| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. محمد الكحط

mk_obaid@hotmail.com

 

 

 

                                                                                   الأحد 9/10/ 2011

 

يوسف أبو الفوز في روايته الجديدة
كوابيس هلسنكي
ما الجديد وما هي المضامين   

حاوره : محمد الكحط

- العنف يمكن ان يندلع في اي مكان لأسباب لا علاقة لها بالدين فقط

- المثقف العراقي خارج الوطن يحتاج الى مؤسسات دولة مدنية كفوءة تأخذ بيده للتواصل مع الداخل
 

شق يوسف علي هدّاد، وهذا أسمه الصريح، مشواره الثقافي تحت اسم "يوسف أبو الفوز" متنقلا بين الصحافة والأدب ولم يتخلف في أي منهما، فهو مواكب دوما ومثابر على متابعة نشاطه الصحفي ويلاحق المستجدات، كما أنه يفاجئنا بنتاجات أدبية بين الحين والآخر، اضافة الى نشاطاته السياسية والثقافية والاجتماعية كناشط في منظمات المجتمع المدني. و"أبو الفوز" كما يناديه معارفه، من مواليد السماوة في 20/3/1956عاش في كنف عائلة عمالية فقيرة، حيث بدأت اهتماماته الأدبية مبكرا وسط رعاية عائلته، المعروفة بانتمائها الى يسار الحركة الوطنية، وكان محط أعجاب واهتمام أساتذته، اضطر لترك دراسته الجامعية، ثم العراق لأسباب سياسية عام 1979، والتحق لفترة بحركة الكفاح المسلح في كردستان، وتنقل بين عدة بلدان، ولم تكن رحلاته بعيدة عن المفارقات الدرامية، منها السجن في بلدان عربية وأوربية، جسد بعضها في كتاباته لحين استقراره في فنلندا منذ مطلع 1995م، وهنا أيضا نشط أبو الفوز في العديد من الفعاليات الثقافية فكتاباته الصحفية تظهر في العديد من الصحف العراقية والعربية والفنلندية، وهو عضو نقابة الصحفيين في كردستان العراق،  ونادي القلم الفنلندي، ومنظمة السلام الفنلندية وعضو الهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب والفنانين الفنلنديين حيث انتخب للدورة الثالثة وكأول كاتب من الشرق الأوسط. صدرت له مجموعة من الكتب الادبية والقصصية، وتنوعت موضوعاتها بين الهجرة العراقية وتجربة الكفاح المسلح في كردستان، وحياة العراقيين في أوربا، ورشحت احدى رواياته لجائزة البوكر للرواية العربية، كما كتب واخرج للتلفزيون الفنلندي افلاما وثائقية عن العراق، مثل احدها فنلندا في مهرجان دولي، مؤخرا تناقلت وسائل الاعلام خبر صدور رواية جديدة له، وكان لنا حوار معه بخصوصها :

·    بدءا نهنئك بحرارة على إصدارك الروائي الجديد ومجمل منجزاتك الادبية، هل يمكن ان تعطينا صورة عن روايتك الجديدة ؟

- الرواية عنوانها " كوابيس هلسنكي " من اصدار دار المدى، ورغم ان عنوانها يقود الى عاصمة دولة أوربية هي فنلندا، فأن احداثها ترتبط بالعنف والارهاب في العراق وهموم شخوصها العراقيين ومعاناتهم مع عسف النظام الديكتاتوري في العراق وبقدر ما حاولت الرواية ان تعكس تفاصيل عراقية شفافة لكنها تبدو في جوانب منها مفزعة في حقائقها، من هنا جاء عنوان الكوابيس، التي يعيشها الإنسان العراقي في حياته اليومية ! الرواية تتناول أيضا حياة وأفكار الجماعات المتأسلمة المتطرفة المقيمة في أوربا، وتحديدا فنلندا، التي تغذي وتساند العنف الطائفي في العراق وخطط ومخاطر هذه الجماعات على الحياة الديمقراطية في أوربا. حاولت في كتابة الرواية استعارة شئ من حرفيات السينما وعملت على خلط الواقع بالخيال والاحلام بالوثائق محاولا استقراء موضوعة العنف وهويته وجذوره ومخاطره، والتحذير من ان التطرف الديني والسياسي أساس للعنف والارهاب واردت القول بأن العنف يمكن ان يندلع في أي مكان لأسباب لا علاقة لها بالدين فقط .

