| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى القرة داغي

karadachi@hotmail.com

 

 

 

 

الثلاثاء 4 /9/ 2007

 

 


حرب الفضائيات في العراق الجديد

مصطفى القرة داغي

لقد بات واضحاً أنه بالإضافة الى الحرب التي تدور رحاها اليوم في داخل العراق بين هذا الطرف أو ذاك من الأخوة الأعداء سواء بالسلاح الأبيض والهاونات في شوارع بغداد أو بالصراخ والسباب في جلسات مجلس النواب.. فأن هنالك حرب أخرى قد بدأت جبهتها تستعر في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ ساحتها الفضاء المقروء وهو مواقع الإنترنت وصفحات الجرائد العراقية والفضاء المرئي والمتمثل بالفضائيات العراقية التي بدأت تتوالد وتتكاثر وتتوزع بشكل متسارع على ترددات الكثير من الأقمار الصناعية الدولية كقمر" النيل " المصري أو "Hot Bird " الأوروبي أو " عربسات " السعودي مما جعلها اليوم في داخل كل بيت عراقي مع الفارق بين من تحولت منها الى ضيفة خفيفة الظل أو الى ضيفة ثقيلة الظل بل إن بعضها باتت ترسم ذهنية ورؤى الكثير من العراقيين خصوصاً البسطاء منهم.. ونتيجة لذلك كان لابد من الإشارة الى هذه الفضائيات وبيان من منها تقوم بدورها الإعلامي الحرفي الوطني الذي يساهم في بناء العراق ومن منها تُروج لأجندات خفية وتعمل على تخريب العقل والذوق العراقي .

إعلام بخطاب طائفي دخيل :

