| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى القرة داغي

karadachi@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     الجمعة 23/3/ 2012



القائمة العراقية رمز للمَشروع الوطني الليبرالي المَدني في العراق

مصطفى القرة داغي

حَرب قذرة شَعواء تُشَن على القائمة العراقية مُنذ اليوم الأول الذي قرّر فيه الدكتور أياد علاوي تشكيلها مِن شخصيّات وكيانات سياسية ليبرالية ومَدنية،ورَفَضَ الدخول بتكتلات طائفية مَذهبية وقومية على غِرار أغلب ساسَة العراق الجُدد. هنالك فصُول عِدّة لهذه الحَرب، مِنها فصل الإجتثاث وفصل التصفيات،وهنالك فصل التسقيط والتشويه،أخيراً وليسَ آخراً فصل الدَسيسة والتآمر لتفكيك القائمة ودَك إسفين داخل مُكوناتها وبَينَ شخصياتها ورُموزها السياسية.حَرب حَمى وَطيسُها بَعد خُروج الأمريكان مِن العراق وسَعي المالكي لإحكام قبضته كزعيم أوحَد، وقبضة حِزبه كحِزب قائد على السُلطة.

مَوضوع بحثنا هنا يَندَرج ضِمن فصول التسقيط والتشويه وكذلك الدَسيسَة والتآمر، والذي إتجه إليه أعداء العراقية بَعد فشَل فصول الإجتثاث والتصفيات. فقد بدئوا بوَصف العراقية بأنها سُنية وتمَثل السُنة، وهو كلام باطل جُملة وتفصيلاً، يَدحَضه حُصولها على19 مَقعَد في المُحافظات الجنوبية، أي أن مليون ونصف عراقي على الأقل بالجنوب إنتخبوا العراقية بوَصفِها خَيارهم الوطني، ولم يَنظروا لها على أنها تمَثل السُنة أو فيها هَيمَنة للمُكون السُني. كما يُقال اليوم بأن أبناء المَنطقة الغربية قد إنتخبوا القائمة العراقية وأعطوها أصواتهم في الإنتخابات لأنها تمثل السُنة، بإعتبار أن غالبية سُكان تلك المنطقة مِن هذا المُكوّن، وهو أيضاً كلام باطل، فالموصل والأنبار وصلاح الدين لم تنتخِب العراقية لأنها تمَثل السُنة، ولو كان الأمر كذلك لأنتخبَت التوافق التي طَرَحَت مَشروعَها السياسي وخاضَت الإنتخابات كمُمَثلة للسُنة لكنها لم تحصَل سِوى على 6 مَقاعد بعُموم العراق، فابناء الموصل ما كانوا ليُصَوّتوا للسَيد النجيفي لو أنه قد دَخل بقائِمة سُنية بل صَوّتوا له لأنه يُمثل القائمة العراقية التي يَرأسها الدكتور علاوي، وكذلك الحال مَع الدكتور العيساوي في الأنبار. طبعاً بالمقابل ماكان للدكتور علاوي أن يَحصَل على أصوات هذه المُحافظات لولا وجود النجيفي والعيساوي بقائمَته، إلا أننا جَميعاً شاهدنا خروج أبناء هذه المُحافظات للشوارع بَعد فوز العراقية رافعين صوَر الدكتورعلاوي مُرددين (علاوي علاوي) لأنه رَمزها وزعيمها، وقبل كل هذا سياسي وطني ليبرالي علماني، مَع عِلمهم بأنتمائه لعائلة عراقية شيعية عَريقة. أما مرشّحي العراقية الذين فازوا ببغداد فأغلبهم يَنتمون لعَوائل بَغدادية عراقية شيعية، بدءاً بالدكتور أياد علاوي الذي حَصَل على أكثر مِن400 ألف صوت والأستاذ حسن العلوي والأستاذ حيدر المُلا، وبالتالي إذا كان جمهورها مِن أبناء المناطق السُنية فقط كما يَدّعي البَعض فهذا يعني بأنهم أعطوا أصواتهم لشخصيات ذات أصول شيعية لكنها مَدنية ليبرالية صاحِبة مَشروع وطني، وهو مايدحَض كذبة أن العراقية سُنيّة وأن السُنة إنتخبوها لهذا السَبب ولم يُعطوا أصواتهم سِوى لسُنة القائمة العراقية.كل هذا يؤكد مانذهب إليه مِن أن العراقية صاحِبة مَشروع وطني ليبرالي مَدَني بدأ يقض مَضاجع الطائفيين الذين إمتهَنوا السياسية وشكلوا كياناتهم مُنذ عُقود على أساس طائفي، ويُريدون حُكم العراق تحت هذه المُسَمّيات الدَخيلة، ولن يَهدأ لهم بال حتى يُفشِلوا مَشروع العِراقية وكيانها الوطني ويُوجدو بدلاً عَنه كياناً طائفي مِسخ ليُبَرّروا ويُشَرعِنوا به وجود كياناتهم المَمسوخة. أما اليوم وبعد أن خلا الجَو للمالكي ورهطِه ليَبيضوا ويُصفروا، فقد بدأت مَرحلة إستغلالهم للسُلطة بأبشَع الطُرق المُمكِنة، مَرّة بشِراء ذِمَم ضِعاف النفوس الذين يَنتشون برائِحة الدولار وبَريق السُلطة، وتحريضِهم للإنشقاق عَن القائمة العراقية، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية الشيعية ضِمن مَسعى خَبيث واضح الأهداف لإفراغ العراقية مِن مُحتواها الوطني كقائمة عراقية صِرفة تمَثل النسيج العراقي بكل أطيافه، وإظهارها على أنها قائمة تمثل السُنة وذات تمثيل بمَناطق ذات غالبية سُنية فقط. ومَرّة عِبر تصفية وتسقيط الخُصوم وتلفيق وتوجيه تُهم كيدية باطِلة لهُم، وبدئوا بالسَيد الهاشمي الذي يُمَثل الحلقة الأضعَف في العراقية كونه لايَمتلك حَصانة، بالإضافة لخلفيته كرئيس سابق للحِزب الإسلامي، الذي سَبَق وتورَّط بالحَرب الأهلية التي عاشَها العراق قبل 6 سنوات وذهب ضحيتها آلاف العراقيين. وهذه بتقديري البداية فقط، فالدور في قادم الأيام قد يأتي على الدكتور المُطلك، أو الأستاذ المُلا، أو الدكتور العيساوي، أو الشيخ الشَعلان، أو الأستاذ النجيفي، وقد يَصِل الأمر للدكتور علاوي وهو أمر لا أستبعده أبداً مِن المالكي والمُحيطين به. 

