| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

موسى غافل الشطري

 

 

 

                                                                                    الأحد 12/6/ 2011

     

ما فحوى الإصطفافات التي تحدث في العراق

موسى غافل الشطري      

لطالما يوجع مبضع الديمقراطيين العلاجي مرضى السياسة من القادة الكبار.
ومن قبل حذرنا ووضعنا أيدينا على الجرح. و لكن المصابون بالدوار جراء غرورهم يمضون دون مبالاة في مسيرتهم المحفوفة بالمخاطر .
وهذه المخاطر ليست أخطارها وبالاً عليهم فحسب ، بل هي على الشعب العراقي الذي هو أهم من تطلعاتهم الضيقة .
و للتذكرة ـ إن نفعت ـ فعبد الكريم قاسم، امتلك قاعدة جماهيرية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً. ووقف الشيوعيون بجانبه و كل القوى الخيرة ، صاحبة المصلحة لكي تستمر ثورة تموز نحو تحقيق أهدافها ، نصحوه ، أن يضرب بيد من حديد على أعداء الثورة . و لكنه أعرض عن الاستماع إلى النصيحة . ومن حق عبد الكريم قاسم أن يصاب بالغرور. فالجماهير الواسعة قد احتضنته و أفدته بارواحها لإيمانها بأنه هو الوحيد الذي يحقق تطلعاتها ولكن : مسك رمانتين بيد واحدة لا يجوز . فلا يمكن ارضاء اعداء الشعب والشعب في آن واحد حالهم حال الأضداد .
فأعرض عن سماع تحذير الجماهير و أدار ظهره لها ليستمع إلى آراء الذين أصابهم المد الجماهيري بالرعب .

وعند محنة انقلاب 8 شباط الأسود ظلت جماهير الشعب تقاوم الردة و تقاتل إلى جانبه ، رغم التقتيل و بيان إعدام الشيوعيين ، حسب أوامر الحاكم العسكري رشيد مصلح سيء الصيت و الذي كان يعني أن جميع الواقفين الى جانب الدفاع عن ثورة 14 تموز هم شيوعيون ..
و أُعدم عبد الكريم قاسم و عُرضت مآساة قتله على التلفاز، و الجماهير لم تصدق. و ظلت تتقبل أية إشاعة تتكلم عن رؤية عبد الكريم قاسم في أحد الأماكن، فتهرع الناس إلى هناك. رغم جبروت و طغيان و قساوة أساليب قمع الانقلابيين الفاشست .
هذا هو عبد الكريم قاسم، وسط جماهير الشعب المخلصة الأمينة ، الصادقة حد النخاع ، و المضمون ولاءهم، دون ثمن مدفوع أو مؤجل .
و لنا في هذا المثل عبرة لمن يعتبر .

لقد استمرت أساليب العصابات من البعثيين و فلول القوميين الفاشيين و العصابات المنظمة و رجال الإقطاع والشقاوات و كل المتضررين من اجراءات الثورة الجذرية . و بالحيل و الأكاذيب استطاعت القوى الظلامية أن تعزل عبد الكريم قاسم عن جماهيره، وهي جماهير ترتبط به ارتباطاً مصيرياً . بل واستمرت الملاحقات بموجب الوشايات المغرضة لكي يتم تحجيم و تضييق مساحة تلك القوى التي ساندت عبد الكريم قاسم كرمز للغد الأفضل. ولكي يتم عزله عن حلفائه الحقيقيين . ثم فتح الأبواب على مصراعيها أمام العناصر المعادية ، من المتآمرين وعملاء الدول المجاورة والامبريالية . ومن تلبس بثوب حزب الاستقلال و الحزب الوطني التقدمي و غيرهما ، بغية الانفراد بعبد الكريم قاسم، الذي لم يستمع ولم يذعن للنصيحة حتى آخر يوم من حكمه . و كان ما كان من انقلاب 8 شباط الدموي، الذي جر الويلات على مدى سني العذاب الذي عاناه الشعب العراقي حتى هذا اليوم .
وحتى استطاعت أن تسحب البساط من تحت قدمي عبد الكريم قاسم والقوى التي أرادت أن تنفرد به لصالح تطلعاتها الطبقية البرجوازيه والرجعية . ومن ثم إلقاء تبعات الفساد والفلتان الأمني والسياسي على عاتق القيادة القاسمية .

