| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الثلاثاء 10/11/ 2009



القائمة المفتوحة وترقيع القانون رقم 16 لسنة 2005

مصطفى محمد غريب

لقد أصاب الإحباط الكثير من المواطنين العراقيين والقوى السياسية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني من الترقيعات التراجعية التي أجريت على القانون رقم 16 لسنة 2005 ومع كل ما مر فإننا نعتقد أن الانتخابات النيابية القادمة ليست بنهاية الطريق إذا لم تحصل القوى الوطنية والديمقراطية ما تصبو إليه نفوس العراقيين في العدالة والتحرير بسبب سياسة إبعاد الآخر وتحجيم دوره لصالح القوى المهيمنة على السلطة، وباعتقادي انه بداية الطريق الجديد الذي يعتمد على الصوت الجماهيري الذي يجب أن تكسبه القوى الحقيقية التي تدافع عن مصالحة المشروعة، وهذا لا يعني أن تلغي الأحزاب الثورية أهدافها الاستراتيجية وسعيها من اجل النجاح والوصول بعيداً عن فكرة المؤامرة إلى مركز السلطة بهدف تحقيق مطالب ومطامح أوسع الجماهير من عمال وفلاحين ومثقفين وموظفين وكسبة وكادحين ولهذا تقع على عاتق الأحزاب الوطنية والديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي مهمات عديدة من بينها التوجه الجاد في كسب صوت الشارع العراقي من خلال الدفاع عن حقوقه وتحقيق العدالة الاجتماعية والتخلص مما لحقه خلال سنين عجاف من الإرهاب والقتل والفساد المالي والإداري وفي هذا الإطار يعني التخلص من المحاصصات التي مرت خلال أكثر من ( 6 ) أعوام هذا الأمر مرتبط بنوعية قانون الانتخابات المسكين الذي أصبح في حالة من البؤس السياسي بحجة قضية كركوك وهو أمر مضحك جداً لأنهم يتحدثون عن حلول في دائرة بيزنطية ففي الوقت الذي اشتد الخلاف بين النواب وأوجلت الجلسات وأصبح عدم الاتفاق سيد الموقف نجدهم اتفقوا فوراً وبدون منغصات على حصولهم جميعاً على جوازات دبلوماسية ليس لهم فحسب إنما أيضاً لعائلاتهم حتى بعد انتهاء الحصانة البرلمانية التي يتمتعون بها، كيف يمكن إقناع الشارع العراقي بالمفارقة ما بين مصالح النواب الذاتية وبين المصالح العامة إذا ما قورن ما بين قانوني الرواتب والمخصصات الهائلة والجوازات الدبلوماسية لمدة ثماني سنوات الذي وقعا بسرعة البرق وبين المصلحة العامة بضرورة التوقيع الذي شاب الناس لانتظارهم على قانون انتخابي ديمقراطي لا يغمط حق أي فصيل أو مُكون في تمثيل نفسه وجماهيره وفق قانون الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة ومع كل ذاك الانتظار والمساجلات والدخول في أنفاق مظلمة من الحوارات فقد صوّت على القانون مساء 8 نوفمبر 2009 الذي أقر القائمة المفتوحة وهو يعد تجاوزاً على الديمقراطية إذا ما دققت بنوده وبخاصة توزيع المقاعد الشاغرة وقضية سن الترشيح كما بقى الإجحاف بتقسيم العراق إلى عدة دوائر انتخابية، هذه الخطوة التي عدلت القانون رقم ( 16 ) لعام 2005 لم تأت من فراغ بل من خلال الصراع الطويل والحوار المستفيض مما أدى إلى تفهم جماهيرنا والكثير من القوى السياسية خطورة القائمة المغلقة وتداعياتها وأضرارها على الأوضاع في المستقبل لكن التعديل المذكور مع شديد الأسف لم يلب المطالب العادلة التي يطمح لها الشعب العراقي في المساواة دون تمييز وعلى الرغم من النواقص والثغرات التي لم تعالج وبقى البعض منها يشير بخطورة ما تترتب عليه هذه النواقص من تجاوزات مثلما حصل في انتخابات مجالس المحافظات فأن التعديلات مررت لمصلحة الكتل المستفيدة ومنها الاستيلاء على الأصوات الأخرى بالطريقة نفسها التي طبقت في انتخابات المجالس كما لاحظنا التراجع الخطير حول المقاعد التعويضية للاستحواذ عليها من قبل الكتل المتنفذة ثم هل من العقول منح (4) ملايين عراقي في الخارج 5% بينما وحسب تعداد سكان العراق لهم الحق في 15%؟ وهل من المعقول عدم التراجع من سلب أصوات الناخبين كما في انتخابات المجالس الذي بلغ عددهم أكثر من مليونين صوت؟ وخلال كل ما تقدم وضياع الكثير من الوقت ومن تداعيات ما جرى رأينا كم كانت تلك العراقيل عبارة عن زبد البحر بمجرد ملامسة الريح تذهب فقاعاته في الهواء ولم نجد تلك العراقيل الفعلية في تأخير الإقرار كما صور لنا وما سرب في وسائل الإعلام، وكانت قضية كركوك كما أشير لها من قبل البعض من النواب والمحللين السياسيين وأصحاب المصالح في الإبقاء على القانون القديم وتأجيل الانتخابات ( للعلم المسعى ما زال مستمراً حول التأجيل) هي النقطة الشكلية الأكثر خلافية بين الكتل لكن حلها الآن باعتماد سجل الناخبين سنة 2009 يتطلب توجه المواطنين إلى صناديق الاقتراع ووضع الإشارة على الأسماء المخلصة والمناضلة ذوي التاريخ النزيه والنظيف، هذه الأسماء التي أثبتت في الماضي والحاضر أنها تحمل المشروع الوطني والديمقراطي لخير الوطن وسعادة الشعب العراقي، إن عقبة كركوك التي لم تكن أساساً مشكلة حقيقية كانت محط شراء وبيع لكي تتعقد الأوضاع أكثر فأكثر وبالتالي خلق صراعات غير مبدئية والوقوف حجر عثرة أمام تطور الدولة وتخلصها من الإرهاب وخلق أجواء للبناء والتطور ثم تمرير التعديلات اللاديمقراطية على القانون (16)، لقد ظهرت مساعي القوى المهيمنة على السلطة جلياً في جعل القانون جسراً لها في احتكار السلطة مرة ثانية والعمل على إبعاد القوى السياسية الوطنية والديمقراطية عن البرلمان وهو ما تسنى لها في أقرار القانون الانتخابي الأعرج الذي أصبح نكتة في تراجع هذه القوى عن ما تطلقه حول الديمقراطية وإذا صح القول فهي ديمقراطيتهم التي تستحوذ على كل شيء ولا شيء للآخرين ومع كل ما تقدم فان التصور بقبول مثل هذا التراجع والسكوت عنه من قبل الجماهير يعد غاية في الخطورة لان ذلك التراجع سيقود إلى خلق إشكاليات غير حميدة منها انحسار نسبة المشاركين في الانتخابات القادمة أكثر من النسبة في انتخابات مجالس المحافظات وقضايا أخرى لم تكن في الحسبان.

كيف يمكن التخلص من هذه الترقيعات التي ستضر التوجه الديمقراطي وتعزز نهج الهيمنة والاستئثار والانفراد بالسلطة عن طريق قوانين ليس لها صلة بالديمقراطية؟ نعتقد أن الجماهير العراقية ومنظمات المجتمع المدني والقوى الوطنية والديمقراطية وكل الذين يهمهم تحقيق الديمقراطية شكلاَ وجوهراً وعدم التفريط بمصالح الناخبين العراقيين مدعوة للنضال ضده بمختلف الوسائل والطرق للضغط وعدم تمريره وتبقى قضية نقض المادتين الأولى والثانية من قبل مجلس الرئاسة وإعادته إلى مجلس النواب لإصلاح ذات البين وتخليص القانون من سلبياته المذكورة مما يؤدي إلى مراعاة مصالح التمثيل لمكونات الشعب العراقي ووضع المواطنة كهدف وطني سليم لسن أي قانون واتخاذ أي إجراء وهو ما يخدم التوجه الديمقراطي لبناء الدولة المدنية الديمقراطية التعددية.

 

 

free web counter