| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأربعاء 10/12/ 2008



مخاطر الصراع الخاطئ على الأوضاع السياسية في العراق

مصطفى محمد غريب

التفاؤل شيء ايجابي وجميل علينا ممارسته كمنهج حياتي مستمر عبر ثقل متاعبنا والصعوبات التي تجابهنا فليس من المنطق الاستسلام للعزلة أو اليأس والمكوث في مكان واحد إذا أردنا الوصول إلى الهدف المرسوم على الرغم من عثرات الطريق وعسر المسير ولهذا نحتاج دائماً أن نكون صادقين مع أنفسنا قبل الآخرين فالصدق مع النفس مبدأ أخلاقي قبل أن يكون اجتماعي لأنه يخلق نوعاً من الثقة والمبادرة ، يخلق آليات لتجاوز العقبات والانتقال نحو العمل الايجابي لكن المتابع في الفترة الأخيرة لما يقوم به السيد نوري المالكي وبعض الناطقين باسمه يجعل هذا التفاؤل صعباً مما يجعل المواطن في حيرة من أمره فبينما يتذكر الجميع التحالف الرباعي والاتفاقات حول المحاصصة يصعق لتصريحات وانفعالات المالكي والناطقين باسمه التي تكاد أن تكون فردية وبدون دراسة ولم تخضع لمناقشة حتى داخل مجلس الوزراء وكما في الأيام السالفة حيث الرأس يقرر والباقين ينفذون أصبحت هذه الطريقة غير الطبيعية التي لا يمكن أن تنسجم مع التوجه الحقيقي لبناء الدولة المدنية الديمقراطية لا بل تقترب من المركزة والدكتاتورية الفردية التي تلغي الآخر وهو لا يجوز دستورياً ويخالف الاتفاق على إخراج العراق من واقعه المزري والتخلص من الإرث القديم والعمل لاستكمال بناء الدولة والمجتمع على أسس قانونية واضحة بدون تمييز أو غمط حق أية مكونة للشعب لقد صعب فهم الكثيرين حول القضايا التي أثارها السيد المالكي في تصريحاته أو مؤتمراته الصحافية وبخاصة قضية تأسيس مجالس الإسناد بقيادة حزب الدعوة وهي مسألة واضحة على الرغم من الإنكار وبما أن الدستور الذي كان المالكي عضواً في إعداده يمنع تشكيل مليشيات جديدة بحجة المحافظة على الأمن فلماذا يتجاوز عليه القيادي في حزب الدعوة (علي الديب ) بادعاء أن رفض مجلس الرئاسة لدعوة رئيس الوزراء تشكيل مجالس الإسناد لا يستند إلى الدستور أليس هذا التصريح اغرب من قرار المالكي الفردي لتشكيلها فهو يطمس حقيقة ما جاء في الدستور من نص واضح عدم تشكيل مليشيات أو تجمعات مسلحة وان قيل أنها تجمعات شعبية لمساندة قوى الأمن للحفاظ على الأمن!! فإذا كان السيد المالكي حريصاً ويهدف فعلاً إلى هذا الشيء فلماذا لا تنصب الجهود لتطوير المؤسسات الأمنية عدداً وتسليحاً وإعداداً وطنيا بدون تداخل الولاءات الحزبية؟ أليس من الأفضل وهو القائل إن الدولة هي الجهة الوحيدة التي يجب أن تمتلك السلاح ولا يسمح لأي جهة بحمله والجهة التي تخرق ذلك يعرضها للمساءلة القانونية؟ ثم ألا يكفينا مليشيات جيش المهدي الذي فرخ العديد من التنظيمات المسلحة وتحت واجهة أسماء عديدة في مقدمتها المجموعات الخاصة المدربة في إيران ! ألا يكفينا التنظيمات التكفيرية الإرهابية وبقايا فلول المخابرات الصدامية وفدائي صدام التي كونت لها مراكز وتنظيمات تحت يافطات إسلامية وغير إسلامية ! إن المعارضة التي اشتد وطيسها بين المالكي وحزب الدعوة وبين المجلس الإسلامي الأعلى الذي رفض تأسيس مجالس الإسناد في المناطق الجنوبية والوسط عبارة عن نقطة تحول في وضع سياسة السيد المالكي اتجاه حتى حلفائه الذي أوصلوه لقمة السلطة أما التوجه لتشكيلها في البعض من مناطق الإقليم المختلف عليها فدلالة على خلق صراعاً آخر وصدعاً للأوضاع السياسية وبالتالي مزيداً من التفرقة والشقاق الذي سيسبب الكثير من الأعطال للعملية السياسة فهذه المناطق المتنازع عليها من الممكن أن تكون بؤرة لصراع مسلح لن يستفيد منه العراق بل العكس سوف يكون بسماراً آخراً في نعش العملية السياسية مما يزيد معاناة المواطنين أصلاً من عدم الاستقرار والأوضاع المعيشية الرديئة للغاية والغلاء الفاحش والبطالة الواسعة والفقر فضلاً عن عدم وضوح الرؤيا الذي شارك في صنعها الأحزاب الدينية الطائفية المتناحرة على السلطة والجاه والمال، أما قضية الدستور وانه كتب بعجالة فذلك يتحملها السيد المالكي مثل غيره من الذين شاركوا في كتابته وكان المفروض به أن يعترض عليه منذ البداية أو على الأقل يتريث هو وحزبه والائتلاف العراقي الموحد في كتابة الدستور ولا يستعجلوا وليكن هناك مرحلة انتقالية بدون محاصصات ومنح الخبراء القانونيين والاستشاريين مدة زمنية كافية لكتابة الدستور بعد أن تكون الأوضاع عامة بشكل أفضل مما هي عليه أثناء كتابته ونحن منذ البداية شخصنا النواقص في الدستور وطالبنا بضرورة إصلاح ما في البين ليكون دستوراَ وطنياً واضحاً يضمن حقوق جميع المواطنين العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم وأعراقهم فلماذا لم يقف السيد المالكي وحزبه والائتلاف العراقي الموحد موقفاً صحيحاً للمبادرة في الإصلاح؟ وكان حرياً بهم اتخاذ الموقف السليم من تلك النواقص أما الآن وهناك لجنة مكونة من اجل الإصلاح فذلك يعد موقفاً غريباً ومتشنجاً اتجاه الآخرين ولا سيما اتهام السيد المالكي حول عقود النفط وتبين انه تم تشكيل خمس لجان قبل تصريحاته بين الحكومة العراقية والإقليم لمعالجة المشاكل العالقة بينهم وقد وافقت الحكومة العراقية مؤخراً على تصدير النفط المستخرج من آبار وحقول زاخو وطقطق إلى الخارج وربطه بالخطوط الناقلة إلى الموانئ العالمية فما هي المشكلة؟ ولماذا هذا التهريج في الإعلام ؟ أما حول البعثات الدبلوماسية في الإقليم أليس هناك ممثليات وبعثات دبلوماسية في الجنوب والوسط ؟ هل يريد السيد المالكي تسميتها ؟ فلماذا الكيل بمكيالين مختلفين؟ أم على حد المثل الدارج " واوي حلال واوي حرام "

