| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

متي كلو

Sabti_kallo@hotmail.com

 

 

 

السبت 6/2/ 2010



شاهدت .. سمعت .. قرات من مكتبتي
(13)

متي كلو

شاهدت
بعد انتهاء اللقاء الشهري للهيئة الادارية لاحدى المؤسسات الاجتماعية ، اقترح احد الاعضاء بان احد ابناء الجالية قد حدث له حادث استطدام ، وتسبب له بعض الرضوض فلابد ان نقوم بزيارته والاطمئنان عنه كاحد افراد الجالية ، فكانت الموافقة من اربعة من الهيئة الادارية واعتذر الباقون لارتباطتهم الشخصية .
ذهبنا الى داره ليستقبلنا وهو متماثل للشفاء وشاكرا هذه الزيارة ، واستصحبنا الى صالة الجلوس ، بعد ان كل واحد منا مكانا للجلوس قال:
اسف لان صالة الجلوس لا تليق بكم ولكن اوصيت اثاث من الخارج بسبعة الاف دولار وسوف تصل خلال شهر ، كما اوصيت على تلفزيون "بلازما " ذو الحجم الكبير وكما تشاهدون هذه الستائر قد كلفتني اكثر من ثلاثون الف دولار و.. و .. !!
ثم جاء بعلبة من الحلويات واخذ يقدمها لنا فاعتذرت منه لاني قاطعت الحلويات منذ زمن ومعتذرا عن ذلك فقال لي :
لا تهتم للاطباء وحديثهم عن مرض السكر فانا اعاني منه منذ عدة سنوات ولكن لا اهتم ، الاعمار بيد الله ، خذ قطعة يا اخي انها حلويات امريكية الم تسمع بعلامة " جاك توريس " اجلبها من مركز المدينة من محل لا يقدم الا المادة المميزة والغالية ، ان هذه العلبة الصغيرة قيمتها 39 دولارا ولا يتجاوز وزنها 500 غراما !! اعتذرت مرة اخرى ولكن اصرعلى ذلك ، اخذت واحدة ووضعتها في يدي تخلصا من شرحه الموسع لمحتويات هذه القطعة الامريكية .
ثم قال اسف لم التقيك قبلا ، قلت له اني اسكن في منطقة بعيدة من هنا ، ثم سألني عن عملي ، فقلت له اني اعمل طوعيا في احدى الصحف المحلية ، ثم جاء سؤاله الثالث ليقول لي وكيف تقضي وقت فراغك ! فكان جوابي الثالث ، اني اقضيه بين المطالعة ولي مكتبة منزلية صغيرة واكتب احيانا بعض الخربشات هنا وهناك ، ابتسم بعد ان التهم القطعة الخامسة من الحلويات الغالية وقال :
اخر مطالعة لي كانت كتب الصف الاول الاعدادي قبل حوالي خمسة ثلاثون عاما !!
وسألته كيف اذن تقضي وقت فراغك ّ !! اجابني :
ازور صالات البوكر ميشين واتردد الى مقاهي الجالية لاني اجيد لعبتي الزهر والدومينو ولا تزعل ان اقول شيئا ! قلت له تفضل ، قال انا لا استسيغ الذين يطالعون الكتب كثيرا او بما يسمون انفسهم بالمثقفين لانهم معقدين ، هل زعلت ّ!!
نهضت وناولته قطعة الحلويات الغالية التي بيدي وقلت له ما رائك بالقطعة السادسة ! ابتسم واخذها وقضى عليها بلحظات .

سمعت
عمل في اكثر من مطعم في عاصمته قبل ان يغادر الوطن ، وكان يقصده الكثيرين من مناطق بعيدة بالاستمتاع باكلاته اللذيذة ، وكان شعاره النظافة والرزق الحلال ، وكان يختار اجود انواع اللحوم والخضروات لزبائنه ، وعندما استقر به المقام في احدى مدن المغتربات ، عمل في مطاعم كثيرة وكان يعمل اكثر من 12 ساعة يوميا ولكن حلمه الكبير بان يكون له مطعما ويقدم لابناء جاليته ما كان يقدمه في بلده ، ولكن كما يقولون " العين بصيرة واليد قصيرة " لعدم توفر الامكانية المادية من اجل تحقيق حلمه .
تمر الايام والاشهر ، وبعد خمسة سنوات وبتشجيع من الكثيرين من ابناء جاليته لكي يفتتح مطعما وانهم سوف يكونون له سندا في الترويج لمطعه ويكونون من زبائنه الدائميين منذ اليوم الاول .
امام هذا التشجيع انخرط في دورة تدربية في احد المعاهد التدريبية لكي يكون على دراية كاملة بانواع الماكولات عندما يفتتح مطعملا ، و انهى التدريب متفوقا .
استأجر محلا وتم تاثيثه با حتياجات المطعم اللازمة ، واعلن ذلك لاقربائه واصدقائه والمشجعين له ، واتصل به بعضهم بان تكون الوجبة الرئيسية لاول يوم هي " اكلة البرياني" المشهوره في بلده ، واوعدهم بذلك وسوف يستقبلهم في يوم الافتتاح في الساعة الواحدة ظهرا مع قدر كبير من البرياني باللوز والكشمش وكرات اللحم اللذيذة وباسعار مخفظة بمناسبة الافتتاح .
دقت الساعة الواحدة .. وخرج مع زوجته ليكون في استقبال الاحبة والاصدقاء والاعزاء ، دقت الساعة الثانية ، ثم كانت الساعة الثالثة والرابعة ولم يحضر احد من جميع اللذين شجعوه ، في الخامسة اغلق المطعم .
في اليوم الثاني ازال الاعلان " اكلات عربية " من على زجاج واجهة المطعم وكتب بدلا عنها باللغة الانجليزية  :
WELCOME TO ITALIAN FOOD FOREVER

قرأت
من كتاب " خواطر السنين " لمحمد مكية – دار الساقي
" كان اقتناء الكتب بحد ذاته محببة الى نفسي ، فليس من المعقول ان صاحب العشرين الف كتاب يكون قد قراها كاملة . فمن طريف ما اذكر ان طفلة احد المعارف سالت والدها ، بعد ان جالت بنظرها في ارجاء مكتبة ديوان الكوفة وما فيها من مجلدات كبيرة ، لمن هذه الكتب ؟ قال انها كتب محمد مكية ، فسألته ، ببراءة ، هل قرأها جميعا ؟ واجابني على التساؤل الذكي هل قرأ احدنا قاموسا مثل قراءته الكتاب ، فالمكتبة مثل القاموس يرجع اليها وقت الحاجة "




 


 

free web counter