·    هل صحيح ان الرواية جاءت ردا على حادث شخصي تعرضت له، وكم حجم التجربة الذاتية فيها؟

- لا اعتقد ان رسالة التهديد التي وصلتني وتهدد بذبحي وتؤكد ان يكون ذلك بسكين مثلومة يعتبر حدثا شخصيا، فهو موجه لكاتب وقد تلقى العديد من المثقفين رسائل مشابهة، وظل يؤرقني سؤال عن امكانيات وحياة وتفكير هذه الجماعات في أوربا الذين يكفرون الآخرين ويهددون بشكل واضح ويقولون في رسالتهم "أننا نعرفك جيدا" ، فقررت البحث ودراسة الأمر، الذي اخذ مني اكثر من سنة ونصف وكانت النتيجة هذه الرواية، لم اشأ ان تكون سيرة ذاتية او أنعكاس لتجربة شخصية، رغم استفادتي من وقائع عديدة حصلت في البلاد الاوربية والعراق، وبالتأكيد ان تجربتي الشخصية فيها ما يغذي ما يعانيه شخوص الرواية، ومنها رسالة التهديد وما تبعها، اضافة لتجارب الاخرين بشكل عام،  لكني لم احاول ان أقدم سيرة وثائقية لأشخاص معينين ومحددين بالذات، اجتهدت لرسم شخصيات تشابه الواقع، يمكن مواجهتها في أي بلد اوربي او عربي، لذا تجد ان الرواية لا تحوي أي أسماء، بل فقط ألقاب ونعوت للتعريف بالشخصيات.

·    وهل صحيح ما قيل ان الرواية تحدثت عن أحداث وقعت فيما بعد؟

- اظن أن العبقري انطوان تشيخوف هو من قال ان ظهور خنجر في الفصل الاول من مسرحية لابد ان يطعن به احد افراد المسرحية في الفصل الثالث، والاستخبارات الاوربية تؤكد وجود حوالي 800 عنصر من اعضاء الخلايا النائمة للجماعات التكفيرية في أوربا فقط، من جانبي رصدت خلال بحثي التجمعات المتطرفة ونشاطها، واستضافني احد البرامج التلفزيونية الفنلندية وحذرت من نشاطهم وخطر أفكارهم، فهم موجودون، مثل خنجر في الفصل الاول من مسرحية، فالرواية تحذر منهم وتنتهي بصيحة "أنهم بيننا". انهيت كتابة الرواية نهاية عام 2008 وأرسلت للطبع في خريف عام 2010م.

 وبعدها، لقد حصلت محاولة التفجير الارهابي في العاصمة السويدية ستوكهولم، ومؤخرا في فنلندا تم الاعلان عن اعتقال شخصين بتهمة دعم الارهاب تمويلا ومحاولات تجنيد عناصر، الرواية تتحدث عن آليات عمل هذه المنظمات، من خلال متابعتها لإحداث واعمال ارهابية متخيلة في بلد اوربي مثل فنلندا، وتحاول استقراء نتائج التشدد والتطرف السياسي والديني في اوربا ، وتطلق صرخة تحذير من أن اسباب العنف والارهاب اجتماعية واقتصادية قبل ان تكون دينية، وهي كامنة ويمكن ان تنفجر في اي حين عند توفر الظروف المناسبة، وهكذا فالرواية تحدثت عن اعمال عنف سبق وحصلت في فرنسا وفنلندا وحذرت من احتمال تجددها في أي مكان من أوربا، كما حصل في لندن والنرويج مؤخرا، والرواية ايضا تربط  بشكل مباشر كل الاحداث بما يحصل في العراق من نتائج الاحتلال الامريكي ونشاط المنظمات التكفيرية  في التجنيد والتمويل والتدريب والاسناد.