لقد بدأت القنوات الفضائية الطائفية تنتشر في شبكات أقمار البث الفضائي الصناعية كالنار في الهشيم فكل يوم تظهر لنا قناة جديدة لاتختلف عن سابقاتها سوى بالإسم أما المضمون فنفسه بل أسوء فهي جميعها لاهَم لها ولمنتسبيها سوى الشحن الطائفي على مدار ساعات بثها.. وأبرز هذه الفضائيات تلك المملوكة لأحد أكثر أحزاب الإسلام السياسي نفوذاً على الساحة العراقية والتي شعارها كما تدعي (الأصـ...ـة والحـ...ـة والإعـ...ل) وهي منها براء فهي غارقة في الطائفية حتى أذنيها من نشرات أخبارها الى برامجها السياسية التي تستضيف فيها سياسيين من الأحزاب المقربة لها وتقدمهم للمشاهدين على أنهم محللين سياسيين محايدين وشغلها الشاغل منذ فترة ولحد الآن هو الطعن في الفضائيات الأخرى والترويج للمادة 41 من الدستور التي ألغت قانون الأحوال الشخصية العراقي السابق وكمثال على طائفية هذه القناة هو عرضها قبل فترة لردة دينية يقول فيها الرادود مخاطباً الأمام المهدي (ع) " ياوَسفة جدّك يندفن بين النواصب " في إشارة الى الصحن العسكري الموجود في سامراء حيث ضريحي الأمامين الهادي والعسكري (ع) والذي تعَرّضَ الى تفجيرين إرهابيين متكررين وهو كلام خطير فيه تجاوز مُشين على أبناء طائفة بعينها من أبناء العراق ووصفهم جميعاً بالنواصب فكلنا نعلم بأن غالبية سكان مدينة سامراء هم من السُنّة وفات هذا الرادود وهذه القناة التي تبث وتزرع الطائفية في كل لحظة من بثّها بأن سُنّة سامراء الذين يعود نسب أغلبهم الى أهل بيت النبوة يحتضنون ضريح جَدّهم العسكري (ع) ويزورونه ويخدمونه ويخدمون زوّاره بمُقل عيونهم منذ مئات السنين.. كما إننا لم نسمع يوماً على شاشة هذه القناة ولاحتى (إنشودة عن بغداد والعراق)هذا أن كانت هذه القناة ترى إن الأغاني حرام (بإعتبارها إسلامية) أما عندما يستشهد أبناء الشعب العراقي على يد القتلة من الإرهابيين ومرتزقة فرق الموت فإن هذه القناة تُخصِّص وتُفرِّق في وصف الشهداء ولاتسمّيهم جميعاً عراقيين بل تسمّيهم تبعاً لطائفتهم أو محال سكناهم فتقول " إستشهد..... من أتباع أهل البيت " ولا تقول " إستشهد..... من العراقيين " في إستغلال رخيص منها لدماء شهداء أبناء شعبنا الذين نعلم جيداً بأن الإرهاب الذي يطالهم يومياً لايستثني منهم طائفة أو دين أو عرق إضافة الى إن هذه القناة تقيم الدنيا ولاتقعدها عندما تحصل عمليات تهجير لطائفتها في حين لاتذكُر وتنفي وتُشكك بما يحدث من عمليات تهجير طائفية لأبناء الطوائف والأديان الأخرى .
أما شقيقتها الأخرى المملوكة لحزب آخر من أحزاب الإسلام السياسي يدعي منظريه وأتباعه الوعي والنضج فهي عموماً أفضل حالاً بكثير من سابقتها وأقل منها طائفية إلا إن المتتبع لبرامجها ونشراتها الإخبارية يستطيع أن يُميّز نسقاً طائفياً واضحاً تتبعه هذه القناة على الرغم من محاولتها عدم إظهار ذلك.. ويزداد هذا النسق الطائفي وضوحاً في قناة فضائية أخرى مملوكة لحزب إسلامي آخر منشق عن الحزب السابق تحاول الترويج لنفسها وللحزب الممول لها على أنها ليست طائفية ولكل العراقيين ولكن يكفي أن نعلم بأن هذا الحزب كان قد تقدم الى اللجنة التي كُلِّفت بصياغة الدستور العراقي بمشروع دستور إسلامي بحت لما أسماه بـ(دولة العراق الإسلامية) كمقترح عكس حينها من خلاله رؤيته الظلامية لمستقبل العراق.. لذا لن ينفع مثل هذه الأحزاب عملية الترقيع والتزويق والترويج المفضوحة التي تقوم بها لنفسها من خلال هذه الفضائيات الفاشلة .
