| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

متي كلو

Sabti_kallo@hotmail.com

 

 

 

الأثنين 7/9/ 2009



شاهدت .. سمعت .. قرأت من مكتبتي !
(7)

متي كلو

شاهدت
كنت ارافق ابن اخي للتسوق في مدينة يونشوبك في السويد حيث استوقفني رجل في نهاية الستينات من عمره يتحدث بلهجة شامية متقنة ، وسألني هل انت فلان ! اجبته نعم يا سيدي انا فلان ,ولكن من حضرتك اذا سمحت ! فاجابني : لم نلتقي سابقا ولكن انا عرفتك من خلال صورتك التي تصاحب بعض ما تكتب في المواقع الالكترونية! ابتسمت مستغربا وقلت له :
- احييك لدقة تفحصك للصور ومطابقتها للواقع فقاطعني قائلا :
- انا كبير السن ولكن الحمدلله ما زلت شباب في الذاكرة .
- اتمنى لك من رب العالمين العمر الطويل واغصان الصحة والسعادة تحيطك من كل جانب .
- اتمنى لك كذلك ، انا اقرأ في بعض المواقع ما تكتب ، هل اعرف ماهو انتمائك !
- انا من العراق وبالرغم من اغترابي ولكن انتمائي مازال للعراق.
- انا اقصد قوميتك !
- وهل اتضح لك مما اكتب شئ عن دفاعي عن قومية معينة !او دين او مذهب معين !!
- لا ولهذا انا اسأل !
- وانا اجبت على سؤالك ولا اكتب سوى عن هموم الوطن الجريح الذي لا زال ينزف دما .
- ولكنك احيانا تكتب عن مراكز قوى لها مال وسلطة ونفوذ وكشف بعض اجندتها وهذا انا جربته خلال ثلاثون عاما ولكن خسرت الكثير من الاصدقاء لانهم كانوا مع مراكز القوى ... قاطعته :
- هل خسرت ضميرك ومبادئك .. قاطعني على الفور :
- ابدا ابدا
- وهل ندمت على ذلك ..
- ندمت على خسارة اصدقائي .
قلت له :" ليس كل صديق صادق وليس كل صادق صديق بينما الصديق صادق صدوق"

سمعت
كعادة رجال اهل القرى في جنوب العراق ، كان الحاج زناد يقصد ديوان الشيخ يوميا حاله حال ابناء قريته الوادعة على ضفاف اهوار مدينة البصرة الجميلة ، وفي احد الايام اصيب الحاج زناد بوعكة صحية اجبرته ان يلتزم الفراش ، فطلب من ولده البالغ العشرين عاما ان يحضر ديوان الشيخ بدلا عنه وبلغه بان يعتذر للشيخ عن عدم حضوره واوصاه بالاستماع الجيد للشيخ والحاضرين وما عليه سوى انتقاء الكلمات المناسبة و ان لا يتكلم الا كلاما كبيرا وعندما تسنح له الفرصة وكرر بان يختار " كلمات جبيرة " تليق بالشيخ ورجال القرية .

حضر الولد المصون الى الديوان واخبر الشيخ بالوعكة الصحية التي المت بالوالد وانه جاء بالنيابة عنه ، رحب به الشيخ وتمنى للحاج زناد الشفاء العاجل والعودة سريعا الى الديوان ، وظل يستمع الى الحاضرين وهم يتطرقون الى شؤون القرية ، وفي اول ما سنحت له الفرصة للتكلم نطق بكلمة " فيل " وسكت ، وبعدها بفترة وجيزة قال للشيخ هل تسمح لي فاجابه تفضل يا ولدي :
- جمل وجاموسة !!
وبعد كل كلمة تتجه الانظار اليه الى ان انفض مجلس الشيخ وكل واحد ذهب الى داره توجه الولد المصون الى داره ايضا ، وكان والده بانتظاره بفارغ الصبر مستفسرا عن المواضيع التي طرحت في الديوان وهل تكلمت كما اوصيتك ياولدي ! اجاب ، نعم يا والدي طرحت عدة مواضيع منها عن موسم زراعة " الشلب " والمدرسة الابتدائية وشراء المولدات الكهربائية ، ففرح الاب للمواضيع التي طرحت ثم التفت الى ولده مستفسرا وهل تكلمت بكلمات كبيرة كما اوصيتك ! اجاب الولد نعم يا ابي انا عند حسن ظنك وكنت اختار الكلمات الكبيرة وكانت انظار الشيخ والحاضرين تتجه الي وهم مندهشون من كلامي المقتضب و الكبير !
قال الاب : " عفية ابني صرت رجال " وهل اعلم مثل ماذا قلت !
قالت الولد المصون : كما قلت يا والدي " كلمات جبيرة " مثل " فيل وجمل وجاموسة و .." وهنا صرخ الاب وقال كفى وندب حظه بولي عهده !!

قرأت
من " الهجرة نحو الامس " عبدالستار ناصر – الدار العربية للعلوم – الطبعة الثالثة 2008
" اعرف بأنني أقفز من فكرة الى فكرة ، ذلك أنني مزحوم بما اريد قوله ، وافكاري تبدو مشوشة حينا ، لكنها في اخر المطاف لا بد أن ترسو عند الشاطئ بعد ان طال بها المشوار في هذا المحيط الشاسع البعيد ، وقد ادهشتني طبيعة ما نحن فيه من خدع طريفة وكتابات خادعة حتى اوشكنا ان نصدق الكثير منه .
ولعل اخطر ما قاله المفكر الفرنسي ( جان جاك روسو ) في اعترافاته الباهرة هو " ان الرجل الحر هو الذي يفكر بعقله لا بعقل غيره "
 


 

free web counter