| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

متي كلو

 

 

 

الخميس 13/11/ 2008

 

العمل بصمت .. و اول الغيث في قرة قوش !

متي كلو
Sabti_kallo@hotmail.com

"
الناس المستيقظون، ليس لهم إلا عالم واحد. أما النائمون، فلكل واحد عالمه".
                                                                              "هيراقليطس "

منذ اكثر من سنة ومجموعة خيرة من ابناء شعبنا في مدينة ملبورن في استراليا وهم كخلية نحل في مراجعات ومناقشات ومقابلات مع اصحاب الشان ، اكثر من سنة وهؤلاء المجموعة يعملون بصمت وبدون ضجة وبدون ملل او كلل وبدون احتفالات و بدون مفرقعات خطابية وشعارات ملونة ، بدون " التصريحات " و" طك الصور " الفوتوغرافية بـ" بوزاد " مع موظفي المؤسسات الصحية او البلدية والهجرة ولم يستخدموا كلمة " سوف " . منذ اكثر من سنة والاجتماعات الدورية بين هذه المجموعة واللقاءات السريعة والبريد الالكتروني الذي لم يهدأ وعشرات المقابلات والهرولة بكافة انواعها وعبر مختلف انواع المواصلات المتوفرة و المارثون مع المؤسسات المعنية وفي مختلف المواسم ، عملوا بصمت بدون أي ضجة أو ضجيج إعلامي ، ، هؤلاء الذين لم تفرقهم التسميات المصطنعة لابناء شعبنا ولم يجتمعوا يوما من اجل الخوض بها او تفاصيلها او التعصب لهذه التسمية او تلك او من اجل المذهب الفلاني او الفلاني ولم يتسارع احد منهم ليقول انا الاصل وانتم الفروع ، ولا احد منهم تكلم عنها ولا احد على راسه " ريشة " . كان همهم كيف يقدمون خدماتهم وجهودهم لابناء وطنهم في الوطن والشتات ، طرقوا ابواب العشرات من المسؤولين في الحكومة والمعارضة ، قدموا العشرات من المخاطبات ، التقوا مع عدد كبير من كبارالمسؤولين في المؤسسات الصحية والخيرية وكان شعارهم تقديم اي خدمة لابناء الوطن ولم يشعروا بغير انهم من شعب واحد وعراق واحد لا يتجزأ من الفاو الى " ابراهيم الخليل " .
ولكن بعدها تنفس الصعداء وابتسمت وجوه هذه المجموعة ، وعلت الابتسامة على محياهم ، بعد العمل الجماعي الطوعي و بعد استحصال الموافقات اللازمة بمعالجة عدد من ابناء شعبنا من الاطفال والتي استعصت معالجتهم في الوطن ، وهذه الابتسامة والاشراقة لم تكن ظاهرة على وجوه هؤلاء وحدهم فقط بل حملها احدهم من ملبورن الى بلدة قرة قوش الرابضة في سهل نينوى رغم كل الظروف الصحية والاجهاد ليطرق باب منزل طفل كان قدره مشوها منذ ولادته نتيجة تأثير الاسلحة الكيميائية التي تم استخدامها ضد الشعب العراقي " عفوا " اهدائها " للشعب العراقي ، ويفتح الباب ابويه مرحبين بالضيف القادم عبر القارات ، ليزف اليهم البشرى والخبر الذي لم يطرق على بالهم سوف يسمعانه ! ليقول لهم الطارق بأن الموافقات الاصولية قد اكتملت لمعالجة طفلكم في مستشفيات استرالية وعلى نفقة تلك المؤسسات وبطاقات الرحلة على نفقة احدى شركات الخطوط الجوية ، فليس عليكم الا الموافقة في ان يكون الطفل بمعيتي للذهاب معا الى استراليا ، وعندما سمعوا كلمة " الموافقة " بذهول ممزوج بنفحات من فرح وغبطة و تكحلت عيونهم بدموع الفرحة والسرور ، ولسان حال الاب يتسارع قبل لسان الام تارة ولسان حال الام يتزاحم قبل لسان الاب تارة اخرى وليقول ايها الطارق تريد " الموافقة " على ماذا ! هل تريد الموافقة على علاج ابننا الذي طرقنا من اجله كل الابواب المشرعة والمغلقة هنا في هذا البلد الذي يمشى ابنائه على الذهب ولكن لا يستطيعون ان يأخذوا ذرة منه لشفاء ابنائهم وفلذات اكبادهم ! تريد الموافقة على ماذا ايها الطارق الذي حمل الينا البشرى بعد ثمان سنوات من المعاناة والقهر والحسرات ! تريد الموافقة ايها الطارق وانت تحمل بين ثنايا طيات رحلتك من ملبورن الى قرةقوش البسمة كرائحة العطر التي فارقتنا سنوات وسنوات ، ايها الطارق تسأل عن " الموافقة " وموافقتنا على سمات وجوهنا وفي اعماق قلوبنا ! تريد ايها الطارق الموافقة لاشراقة فجر جديد في حياننا ! .
ونسى الطارق معاناة الذهاب والاياب في الرحلة من ملبورن الى دبي ثم اربيل او بالعكس وكأن رحلته لم تكن بالطائرة بل شعر بأنه السندباد في رحلة البساط السحري ولم تستغرق الرحلة سوى لحظات وهو يجاور اول الغيث الطفل " يوسف " في مقعده ، اي معاناة واي تعب يشعر به الانسان عندما يشعر بأنه واخوان له قد استطاعوا ان يمدوا يد النجدة الى من يستحقها وبدون مقابل او اجر او شكر سوى خدمة شعبنا وابنائه ..
هذه المجموعة الصغيرة استطاعت ان تقدم شيئا لبعض ابناء شعبنا في الوطن ، فكم يستطيع ان يقدم المغتربون في الشتات لابناء شعبهم في الوطن لو اتحدوا و نفضوا عنهم غبار الطائفية المقيتة والتعصب الجاهلي والتوقف في النفخ بقربة مشقوقة ، والاستفادة من اخطاء الماضي ؟ ام نبقى مشتتون ومبعثرون ومتفرقون وشعارنا الجدل الطائفي العقيم و الاراء المتشددة والمستبدة والتناحر فيما بيننا واضاعة الوقت والفرص المتاحة هنا حاليا وربما لن نجدها في وقت اخر .

آن الاوان لكي يعمل الجميع بروح الفريق الواحد وبروح جديدة ، وعندما نتوحد " نطك الاصبعتين " بدلا من " طك الصور " .

 

free web counter