| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأثنين 10/3/ 2008



تداعيات الوضع الحالي ومستقبل القوى الوطنية الديمقراطية

مصطفى محمد غريب

على ما يبدو أن البحث في تداعيات الوضع العراقي والاهتمام بما يخص المشاريع الوطنية الديمقراطية وإغنائها أصبح ثانوياً بعدما كان يحتل المرتبة الأولى في كتابات ومناقشات الكثير من المثقفين والسياسيين اليساريين العراقيين وغيرهم واقصد هنا البحث عن البديل الذي يحقق طموح العراقيين وأي مشاريع وطنية تخدم للخلاص من ألازمة وتطوير الامكانات لإنجاز المهمات التي تقتضي التوجه لها دون سواها وهي تقع على كاهل المخلصين في مجالين مهمين.
1 ــ تداعيات الأوضاع على جميع الصعد ( الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، ألمعشية، الصحية، الخدمية، والأمنية)
2 ــ الاحتلال والتخلص منه وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
في هذا المضمار نجد أن المهمة التي تقع على عاتق القوى الوطنية والديمقراطية هي تحديد أهداف ومنهج المرحلة مع تزامن تحقيق وحدة هذه القوى لوضع خطة ومشروع عمل واقعي أمام أخطار الإبقاء على الاحتلال بصيغ جديدة وتكبيل الاقتصاد العراقي وجعله تابعاً غير مستقلاً، استمرار الاضطراب الأمني بأشكال مختلفة واستمرار آلية وطريقة الحكم بدلاً من التخلص منها وإيجاد آلية وطنية ونجد بعض العزاء عندما نخاطب تلك القوى العراقية بفصائلها وشخصياتها مذكرين ما كتبه فلاديمير لينين في مطلع القرن العشرين أيار 1901 ونشر في جريد الايسكرا العدد الرابع ثم بعدها طبع في كتاب منفصل أو مع موضوعات أخرى وبعبارة أوضح لسنا مطالبين إياهم باستنساخ تلك التجربة لكننا في الوقت نفسه ندعوهم للتأمل وإيجاد الآلية النضالية ووفق ظروفنا الخاصة ويكون من خلالها الدعوة لتوحيد الموقف وتوحيد الجهود فنضع أمامهم السؤال الذي طرح حينذاك والمطروح علينا في الوقت الراهن في ظروف الوضع العراقي وتداعياته مثلما يقال " ما العمل ؟ ولنقول بشكل أوضح بم نبدأ ؟
ومثلما أشار لينين " المقصود أن نعرف أي خطوات عملية يتعين علينا أن نخطوها في السبيل المعروف وبأي طريقة على وجه الضبط، إن المقصود منهج وخطة النشاط العملي"
لقد طرح هذا السؤال منذ زمن بعيد أي حوالي ( 107) عاما، وخلال مسيرة النضال العسيرة التي خاضته قوى اليسار وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي فقد كان الجواب يحدد وفق المراحل التي تعاقبت واختلفت الأجوبة ما بين العهود " الملكي، والجمهوري في 14 تموز وعهدي الأخوين عارف ثم في عهد انقلاب حزب البعث العراقي في 17 تموز 1968 وتسلط صدام حسين وقيام الدكتاتورية المعروفة " وما يهمنا في هذه المقالة المرحلة التي بدأت باحتلال وسقوط النظام البعثصدامي ولسنا بصدد استنساخ التجارب الأخرى مثلما اشرنا وبالذات خصوصية بلدنا والتطورات الاجتماعية والاقتصادية وتطور القوى المنتجة وباقي الطبقات والفئات الاجتماعية فضلاً عن تأثيرات القوى السياسية الدينية التي توسعت بشكل كبير ومدى تأثيرها على الأوضاع السياسية في العراق ، إن معرفة الخارطة الطبقية ودورها في العملية الجارية وتأثيراتها على مجمل الحياة تجعلنا نفهم موقعها من العملية النضالية ومصالحها الآنية والمستقبلية وهذا يجعلنا معرفة نوعية التحالفات والقوى الممكن التحالف معها على أساس مرحلي أو بشكل استراتيجي لمراحل وتطورات مقبلة .