للتأريخ، وإنصافاً للرَجل الذي لم يُنصِفه رفاق الأمس في المُعارضة العراقية وقلبوا له ظَهر المجن، والذي تخشى الكثير مِن الأقلام العراقية أن تكتب كلِمة حَق واحدة بحَقه خوفاً مِن أن تتهم بالبَعثية أقول.. يُسَجّل للدكتورأياد علاوي أنه كان مِن السياسيين القِلة في المُعارضة العراقية السابقة الذين كانوا يَقضّون مَضاجع النظام السابق وعَمِلوا بكد لإسقاطه بالأفعال وليسَ بالأقوال والشِعارات، للدرجة التي دَفعَت بأجهزة النظام المُخابراتية لإرسال عُمَلائها لإغتياله بلندن، في الوَقت الذي كان فيه المالكي وأتباعه الذين يَدّعون اليوم المُعارضة والنِضال يَسرَحون ويَمرَحون بعَواصِم إقليمية وعَرَبية وغَربية دون أن يَتعَرّض إليهم أحد لأنهم لم يُمَثلوا حينها خطراً حقيقياً على النظام. كما يُحسَب للدكتور أياد علاوي بأنه قد إختار المَشروع الوطني الليبرالي المَدني مُنذ اللحظة الأولى لدُخوله العراق بَعد سقوط النظام السابق، وقد بَرهن على ذلك بمَواقف عَديدة،بَدئاً مِن رَفضِه قرار إلغاء قانون الأحوال الشَخصيّة الذي أصدَرَه رئيس أحدى دَورات مَجلس الحُكم يوم كان عُضواً فيه، حينها وقفَ الدكتور علاوي ومَعَه الدكتور الباجَجي وقفتهم التأريخية بوَجه هذا القرار بكل وُضوح وجُرأة، فيما سَكت عَنه وإمتنع عَن التصويت عليه مُمَثلي أحزاب عِراقية عَريقة بيَساريتها وتقدّمِيتها. كما لم يُهادن المُؤسّسة الدينية ولم يتمسّح بها ويَتوَسّل بَرَكتها للوصول الى السُلطة كما فعَل الآخرين، فقد راهَن على الأغلبية الصامِتة المُتنورة من أبناء شعبه، التي تسعى لبناء دَولة مُؤسسات مَدنية ديمقراطية لا دولة يَحكمها سَدنة الوهم وأحزاب الإسلام السياسي. ويوم أختير رئيساً لوزراء أول حُكومة عراقية مُؤقتة بَعد سُقوط النظام السابق أثبت أنه سياسي مُتمَكن وشكّل مَع نوابه ووزارئه على إختلاف إنتمائاتهم السياسية فريق عَمَل إستطاع أن يُدير بَلداً مُنهاراً لا يَملك جيش أو شرطة في واحدة مِن أصعَب المَراحل التي عاشَها العراق بتأريخه الحديث، ويَشهَد ويُشيد بذلك الدكتور برهم صالح الذي كان نائبه بتلك الحُكومة. كما نجَح بالحِفاظ على السِلم الأهلي، ووَقف بقوة وحَزم بوَجه الحَرّكات المُسَلحة التي هدّدت أمن وإستقرار البلاد بغض النظر عَن إنتمائاتها، ولم يُدخِل البلاد بحَرب أهلية ويَنحاز لطائِفة على أخرى كما فعَل خلفه الجَعفري. أخيراً وليسَ آخراً، كان أول ورُبّما آخر رئيس وزراء عراقي عَرفه العراق مُنذ1958 يُسَلم السُلطة سِلمياً وديمقراطياً بَعد الإنتخابات، بعَكس خلفه الجعفري الذي قال أن السَماء قد إختارته لحُكم العراق ولم يُسَلمها لخلفه المالكي إلا بَعد أشهُر، وبعَكس المالكي الذي خسَر الإنتخابات ورَغم ذلك لم يُسَلم السُلطة وقال "مَحّد يكدَر ياخُذهة بَعَد" وأستخدَم طُرُقاً مُلتوية للتمَسّك بها وحَجبها عَن مُستحِقها الدكتور علاوي بخِلاف الإستِحقاقات الدُستورية لصَناديق الإقتراع. للدكتور عَلاوي أخطائه كأي إنسان وسياسي لكنه لا يُقارن بالمالكي، فالفرق شاسِع بَين الرَجُلين عِلماً ونشأة وثقافة وفِكراً وشَخصيّتاهُما مُختلفتان، وعلاوي يَمتاز بشَخصيّته الشفافة وبوَجهه البشوش، فيما يَمتاز المالكي بشَخصيّته المُرَكبة المُعَقدة وبوَجهه المُتجَهّم،ويكفي الدكتور علاوي تمَسُّكه بعِراقيته وليبراليته ووطنيته رغم التحديات والمُؤامَرات التي تُحاك ضِدّه، فيما لا يَزال المالكي حَبيس فئوية وطائفية أفصَحَ عَنها مُؤخراً بقوله لصَحَفي في جَريدة الغارديان"أنا شيعي أولاً، وعراقي ثانياً" رغم أنه رئيس وزراء للعراق مُنذ 6 سَنوات عِجاف.