إن معالجات الثغرات والنواقص والأخطاء والتجاوزات وهي موجودة في الحكومة العراقية وحكومة الإقليم لا يمكن أن تكون من خلال التصريحات الإعلامية غير المسؤولة ويجب أن تمر عبر القنوات الحوارية المشتركة والهادفة وقد تكون هناك نواقص وثغرات في سياسة حكومة الإقليم وتجاوزات على صلاحيات الحكومة العراقية التي يجب أن تكون حكومة جميع العراقيين بما فيها الإقليم فمن الممكن مناقشة وإصلاح الخلل من خلال الحوار الصادق واللقاء المثمر ومنها حول واجبات وحقوق الإقليم وواجبات الحكومة الاتحادية وحقوقها في قضايا الدفاع والخارجية والمالية والنفط والتعاون الأمني بين المؤسسات الأمنية وغيرها من القضايا لكن كما أسلفنا يجب أن تكون المعالجات لردم الثغرات وإصلاح الأخطاء والتجاوزات عن طريق الاجتماعات المشتركة والوصول إلى قرارات جماعية تخدم البلاد والشعب العراقي أما توسيع دائرة التصريحات النارية الأخيرة من قبل السيد نوري المالكي والناطقين باسمه غير الموفقة دلالة عن التخلي علناً عن مبادئ الشراكة والتوافق التي بنيت عليها العملية السياسية والتهجم والإدانة واتخاذ المواقف الفردية كل ذلك يزيد من الاحتقان السياسي والاختلاف وصولاً إلى الافتراق الذي سيتضرر منه الجميع وفي مقدمتهم السيد نوري المالكي وحزبه.

 

free web counter