| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

متي كلو

Sabti_kallo@hotmail.com

 

 

 

الجمعة 18/9/ 2009



شاهدت .. سمعت .. قرأت من مكتبتي !
(8)

متي كلو

شاهدت
بدأت صداقتنا عندما التقينا كموظفين ومنسبين للعمل في احدى المحافظات فجمعتنا صداقه متينة وعلاقات اخوية وعلاقات متميزة لحمتها المحبة برزت خلال عدة مواقف جابهتنا وخاصة كعزاب في مدينة محافظة في التقاليد والعادات ومازالت تلك الصداقة مميزة وممتدة نعتز بها الى هذا اليوم بالرغم من مرور اربعون عاما على ذلك و تشتتنا في ارجاء المعمورة وكانت تجمعنا اوقات وامسيات جميلة ورائعة تسودها المحبة والوئام وتخللها قصص الشباب والاحاديث الشيقة كما كانت لا تخلو احيانا بلمحات الغمز بامور سياسية او باشارات لا يفهمها سوانا ، كنا نلتقي جميعا مساء كل يوم في نادي الموظفين ما عدا الذي يسافر الى بغداد لزيارة اهله و نتجاذب اطراف الحديث في الامسيات التي تستمر حتى ساعات متأخرة من الليل ثم يذهب كل واحد منا الى الفندق الذي يقيم فيه .
قررنا ان نستأجر مسكنا مشتركا وبدأنا البحث على ذلك ولكن كل الجهود كانت تذهب سدى وفي مهب الريح لعدم موافقة اصحاب المساكن تأجيرها للعزاب خوفا لاثارة المشاكل الناجمة بين العزاب وبين الجيران وبالرغم من علاقتنا الواسعة في المدينة بحكم وظائفنا في دائرة الضرائب او التدريس او مصرف الرافدين او احدى شركات القطاع العام التجارية ، لم نحضى سوى على مساكن تفتقر للشروط الصحية وتتكاثر فيها القوارض الدسمة واستمرت جهودنا اكثر من ثلاثة اشهر وبمساعدة احد الاصدقاء المسؤولين و" كفالته بحسن السيرة والسلوك " عثرنا على مسكن صغير.
كنا نخرج الى وظائفنا صباحا ونلتقي ظهرا في احد المطاعم ظهرا ثم نفترق ونلتقي في نادي الموظفين مساء وقليل ما كنا نلتقي مع الساكنين في المحلة فكسبنا احترامهم ومودتهم .
بعد اشهر اعجب احدنا بفتاة جميلة وبدأت خيوط الحب تنسج بينهما ، وبدأت رسائل الحب تتبادل بين زميلنا وحبيبته من فوق السطح التي كانت ترسل عن طريق وضع الرسالة بعلبة من " علج ابو السهم " او مع علبة من التمر المحشو والمغلفة بالسلوفين وربطها بخيط محكم ورميها على سطح الحبيية لكي تأخذها وتقرأ ما في داخل قلب زميلنا الذي يفيض حبا وشوقاً وهياما وغراما ، وفي صباح من صباحات يوم الجمعة كان قد اشترى خاتما من الفضة ووضعه في علبة مغلفة بقماش " القطيفة " وارفقهما برسالة وربط احكامهم بعلبة من التمر المحشو باللوز والسمسم ورماها .. ولسوء حظه لم تصل الى سطح الحبيبة بل سقطت في باحة البيت " الحوش " على رأس والدها ...
وفي اليوم الثاني بدلا من ان يربط زميلنا رسالة اخرى ، ربط فراشه وسريره على ظهر سيارة اجرة ليسكن مؤقتا عند احد زملائنا في حي اخر..
في المساء وزع علينا ما تبقى من درزينة " التمر المحشو " .