لقد كان تشكيل العراقية بتركيبتها قبل الإنتخابات الأخيرة إنجازاً وطنياً مُهماً، آتى ثماره بحُصُولها على النِسبة الأكبر مِن أصوات الشارع العراقي الواعي وبالتالي فوزها بالإنتخابات، لكن قادة القائمة أرتكبوا ما يُمكن أن نُسَمّيه خطأ تأريخياُ بقبولهم ترضِيات إتفاقية أربيل وتفريطهم بحَقهم الدستوري بتشكيل الحكومة والذي أفرزته صناديق الإقتراع، والأدهى والأمَر دخولهم بحُكومة المالكي، مُخيّبين بذلك ظنون وآمال جَماهير الشارع العراقي الذي إنتخبَتهم لأنّهم وقفوا بوَجه المالكي قبل الإنتخابات وكان خِطابهم السياسي يَعتمد على إنتقاده هو وحكومته الأولى الفاشِلة وطَرَحوا مَشروعاً وطنياً مَدنياً بمُواجهة مَشروعه الطائفي الظلامي، فإذا بهم وهُم الفائزون بالإنتخابات يَرضون الدخول بحُكومة يشكلها هو نفسه وهو الخاسِر فيها، مُوَجّهين بذلك صَفعَة قويّة لجمهورهم الذي زحَف لصناديق الإقتراع لإنتخابهم، مما أعطى إنطباعاً لهذا الجمهور بأنهم قايضوا أصواته وتضحِياته بمَناصب ورَواتب فلكية توفرها مُشارَكتُهُم بالحكومة، وهو ما سَيَدفع بالكثيرين للإمتناع عَن التصويت لهم في الإنتخابات القادمة. كان الأولى بهم البقاء كمُعارضة في البَرلمان وتشكيل حُكومة ظِل لسَحب الثقة مِن المالكي وحُكومَته وليس المُشاركة فيها.