ولكن الجماهير التي شخصت إخلاصه لم تتخل عنه بآلافها المؤلفة دون تردد وبقيت تقاتل وهي عزلاء وتضحي بدمائها الزكية من أجل الحفاظ على مكاسب الشعب.

إن هذا الذي نستعرضه له ما يبرره ، وربما يكون جارحاً أو مغيضاً حاله حال مبضع الجراحين الشرفاء .

فهل للسيد المالكي قاعدة جماهيرية عريقة ومجربة ومخلصة بشكل مطلق ، تدافع عن مكاسبها التي حققها لها المالكي ؟ ومن هي ؟ حتي نتأكد من أنها ستقف بكل استماتة وبسالة ضد المتآمرين .؟
و أين هي هذه القاعدة ، وأين هي المكاسب ؟

لا بد لنا أن نذكر : إن قاعدة المالكي هي قاعدة هشة غير أصيلة وغير شعبية وخيرها غير مجرب .إنما الأغلبية الساحقة هي ( لملوم ) من المنتفعين الانتهازيين الذين يتسلقون على اكتاف الآخرين ، عند توفر الظرف المناسب وعندما تحدث الكارثة فلا ضحية تتحمل العبء وتدفع الثمن الغالي ، أما هذا اللملوم فكل منهم حجاراته في عبه ومثلهم الذي يقتدون به هو على وزن ( أكلب عكرب ) ..
وعلينا جميعاً، وليس فقط ( السيد المالكي ) أن نتجرع الحقيقة المرة من أن القاعدة الواسعة التي يتربع عليها السيد المالكي هي قاعدة (كمية) أغلبيتها الساحقة غير ( نوعية ) . إرتباطاتها تتسم بمصالح ضيقة الأفق . ألأهم لها ما يعانيه الشعب ويكافح من أجله . وبعضها لها ارتباطات مشبوهة ، من قبيل الصلة مع عناصر الردة ، ومعاداة للتحولات الديمقراطية .
ولكن هذه القاعدة على نطاق واسع هي قاعدة نفعية ، لا يوجد لها مثل أعلى تدافع عنه. مثلها الأعلى هو الدولار .
وهي على استعداد أن تدخل المزايدات من أجل الإبقاء على مصالحها تحت راية ضمان الحفاظ على من هو أكثر أمانة على مكاسبها غير المشروعة .
هذه العناصر لا ضمان أكيد لاصطفافها خلف الحكومة ولو لمدة يوم واحد .
وكما وقف الشعب والجيش والأمن وحزب البعث وكل المخابرات وفدائيي صدام وكل التنشكيلات القمعية أثناء الهجوم الأمريكي على نظام صدام ، متفرجين دون خسارة رجل واحد للدفاع عن ذلك النظام الدكتاتوري المقيت. بل إن القوى الوصولية والطفيلية قد أعدت العدة قبل سقوط النظام الصدامي للنزول إلى ساحة السياسة من النافذة قبل دخولها من الباب لاحتلال المواقع المناسبة .
ما تقدم هي رؤية تستدعيها الضرورة لكي تتم المراجعة ، دون إبطاء وبشكل جاد من قبل كل القادة السياسيين . من رئيس الجمهورية ، إلى رئيس الوزراء ، الذي يتحمل ثقل المسؤولية أولاً ، إلى رئيس مجلس النواب ثم أياد علاوي والصدر والحكيم والبرزاني وسائر ذوي العلاقة الذين هم من لا عذر له ويتحملون مسؤولية تاريخية ، عما يجري من أوضاع متردية. و الإنحطاط إلى مستوى الدرك للدفاع عن حقوق و مصالح الشعب .
لا تتركوا اللعبة تجري على ايد غير نزيهة . أيد لا تمت بصلة للشعب و لقضاياه التي باتت بلا راعٍ يرعاها ..
غاية ما نريد قوله : إن القاعدة التي تعتمدها الحكومة للوقوف إلى جانبها عند الشدائد هي قاعدة هشة . إنتهازية نفعية . لا يهمهما من هو الذي يستلم الحكم من أي كان بقدر ما يهمها ضمان مصالحها .
و للأسف سيجد المالكي نفسه عند الشدائد في موقع غير مناسب ما لم يأخذ زمام المبادرة ويقرر أن لا ضمان للوضع السليم إلاّ الإصطفاف مع الشعب. وسيلاحظ في آخر المطاف حتمية انفراط المجاميع من أهل ( العشت ) وقد وقع المحذور .


 


 

free web counter