وهنالك تلك التي بدأت وطنية وإنتهت طائفية ويالسوء العاقبة !.. ولانعلم لحد الآن مالسبب وراء ذلك وما الذي حدث ليحصل فيها هذا التغيير المفاجيء والذي رغم أنه حصل ببطأ الى أن تداعياته ظهرت بوضوح من خلال إبتعاد الإعلاميين الوطنيين شيئاً فشيئاً عن كادرها الإعلامي الصغير أصلاً ومن ثم إنضمامها بوضوح الى جوقة وسرب القنوات الفضائية الطائفية والذي تسبب أخيراً في إيقاف بثها من إحدى الدول العربية وإنتقالها الى مكان آخر .
أما تلك التي تسمي نفسها رسمية ومستقلة فقد سقطت منذ فترة في فخ الطائفية وأصبحت المتحدثة الرسمية بلسان إحدى الكتل البرلمانية النافذة في البرلمان العراقي.. فهي بدلاً من أن تجمع العراقيين فرقتهم حتى على أساس الأذان ففيها آذان للسُنّة وآخر للشيعة وهو ماتحاول هذه القناة إبرازه والتركيز عليه دوماً متناسية ومتغافلة سواء عن جهل أو قصد بأن العراقيين قبل أن يفرقهم الإنتماء الطائفي الى سُنّة وشيعة يجمعهم كونهم جميعاً عراقيين وهو ماكان مفترَضاً أن تركز عليه هذه القناة بأن تتجاوز هذه الإشكالية بكتابة (حان الآن موعد صلاة الظهر أو المغرب أو العشاء وإنتهى) هذا بالإضافة الى تركيزها الواضح كسابقاتها على المناسبات الدينية والمعاناة اليومية لطائفة بعينها من أبناء الشعب العراقي وإغفالها بل وقلبها للحقائق أحياناً لما يُصيب غيرها من الطوائف بل والتعتيم عليه ونكرانه كما إنها تقوم بإبراز وتضخيم بعض الحقائق والتعتيم وتكذيب حقائق أخرى منها على سبيل المثال عدم إشارتها وذكرها نهائياً للخبر الذي أعلنته القوات الأمريكية قبل فترة وعرضته بعدها بالصوت والصورة جميع القنوات الفضائية العراقية والعربية والعالمية بإعتقال المدعو علي موسى دقدوق في البصرة فما السبب ؟.. كما أنها قد بدأت منذ فترة بسياسة تشويه بعض الفضائيات العراقية الأخرى عبر الإشارة إليها بالصوت والصورة والتي رغم أنها حوربت ومنعت من العمل في العراق إلا أنها قد بدأت تسرق من هذه القناة الرسمية قلوب المشاهدين العراقيين الذين بدأوا يميزون بين الإعلام الطائفي الغث والإعلام الوطني السمين.. ونحن نسأل هنا أليس عيباً أن يتم إقصاء إعلامية عراقية أصيلة محترفة ومشهود لها بالكفاءة كالسيدة شميم رسام عن إدارة هذه القناة وإبدالها بأناس ليس لهم مع الإعلام ناقة ولابعير !
هذا بالإضافة الى مجموعة من القنوات الفضائية التي تحمل وجوه مختلفة لعملة واحدة إسمها الطائفية فهي تكرر نفس الوجوه وتتبع نفس النسق الإعلامي الموجه الذي يسعى الى نبش الماضي وإستذكار أحداثه الإشكالية الغير مؤكدة لإثارة الفتنة والضغينة بين المسلمين عموماً وأبناء الوطن العراقي الواحد خصوصاً.. واللافت للنظر كونها ظهرت في فترات متقاربة ممايوحي بأنها جميعاً جزء من مشروع ورائه قصد أخذت ملامحه تتضح يوماً بعد آخر فكل ماتطرحه هذه القناة وماتعرضه من برامج هذا إن كان بإمكاننا تسميتها برامج لاتحمل أي فكر جديد ومفيد لا للآخرين ولاحتى لأبناء طائفتها .
إن أغلب هذه الفضائيات وكما أشرت عند الحديث عن بعضها هي فضائيات إما مملوكة أو ممولة أو مسيطر عليها من قبل أحزاب الإسلام السياسي التي تصول وتجول اليوم في الساحة السياسية العراقية وماهذه الفضائيات سوى إحدى وسائل هذه الأحزاب للترويج لأفكارها الغريبة والدخيلة على المجتمع العراقي حالها حال الميليشيات وبعض مواقع الإنترنت التي أنشأت لنفس هذا الغرض والتي تحركها جميعاً الأجندة الخفية المخيفة لهذه الأحزاب والتي ستتلاشى جميعها قريباً بإذن الله بتلاشي الأحزاب التي تقف ورائها وإن غد لناظره قريب .