طَبعاً العراقية هي ليسَت فقط أياد علاوي بل هي أيضاً أسامة النجيفي،وحسين الشعلان، وأرشد الصالحي، وميسون الدملوجي، وصالح المطلك، وحيدر الملا، وأزهار الشيخلي، وجواد البولاني، ورافع العيساوي، وغيرهُا مِن التيارات والشَخصيات السياسية التي تمثل كل أطياف وألوان الفسَيفساء العراقي التي إختارت السَير بخُطى المَشروع الوطني لبناء العراق،والتي أثبتت بعد تسَلمها لمَناصِب إدارية في الحكومة الحالية، كالأستاذ النجيفي والأستاذ عز الدين الدولة والأستاذ محمد تميم بأنها أهل للمَسؤولية، بعد أن نهَضوا بمُؤسساتهم ووزاراتهم مِن تحت الرُكام وأعادوا بنائها بَعد الخراب الذي لحِق بها على يَد الجَهلة الذين أستوزروا عليها في السَنوات السابقة.ختاماً أقول لأساتذتنا وأخوتنا في القائمة العراقية..نظُموا صُفوفكم مِن جَديد بَعد الإرباك الذي أصابَكم، وحافظوا على مُنجز وطَني ثمين أسمه القائمة العراقية، لاتفرّطوا به مَهما صَعُبت الظروف وأشتدّت التحديات،لاتسقطوا بفخاخ وأحابيل طُيور الظلام وخَفافيشه التي تحيك الدَسائِس والمُؤامرات وتتحّيَن الفرَص للإنقضاض على هذا المُنجَز الوطني وتفكيكه وتفتيته وتحويله لكيان هُلامي طائفي على غِرار كياناتهم الطائفية الهَزيلة. وأقول لأغلب مَن تركوا العراقية وإنظووا تحتَ مَظلة قوائم أخرى،أنكم أنتم مَن خسَرتم العراقية وليسَت العراقية هي التي خسَرَتكم، أستثني مِنهم الأستاذ حَسَن العلوي والسيد أياد جمال الدين والدكتور سلام الزوبعي وقِلة مِن الشَخصيات الوطنية، والذين أدعوهم للعودة الى العراقية لأن وجودهم فيها مَكسَب لها والعَكس صَحيح.

 

 

free web counter