سمعت
" ابو يوسف " في اواسط الخمسينات من عمره يعمل في شركة نفط العراق ايام زمان ، وكان لا يطيق سماع اسم "دلال" قارئة الفنجان بالرغم من القرابة التي تربطه بعائلتها كما لا يطيق اي اسم اخر من فتاحي الفال والمنجمين او قارئات الفنجان او قراء الكف ، و " دلال " كانت تزورهم في اوقات الصباح اي في الوقت الذي يكون ابو يوسف في عمله ، وكانت زوجته ام يوسف تدعو نساء المحلة كلما زارتهم " دلال " لكي تقرأ لهم الفنجان وتتحدث عن مستقبلهم وعلاقتهن بازواجهن ، وكان ابو يوسف يعتبر "دلال" ومثيلاتها من " مخربات البيوت " وخاصة عندما يسمع عن مشاجرات تحدث بين رجل وزوجته بسبب " دلال " عندما تخبر الزوجة بان هناك امرأة اخرى في حياة زوجها وتعطي المواصفات الكاملة لجارة ما او قريبة ما ، فتنقلب الحياة الزوجية راسا على عقب .
وفي صباحات احد الايام حضرت " دلال " الى منزل ابو يوسف وكانت المفاجأة ان يكون في المنزل بسبب وعكة صحية .
امام اصرار ام يوسف باحترام الضيفة والعادات العربية فاستقبلتها واخبرتها بوعكة ابو يوسف الصحية وهو في غرفته يعاني من صداع ورشح منذ الامس ، وانه عصبي المزاج بسبب زخم العمل في الشركة ، فطلبت دلال ان تسلم على العم ابو يوسف ودخلت الى غرفته بصحبة ام يوسف وهي مبتسمة بانه بعد الظهر سوف يكون كالحصان وما هو الا صداع سريع الزوال من جراء تغير الفصول ، وحلفته باعز ما عنده ان تقرأ له الفنجان واذا لم يكن صحيحا فلن تدخل بيتهم مرة اخرى .وامام اصرار الزوجة وافق على ذلك .
جاءت ام يوسف بفنجان القهوة ، فطلبت منه " دلال " ان يشرب ثلثي القهوة الموجودة في الفنجان وترك الثلث الباقي ثم يقلبه باتجاهه ويترك حوالي 5 دقائق .
اخذت " دلال " الفنجان وتمعنت فيه مليا وهي تقلبه شمالا ويمينا و سحبت كرسيا بجانب العم ابو يوسف وقالت له يا عمو :
- انظر صورة العصافير الثلاثة فهذا يعني السعادة والسلامة والصحة وبعد 3 ساعات سوف تكون باحسن صحة ، وبعد ثلاثة ايام او ثلاثة اسابيع او ثلاثة اشهر سوف تترقى في عملك وتحصل على ثلاثة مكافأة .
بعد ثلاثة ايام استطاع ابو يوسف ان يذهب الى عمله ليبلغه مديره بان قرارا صدر بالاستغناء عن خدماته وانقطعت اخبار " دلال " من الحي كله .

قرأت
من كتاب " بغداد – ملامح مدينة في ذاكرة الستينات " جمال حيدر – المركز الثقافي العربي – 2002
" شهد المقهى عصورا متتالية وارتادته اجيال متعاقبة ، ولكل مقهى دور اجتماعي او مهني ، (او ثقافي الى حد ما) المقاهي الملاصقة لمحطات القطار تكون بمثابة الخطوة الاولى للقادمين من الارياف والمدن البعيدة نحو جوف المدينة . المقاهي الموزعة على حواف الاحياء هي للغرباء يشاركهم اللصوص والمهربون . اما تلك التي تحاذي الدوائر الرسمية فهي للمراجعين ، ويحتل واجهتها كتاب العرائض وبائعو الطوابع المالية وشهود الزور . المقاهي القليلة المتناثرة في مراكز المدينة المتعددة يتقاسمها اصحاب المهن : خفافون ، بناؤون ، صباغون ، نجارون ، وحدادون، الى جانب اخرى لهواة تربية الحمام ، وصراع الديكة ، وللطلبة في مواسم الامتحانات . . . "

 


 

free web counter