إعلام بخطاب وطني أصيل :

أما في الجانب الآخر والذي يمكن تسميته بالجانب المشرق من مجموعة الفضائيات العراقية فتقف قنوات فضائية متميزة عديدة كالشرقية وزميلاتها البغدادية والسومرية والديار وصلاح الدين التي تمثل كل العراق ونشم حينما نتابعها ريح العراق وطيب أهله الكِرام.. فالشرقية كانت أولى هذه القنوات ظهوراً وقد نجحت منذ إنطلاقتها بإثبات معدنها العراقي الأصيل وبإثبات كونها قناة الحقيقة بكل معنى الكلمة كما وصفت نفسها وكما عودت مشاهديها دوماً دون مرائاة وتزويق وتدليس وهي بالذات لم تهادن ولم تجامل أحد وتعرض الحقيقة بكل مساوئها وحسناتها وكانت على الدوام تعرض جميع وجهات النظر بدون إستثناء وتعطي أصحابها مساحات كبيرة للتعبير عن آرائهم ربما لاتتوفر لهم حتى في قنواتهم المؤدلجة الموجّهة وسمحت للكثيرين ممن لايتوافق توجههم مع توجه القناة العراقي الوطني بالظهور على شاشتها والحديث لمشاهديها وبالمقابل فإنها كانت تعرض وتصف وجهات النظر المقابلة والمخالفة بكل حرية وحياد وأجمل مافيها وجميلها كثير هو وثوقها بنفسها وعدم خوفها في العراق لومة لائم .
أما قناة البغدادية فيكفي إسمها الجميل الساحر دليلاً على معدنها الأصيل وتوجهها الوطني الذي يتجلى في جميع برامجها المتميزة والجريئة كبرنامج المختصر للأستاذ الرائع عبد الحميد الصائح وبرنامج مواجهة للدكتور حميد وغيرها من البرامج الجميلة بل وحتى نشراتها الإخبارية ولاننسى ذكر التقارير السياسية المتميزة التي نسمعها بين الحين والآخر بصوت الأستاذ الصائح المجلجل المعصور بالألم خلال النشرات الإخبارية والبرامج السياسية والتي تعكس حرص القناة وغيرتها على العراق وأهله .
أما السومرية خفيفة الظل التي تبث الحياة في كل لحظة فلا يخفى على أحد عشقها للعراق وأهل العراق وإعتزازها بتأريخ العراق بإختيارها لهذا الإسم الجميل ويكفي كونها من الداعين والداعمين الأوائل لحملة عراقي أنا دليلاً على توجه القناة الوطني هذا بالإضافة الى مجموعة برامجها السياسية والإجتماعية التي تتناول على الدوام الهم العراقي .
وطبعاً هنالك الديار المتواضعة بإمكانياتها والكبيرة جداً بعراقيتها وبأصالتها التي تعكسها برامجها المتنوعة سواء الحوارية منها كبرنامج حوار بلا أسوار أو الثقافية التي تعنى بالثقافة العراقية وروادها من الأدباء والشعراء والفنانين أو الإجتماعية التي تتجول كاميراتها في شوارع المدن العراقية لتنقل معاناة أبناء الشعب العراقي الى كل أصحاب الضمير في هذا العالم .
وأخيراً قناة صلاح الدين العراقية البسيطة التي تطل على مشاهديها بهدوء وسط عواصف وأمواج عاتية تضرب المشهد العراقي في كل لحظة مما يدل على حكمة القائمين عليها والذين تمكنوا رغم الضغوط من الحفاظ على عراقية القناة ولم ينجرفوا مع من إنجرف من بعض القنوات الى جانب هذه الطائفة أو تلك أو الى جانب هذه القومية أو تلك فهي تبث لكل العراقيين أينما كانوا .
إن أغلب هذه الفضائيات وعلى عكس الفضائيات ذات الخطاب الطائفي الدخيل أصبحت أو في طريقها الى أن تأخذ شكل المؤسسات الإعلامية الرصينة التي تمارس عملها ويتسم خطابها الإعلامي بالحرفية بعيداً عن الإنحياز لهذه الجهة أو تلك وليس لها علاقة بحزب أو دولة لذا فإنها الأطول عمراً والأفضل أدائاً والأكثر قبولاً والأوسع إنتشاراً اليوم وغداً وفي المستقبل .
ولاننسى طبعاً الإشارة الى بعض الفضائيات العربية التي تتناول موضوع تغطية الشأن العراقي بكل حيادية وحرفية وإنصاف تفتقده الفضائيات العراقية ذات الخطاب الطائفي الدخيل ومن هذه الفضائيات العربية أبو ظبي والعربية والحرة سواء من خلال نشرات الأخبار أو البرامج الحوارية كما كان برنامج برج بابل و7 أيام في الحرة أو كبرنامج من العراق وبصراحة في العربية أو كبرنامج بصريح العبارة للمتألق الدكتور علي الجابري في أبو ظبي والذي لا أبالغ إذا قلت بأنه البرنامج الحواري الوحيد الذي لازلت مواضباً على متابعته في القنوات الفضائية العربية .

حرب نهايتها معلومة :

