم مفقود، وليس بالمصادفة أنهم يعودون لمواقعهم التنظيمية مكرمين معززين للمباشرة في الإرهاب والتفجير والقتل الطائفي والقيام بسلسلة من الاغتيالات بكاتم الصوت أو بغيره.

لقد كانت أحداث سجن الحلة وهي الأخيرة ولن تبقى الأخيرة إلى حين في الصدام المسلح ثم هروب قادة في القاعدة وقادة في ميليشيات جيش المهدي عبارة عن مسلسل جديد على نمط المسلسلات والأفلام الأمريكية التي تختص بهذه النوعية من الأحداث والاتهام المباشر وردة الفعل جاءت على لسان عدداً غير قليل من المسؤولين في وزارة العدل وحقوق الإنسان والمجلس النيابي وكانت المفاجأة على لسان إيمان الموسوي " أن وزير العدل حسن الشمري له الدور الأكبر في عملية هروب سجناء سجن الحلة " ولم تفسر النائبة المحترمة ماذا تعني " بالدور الأكبر" فبقى القراء والذين اطلعوا على تصريحها وكأنهم يضربون في البحر، وعلى ما أعلنته البعض من المصادر أن حسن الشمري الذي هو من حزب الفضلية قد غير حراس السجن ووضع عناصر جديدة من حزبه لتكريمهم وبهدف الاستفادة!! لكن كشف النقاب عن أن لجنة حقوق الإنسان توقعت قبل ذلك حدوث اضطرابات ومشاكل بسبب المعاملة غير الإنسانية وكثرة الشكاوى وقد صاحبتها اضرابات عن الطعام واعتصامات بسبب سوء المعاملة التي يتعرض لها السجناء في هذا السجن التابع لوزارة العدل، وكما قلنا أنها ليست المرة الأولى التي يندلع فيها قتال مسلح لأسباب باتت معروفة، وكان المفروض بالمسؤولين حلها بطرق قانونية أصولية بدلاً من هذه الخسائر في الأرواح والفوضى التي أصبحت تعم أكثرية مرافق البلاد، فقد أعلن عن هروب ثمانية سجناء من سجن الحلة بعد اشتباكات مسلحة قتل فيها شرطي وأربعة سجناء كما أن هناك تسعة إصابات بجروح مختلفة، وسبق وان تكررت مثل هذه الحالات عندما فرّ نحو خمسين سجين من جيش المهدي عام 2006 ثم تكررت محاولة هروب من سجن الرصافة من قبل أعضاء في القاعدة وقتل في الحادثة أربعة ضباط وستة من الشرطة وحوالي 11 سجين وفي محافظة البصرة فرّ حوالي 12 معتقلاً منتمين إلى تنظيم القاعدة حسب ما صرح به مسؤولين في البصرة، ولو أردنا تعداد حوادث الفرار حتى من معتقلات الأمريكان وفي مقدمتها فرار أربعة من قادة القاعدة من المعتقل الأمريكي ( كروبر ) قرب مطار بغداد فسوف يضيع علينا الخيط والعصفور، أما الخيط فهو الذي يربط بين هذه الحوادث وبين الذين يمسكون بأطرافه ويحركونه حسب مصالحهم وتوجهاتهم وطبعاً هم يحتلون مراكز مسؤولة بهذا الشكل أو ذاك في الدولة أو الأجهزة الأمنية، أما العصفور المراد تهريبه فهو الذي فرّ بدون أن يمسكه احد وعاد ليساهم في حمامات الدم وانقلب من عصفور إلى وحش طائر همه القتل والتدمير، وهكذا يبقى المواطن المصدوم ضائع بين من يمسك الخيط وبين من ساعد العصفور الوحش على الفرار والانطلاق في عالم الجريمة الإرهابي الميليشياوي.

ما زلنا على موقفنا بأن الفساد المالي والإداري في الدولة هو الذي يخلق المشاكل ويعرقل البناء ويدفع البلاد إلى متاهات عبر وسائله الافعوانية وإمكانياته المادية والفنية وبمساندة قاعدته المتوغلة حتى النخاع في أجهزة الدولة، وإلا لا يمكن أن يعقل المرء مثلاً أن مئات المتقاعدين السياسيين يضيعون ما بين رئاسة الوزراء والوزارة ولجان التحقيقات ورواتب الأكثرية متوقفة منذ أكثر من ( 3 ) سنوات، ويا عجباً أن لا يعرف رئيس الوزراء أو الوزير أو لجان التحقيقات كيف يعيش هؤلاء في هذه الظروف المعيشية القاسية جداً وبأي حجة؟ أن هناك تزوير للشهادات والتعيينات بينما يعلن عن قانون يعد لتمريره في البرلمان لإعفاء المزورين الحقيقيين للشهادات وأوامر التعيين وبمساندة ومساعدة من هم في الحكومة من بعض المسؤولين ومسامحتهم في وظائفهم وأماكن مسؤولياتهم وما قبضوه من المال العام الذي يعد بمليارات الدنانير العراقية، إلا يسمح مثل هذا الفساد وفي كثير من الحالات بتدبير عشرات الوسائل لتهريب المجرمين العتاة من السجناء وفق مبدأ المساومات والاتفاقات والمحسوبيات وهشاشة المسؤولية والضحية دائماً الناس الأبرياء في الشرطة أو في المجتمع العراقي؟









 

 


 

free web counter