ونجد قبل كل شيء أن نؤمن بتغيير آلية الحكم وإنهاء هيمنة رجال الدين والأحزاب الدينية السياسية على القرار السياسي وبشكل أوضح فصل الدين عن الدولة وفصل الدولة عن الدين ونربط هذا التوجه بعملية تخليص البلاد من الجيوش الأجنبية وتحريرها أي بكلمة صريحة إنهاء الاحتلال بأي صورة كانت، قد تكون هذه الرؤيا مفتاحاً لتحقيق الهدفين أعلاه والخروج من عنق الزجاجة واعتبارها الطريق الأقصر لاستكمال التوجه نحو تحقيق الأهداف الأخرى ومنها التخلص من الإرهاب والمليشيات الطائفية المسلحة وتحقيق المصالحة الوطنية ، البعض يشير أن الوحدة بين هذه القوى مستحيلة لا يمكن أن تقوم ويعلل بوجود يسار مرتبط وعميل وذيلي للاحتلال الأمريكي!! وطبعاً هذا الاتهام الجاهز غير المسؤول يجعل المتقولين به يفقدون الرؤيا وعدم تدقيق تطورات الأحداث المتسارعة، ويسار رافض للاحتلال وللعملية السياسية يصطف مع قاتلي شعبنا من ارهابيين ومليشيات تدار من الخارج بعيدة كل البعد عن المقاومة الوطنية بشقيها السلمي والمسلح، هذا التقسيم الساذج الذي لا يدل على استيعاب المرحلة أولا وثانياً عدم قراءة وتدقيق البرامج والمشاريع الوطنية لهذه القوى وفصلهما قسراً عن المسيرة التاريخية، هدف هذا الفصل أو القطع القسري كي يتم تشويه الوقائع وقلب الحقائق وتشويه وعي الجماهير ومحاولة لتناسي التجارب التي مرت بها البشرية، وبما أننا مرة ثانية لا نريد الاستنساخ بل نهدف إلى الاستفادة والاستشهاد ففي الحرب العالمية الثانية احتلت أكثرية بلدان أوربا وغيرها من قبل ألمانيا وايطاليا واليابان مما حدا بهذه القوى اليسارية والوطنية وبضمنهم الأحزاب الشيوعية والاشتراكية إلى مقاومة الاحتلال حتى بالسلاح وهذا أمر طبيعي لكن الظروف تغيرت عندما سقطت هذه الدول وأبدل الاحتلال باحتلال أمريكي وبريطاني فهل استمرت سياسة قوى اليسار على المنهج نفسه وقد يقول احدهم أن العراق لم يكن محتلاً من احد فنجيب وهل النظام العراقي لم يفرط بوحدة العراق وقدمه على طبق من ذهب إلى الولايات المتحدة حليفته السابقة وكذلك بريطانيا؟ ألم يتنازل النظام العراقي عن الأرض والمياه العراقية لنظام الشاه شرطي الخليج وحليف الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت قد أنشأت العديد من القواعد العسكرية على ارض إيران لتهدد امن وسلام المنطقة؟ ألم يمنح القوات التركية حق بالدخول إلى الأراضي العراقية بدون أن يحس بالمسؤولية الوطنية ؟وأين هي هذه الوحدة أمام التقسيم المعروف الذي حدث وبات النظام وجيشه وأجهزته الأمنية همها الوحيد المحافظة على كرسي الرئيس القائد؟
في أوربا وبلدان أخرى ووفق تلك المرحلة الجديدة من الاحتلال قامت قوى اليسار بتطوير برامجها ومشاريعها ومنذ أول يوم طالبت بضرورة إعادة مؤسسات الدولة وتحرير اقتصادها وخروج القوات الأجنبية ولم ترفع السلاح وقد تكلل نضالها وصراعها مع جميع القوى الوطنية بتحقيق هدف الاستقلال وخروج الجيوش الأجنبية فهل اتهمت بالعمالة للاحتلال الأمريكي أو البريطاني أو غيرهما، من هذه التجارب نستفيد ونتعلم لأنها تجارب حية وزكاها التاريخ مؤكدين أن القوى الوطنية والديمقراطية العراقية كقوى مقاومة سلمية تهدف إلى تحرير البلاد وعودة الاستقلال كاملاً بإخراج القوات الأجنبية ومنع أي تدخل من دول الجوار وبخاصة إيران وتركيا ولهذا عليها أن توحد قواها وأهدافها المرحلية مع تحديد آفاق المستقبل ليكون التعاون أوسع وأعمق انطلاقاً من تخليص البلاد من سياسة المحاصصات أيا كان شكلها واعتماد مبدأ المواطنة لجميع العراقيين بدون وضع خطوط حمراء طائفية أو قومية أو عرقية أو دينية للمناصب في الدولة من الرئيس إلى رئيس الوزراء إلى باقي الوظائف الحكومية.
إن العودة لدارسة وتدقيق المشروع الوطني الديمقراطي والاستفادة مما قدم على ارض الواقع سوف يمنحنا الكثير من الإدراك بان المهمات الوطنية لا يمكن أن تتحقق بالتمني أو الاعتماد على الاحتلال ودول الجوار أو الشتائم واتهام المخلصين للوطن بالعمالة والخيانة دون خوض الصراع المبدئي وشعور بمسؤولية تاريخية عن أية خطط تحاول بث روح التفرقة والاحتراب لكي تبقى البلاد تحت النفوذ الأجنبي ولا يتم بناء الدولة الديمقراطية الوطنية الفيدرالية  .




 


 

Counters