| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

متي كلو

Sabti_kallo@hotmail.com

 

 

 

الأحد 30/5/ 2010



شاهدت .. سمعت .. قرأت من مكتبتي
(17)

متي كلو

شاهدت
كان نظام " الكوتا " معمولا به في اقسام المبيعات للمواد التي تتعامل بها احدى الشركات التجارية للقطاع العام ويعني فرض مادة مع مادة اخرى في قائمة المشتريات لاي وكيل لهذه الشركة والسبب في ذلك فرض مادة بطئية الحركة اي يصعب بيعها بسهولة وربما تبقى اشهر ومن سؤء الحظ ان اكون مديرا لاحد مراكز مجمعات التسويق في بغداد الجديدة .

وفي احد الايام وكانت الساعة حوالي العاشرة صباحا جاءني موظف المبيعات وبصحبته احد المواطنين من وكلاء الشركة ، وكان شخصا وسيما يرتدي زيا عربيا انيقا وعلى كتفيه عباءة عربية مطرزة " بالكلبتون الاصفر " وساعة ذهبية وفي العقد الثالث من عمره ، قال لي ان الوكيل لا يرغب باستلام الحصة كما هي بل يصر على الغاء " المادة البطيئة " فقلت له ان هذه تعليمات المؤسسة وان صلاحيتنا هي تنفيذ بيع المواد وفق خطط الادارة العليا ، فارجو استلام حصتك كباقي الوكلاء ، فسألني ، لماذا تستوردون مادة بطيئة المبيع لكي تفرض علينا ونكدسها في محلاتنا اشهر وتسبب لنا الخسارة ! ، اجبته ان الاستراد ليس من اختصاصي وهناك لجنة استيرادية مسؤولة عن ذلك وعليك ان تذهب الى مقر الشركة وتستفسر منهم ما تشاء ، اجابني ولكن عليك ان تعلم كيف يتم الاستيراد لانك مسؤول عن تسويق تلك المواد والتي توزع على شريحة عريضة من المواطنين ، كررت عليه ان هناك لجنة استيرادية برئاسة المدير العام ، اجابني انا لا اريد ان اطيل عليك .. قاطعته قائلا ولا انا لان هناك من ينتظر دوره في استلام بضاعته ، فأكمل حديثه قائلا: ارجو ان استلم حصتي كما ارغب وخلافا ذلك ليس بصالحك وهنا تعصبت وقاطعته مرة اخرى قائلا : لن تستلم الا كما يستلم الاخرون واذهب الى اي مسؤول لاني انفذ تعليمات الادارة العليا ، سحب اوراقه وغادر المكان وهو يتمم بصوت خافت ..

في الساعة الواحدة ظهرا دخل الى مكتبي معاون المدير العام وكانت تربطني به زمالة وصداقة متينة وبعد ان جلس استفسر مني عن الحديث الذي دار بيني وبين الوكيل ، فشرحت له التفاصيل وبحضور موظف المبيعات الذي ايد ما قلته .
قال لي : ان السيد المدير العام يبلغك تحياته وارجو ان تعلم بان الادارة تعلم مدى اخلاصك في العمل ولكن وصلنا امرا مستعجلا من جهة عليا ، لنقلك فورا الى مقر الشركة الى قسم الاحصاء، ثم اخرج ورقة وعلى متنها امرا اداريا بالنقل مع هامش باللون الاحمر " ينفذ فورا " ! ولم استغرب ، لانه كان يحصل اكثر من هذا ومازل هذا يحصل يوميا الى الان !!

سمعت
استلمت الرسالة التالية اكتبها بدون تعديل ...
عزيزي وصديقي ....
وصلت بغداد وكان حلمي زيارتها منذ اكثر من عشر سنوات من الغربة ، واستقبلني اخي في المطار بعد تعب وجهد في الطائرة التي اقلتني الى مطار اربيل ولا اريد ان اشغلك بنوع الطائرة القديمة ومواعيدها المتغيرة وخدماتها السيئة ومقاعدها المتسخة واسعارها الباهضة ، ولا اريد ان اشغلك ايضا بالمطار لان الصمت احيانا اكثر وضوحا من الكلمات ولا اريد ان اشغلك ايضا بالخوف الذي كان يلازمنا في رحلتنا من اربيل الى بغداد الحبيبة .
وكما اعلمتك قبل سفري باني سجلت في مفكرتي الاماكن التي ارغب بزيارتها وان لا البي اي دعوة غداء او عشاء او وليمة سوى في الايام الثلاثة الاولى عند اهلي واقاربي لان اجازتي هي اسبوعين فقط ، وكتبت على متن ورقة المناطق التي ارغب بزيارتها وسلمتها الى اخي وكما يلي :
جدارية الحرية وقبر الخالد الذكر جواد سليم - تمثال الرصافي - الاعظمية – جمعية الاقتصاديين العراقيين - جسر الصرافية صديقي الخياط ناجي بجانب سينما النصر - شربت الحاج زبالة – كعك السيد ومقهى الزهاوي في الحيدرخانة - الشورجة وسوق الصفافير - كبة السراي والمكتبات في شارع المتنبي – باجة ابن طوبال وصديقي بائع الصحف ابو علاء في شارع الرشيد والسمك " المسكوف " على ضفاف دجلة الخالد في شارع ابي نؤاس  .

قضيت ثلاثة ايام في استقبال الاقارب وبعض الاصدقاء وكان عليّ ان اجيب على الاسئلة كلما جاءني قريب او صديق !! في اليوم الرابع اصطحبني اخي الى ساحة التحرير لالتقط صور عن نصب الحرية وحديقة الامة واتجهنا الى الاعظمية لزيارة قبر الفنان الخالد جواد سليم في مقبرة الخيزران وكانت في حالة يرثى لها .. واكثر بؤسا من حدائق جمعية الاقتصاديين في المنصور ، وكل الاماكن التي زرتها كانت سيئة بسبب الاهمال والتخريب والاحتلال ، قطعت اجازتي لارجع الى مكان اقامتي وكانت اول المستقبلين زوجتي التي سألتني كيف حبيبتي بغداد فقلت لها : لم اراها !!!

قرأت
من كتاب " بروفة رقص أخيرة " لنسرين طرابلسي – دار المدى 2008
" لم اطق صبرا حين ارتجفت البراءة في وجه ابنتي بكاء وضابط المطار في لوس انجلس يفرغ حقيبتها الصغيرة ، ويعتصر دبها باصابعه الفولاذية الغليظة . نفضت يد المفتشة عن جسدي وهجمت عليه كنسرة جريحة :
- لو كنت سأنفذ عملا ارهابيا ، هل تعتقد انني اخبئ متفجراتي في صدر ابنتي ؟؟
لم يهتز جفنه الضيق واجابني بلغة جارحة ، متابعا بقر بطن اللعبة :
Everything is possible -

 


 

free web counter