إن الحرب التي أشرنا إليها في هذا المقال هي حرب بدأت من جانب واحد أعلنتها الفضائيات التي وصفناها بذات الخطاب الطائفي الدخيل على العراق وشعبه الهدف منها تدمير العراق وتفكيك نسيجه الإجتماعي وإلغائه من الوجود فما كان من الفضائيات ذات الخطاب الوطني الأصيل سوى التصدي لهذه الفضائيات والدفاع عن العراق وشعبه.. فالفضائيات الطائفية بكل أشكالها هدفها هو إشاعة الجهل والتخلف بين العراقيين وبث الفرقة والتناحر والتمايز فيما بينهم بالإضافة الى محاربة وإسكات القنوات العراقية ذات التوجه الإعلامي الوطني الذي يوحد العراقيين بل إن بعضها تعمل من خلال مالكيها ومموليها الذين هم مسؤولين كبار في الدولة على إغلاق مكاتب تلك الفضائيات الوطنية في العراق وتشويه صورتها أمام المشاهدين العراقيين والعرب كما حدث مؤخراً مع قناة الشرقية التي تمثل أحدى أبرز القنوات الفضائية العراقية ذات التوجه الوطني العراقي الأصيل.. ومن سخرية القدر هو إن هذه الفضائيات ماإنفكت تصف الشرقية والبغدادية والسومرية والديار بالطائفية وغيرها من النعوت الكاذبة رغم إن هذه القنوات الوطنية لم تتعرض لتلك القنوات الطائفية يوماً ولم تُشهّر بها على الرغم من أنها (شِهِيرة) ورائحة الطائفية تفوح منها على بعد كيلومترات.. ولكن نسألهم هل الشرقية والبغدادية والسومرية والديار التي تشكل كوادرها الإعلامية باقة زهور عراقية من جميع أطياف الشعب العراقي هي الطائفية أم تلك التي يضم كادرها الإعلامي 300 مجند ولا أقول إعلامي جميعهم على الإطلاق من طائفة واحدة !.. وهل هذه القنوات التي تعرض معاناة جميع العراقيين بدون إستثناء ومايتعرضون له من إعتدائات ومظالم على أيدي القوات المحتلة والميليشيات هي الطائفية أم تلك التي تُسمي هجمات قوات الإحتلال وميليشيات أحزابها على أحياء سكنية معينة في بغداد وقتل أهلها وتدمير منازلهم بـ" الهجوم على الإرهابيين " في حين تسمي نفس هذه الهجمات عندما تقوم بها قوات الإحتلال على أحياء طائفتها بـ " إعتداء على الآمنين وإنتهاك وإستباحة حرماتهم " !.. إن إستعمال إسلوب تسقيط الآخر هو دليل على ضعف من يستخدمه فالآخر يستطيع أن يرد بنفس الأسلوب لكن الفرق هو الثقافة والوعي والثقة بالنفس وهذا مانلاحظه من الفرق الشاسع بين القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت الطائفية وحملاتها المسعورة على القنوات الوطنية أمام السكوت والتجاهل الواضح من قبل تلك القنوات الوطنية وعدم إنجرافها للرد على ترهات تلك القنوات المسمومة.. كما إن أخلاق الإعلاميين الحرفيين الوطنيين لاتسمح لهم بالإنجراف وراء مهاترات وتجاوزات بعض الأصوات والأقلام المريضة والمسمومة الطارئة على الثقافة والإعلام والتي تتهم البعض بالتبعية للنظام السابق في حين أنها هي نفسها كانت تطبل وتكتب القصائد والأغاني للنظام السابق وهي مستمرة اليوم على نفس المنوال بتطبيلها لبعض الأحزاب والقوى السياسية الحالية سواء بأجر أو بالمجّان .
إذاً فضاء الإعلام العراقي بات اليوم جبهة طرفاها نوعان من الفضائيات الأولى بخطاب طائفي دخيل والثانية بخطاب وطني أصيل.. الأولى تنكأ جروح العراقيين وتزيدها غوراً وترمي عليها الجراثيم والميكروبات والثانية تداوي جروح العراقيين وتكون لها بلسماً شافياً.. الأولى يقطُر خِطابها حقداً وكرهاً وثأراً وعلقماً وتنفث سمومها على العراقيين هنا وهناك والثانية نشم في خطابها رائحة المودة والتسامح وحب الوطن.. الأولى أشعلت نار الفتنة التي جائت معها ومع أحزابها بين العراقيين وتصب عليها الزيت ليل نهار لتزيدها إشتعالاً والثانية تعمل ليل نهار ومن دون كلل أو ملل على إطفاء نار الفتنة بين العراقيين وتعرية أسبابها وإبعادها الى حيث أتت.. الأولى تعمل على الترويج لمفاهيم ظلامية طائفية متأخرة ومتخلفة لخلق وإشاعة وعي جمعي جاهل متخلف يَسهُل إنقياده من قبل أحزابها والثانية تعمل على توعية العراقيين وتثقيفهم عبر ترويجها لمفاهيم تنويرية وطنية ديموقراطية ومتمدنة.. الأولى باتت تثير حفيظة وإستفزاز العراقيين وتدفعهم الى تغيير الموجة عند ظهورها على شاشات التلفاز والثانية بات العراقي يجلس مُتسمِّراً أمام شاشتها لأنها تبعث فيه الأمل وتعيده الى أجواء المحبة والألفة العراقية التي عرفها وعاشها العراقيون منذ قرون.. والغلبة ستكون إن عاجلاً أو آجلاً للفضائيات ذات الخطاب الوطني الأصيل لأنه في النهاية وكما يقول المثل لايصح إلا الصحيح .