·    اليوم لم نعد نجد قراء للنتاجات الادبية الكبيرة الحجم، فعصر السرعة والانترنيت والفضائيات تأخذ أكثر وقت المتلقين، لكنك في أعمالك الأخيرة نجدك تعود لكتابة روايات طويلة، رغم أن البعض يجد في روايتك السابقة امكانية أن تكون أكثر من عمل أدبي واحد...؟

- رواية "كوابيس هلسنكي"  من 312 صفحة من القطع المتوسط وباعتقادي هذا حجم مناسب الى حد ما، لكن ربما أوافقك بأن روايتي السابقة "تحت سماء القطب" إصدار دار موكرياني عام 2010 في اربيل كان حجمها كبيرا نوعا ما، من 500 صفحة من القطع الكبير،  وصفت بأنها ذات نفس ملحمي، ذلك لان حجم موضوعات هذه الرواية هو من فرض ذلك، الرواية اجتهدت لإلقاء الضوء على حياة العراقيين في فنلندا وتأثير الحياة الاوربية على حياة الاسرة العراقية، عربا واكرادا، اضافة الى طبيعة المجتمع الفنلندي وموضوعة حوار الحضارات من خلال مقاربات ميثولوجيه، حين بدأت كتابة "تحت سماء القطب" لم اخطط لحجمها، بعض الشخوص ظهرت وفرضت نفسها اثناء العمل وصارت شخوصا اساسية، اعتقد ان القارئ الجاد الباحث عن قيمة فنية وادبية لا يهمه حجم الرواية، بدليل ان هناك الان كتبا لا تزال تنشر تصل صفحاتها الى 600 صفحة واكثر، وكتب تصدر على شكل عدة اجزاء متواصلة ومتكاملة، أن الانترنيت والفضائيات لا يمكن ان تكون بديلا عن الكتاب والحاجة اليه.

·   طبعا لم أقصد ذلك، ولكن قل عدد قراء هذا النوع نسبيا،

·   ما الذي تقوله عن علاقة المثقف والمبدع العراقي في الغربة بالوطن وجذوره الأولى، هل هنالك ثمة انقطاع  أم أنه تواصل  ...؟.

- لا يمكن للمثقف العراقي المقيم بعيدا عن العراق، المرتبط بجذوره الاولى ان ينفصل عن الهم العراقي، لاحظ ان العديد من اهم المثقفين العراقيين، المنتجين للثقافة العراقية، يقيمون خارج العراق، وهم بإبداعاتهم في الشعر والرسم والرواية والقصة وبالتوازي مع الجهد الجبار للمثقفين المخلصين داخل الوطن، يغذون نهر الثقافة العراقية بمياه عذبة لطرد ما خلفه النظام الديكتاتوري المقبور من ازبال  تعيق مجرى نهر الثقافة. لو اشرت لروايتي وقبلها مجمل إصداراتي، التي بلغت الان عشرة كتب، فهي كلها تتناول الهم العراقي والانسان العراقي وطموحه لحياة افضل تسودها الحرية والعدالة الاجتماعية، اعتقد ان تنشيط التواصل وجني نتائجه بشكل افضل يحتاج الى مؤسسات دولة مدنية كفوءة تأخذ بيد المثقف العراقي وتمنحه الفرصة ليكون فاعلا في الحياة الثقافية والاجتماعية، عندها ربما نجبر البعض على وقف لوك الحديث الفج عن  ما يسموه ثقافة "خارج" وثقافة "داخل" !

·   في نهاية هذا اللقاء أشد على يديك وأتمنى لك الصحة ومزيدا من العطاء في المجالات كافة.

 

 

free web counter