| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى القرة داغي

karadachi@hotmail.com

 

 

 

 

الثلاثاء 28 /11/ 2006

 

 

وليد حسن جعاز

نجم هوى في سماء العراق


مصطفى القرة داغي

في غمضة عين وفي غفلة من الزمن غادرتنا يا وليد..
غادرتنا وأنت لم تزل في عنفوان عطائك الفني والإنساني..
غادرتنا ونحن في أمس الحاجة إليك والى أمثالك من العراقيين الأصلاء..
يا مَن وُلِدت في الناصرية وعِشت في بغداد.. لقد إغتالوك لأنك تحمل أصالة سومر وعُمق بغداد ولأنك تمثل العراق فكراً ووجوداً.. العراق الذي يريدون إغتياله أرضاً وثقافاً وتأريخاً ووجوداً وشعباً وإلغائه من الوجود ومن سِفر الزمان .
لقد بكاك زملائك كما بكاك كل العراقيين بمختلف إنتمائاتهم ومشاربهم بعيداً عن المحاصصات الطائفية والعرقية وإستقطاباتها وإستحقاقاتها المقيتة لأنك كنت إنساناً طيباً وفناناً رائعاً وعراقياً أصيلاً وشهِد على ذلك كل من عرفوك ممن إتصلوا معزين برحيلك الأليم بقناة الشرقية التي أحببتها وعملت فيها بكل تفاني وإخلاص.. قالت إحدى زميلاتك في العمل بأنك قد قلت لها أثناء تصوير إحدى حلقات برنامج " فطوركم علينة " في رمضان الفائت تلك الحلقة التي جَمَعَتك مع زميلك الفنان الرائع علي جابر وتابعتها كما غيري من العراقيين شوقاً لمشاهدة هذا الثنائي الرائع.. قلت لها " بغداد تحترق ".. وهو ما يعكس إحساس العراقي الأصيل الإنتماء لهذا الوطن الذي تُمثل بغداد رمزه وعصارته وسر وجوده والذي لايَنظُر الى بغداد على أنها المدينة التي بناها المنصور وعَمّرَها الرشيد وحَكَم منها صدام حسين.. كما ذَكَرَت كيف كانت تراك وأنت تهرول متأثراً خلف الكواليس عندما كُنتَ مخرجاً لبرنامج " شمة هوا " الذي نتذكره جميعاً والذي طُرحت فيه مآسي بعض العراقيين التي هزّتك دون أن تفكر في إنتمائاتهم الطائفية والعرقية.. ألست القائل للزميلة نفسها يوماً " أنا عراقي وغير هذا لن أكون " .
لقد كُنتُ أول من كتب مثمناً تجربتكم الرائعة في برنامج كاريكاتير يوم كانت العديد من الأقلام المغرضة ولاتزال تحاول النيل من عملكم الرائع هذا ومن قناة الشرقية.. هذا العمل الجميل الذي توقف إنتاجه منذ فترة لأسباب لانعلمها والذي أتمنى وكل العراقيين أن يستمر على الأقل وفاءً لذكراك العطرة.. ويوم جَمَعَتني الأيام بزميليك الفنانين الرائعين رائد محسن وفيصل جواد طلبت منهم وأظنهم لايزالون يذكرون ذلك بأن يطبعوا قُبلةً مني ومِمّن أوصوني من العراقيين على جبينك وجبين زملائك الأحبة في كاريكاتير ( زهير وبشرى وسعد وعلي وماجد ) كرسالة مني ومنهم الى هذا الكادر الرائع الذي صاغ لنا وفي ظروف إستثنائية قاهرة عملاً لاتستطيع مؤسسات كبرى القيام به.. عملاً زرع البسمة على فم الملايين من العراقيين في أسوء الظروف وأشدها ظلاماً وقتامة في تأريخهم.. لقد أرسلت لك هذه القبلة لتبقى مرسومة على جبينك الناصع نصوع العراق والذي لا أستطيع أن أصدق حتى هذه اللحظة بأن أيادي آثمة قد تجرأت على إطلاق الرصاص عليه تلك الآثار التي ستذروا آثارها الرياح كما ستذروا من اطلقوها من الدخلاء والطارئين على أرض العراق وشعبه وستبقى آثار قُبلاتنا العراقية الأصيلة مطبوعة تزين جبينك وأنت مع الشهداء والصِدّيقين في عِلّييِن .
لا أعلم كيف سأتمالك نفسي من أن يعتريها الحزن عند متابعتي لحلقات برنامج كاريكاتير التي تعاد حالياً في قناة الشرقية والتي أدمن مشاهدتها وأحتفظ بالكثير منها مسجلاً على شرائط فيديو ولا أعلم كيف سأمنع عيناي من أن تغرقان بالدموع وأنت تظهر فيها مليئاً بالحيوية والنشاط وبعنفوان الحياة التي إستكثرها عليك خفافيش الظلام وأعداء الحياة الذين حرمونا منك ومن تعليقاتك الجميلة الهادفة التي كانت وستبقى ترسم البسمة على شفاهنا .
لن ننساك يا أبو محمد..
لن ننساك يارمزاً من رموز عراقنا الحبيب الجريح..
رحمك الله ورحم كل زملائك الإعلاميين والفنانين العراقيين الذي رووا أرض العراق بدمائهم الطاهرة وممن صبروا وصابروا في سبيل الحرية والحقيقة وأسكنكم فسيح جناته .
مكانكم بإذن الله مع الصديقين والطاهرين في عِلّييِن ومكان من قتلوكُم في أسفل سافلين .