| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد الكحط

mk_obaid@hotmail.com

 

 

 

 

الأثنين 30 /7/ 2007

 

 


وقفة لابد منها

محمد الكحط - ستوكهولم -

ليس إنجازاً بسيطاً هو ما حققه الفريق العراقي لكرة القدم بفوزه الرائع ببطولة كأس أمم آسيا لكرة القدم، ومن يجب أن يثمن ويستحق التقدير هم أولاً أولئك اللاعبون الذين بذلوا أقصى جهد وطاقة ليفوزوا ومدربوهم وإداريوهم والمشرفون على الفريق، وبعدهم يأتي الآخرون ممن يشرفون على الرياضة من قريبٍ أو بعيد، وشعبنا الذي شجع ويشجع هذا المنتخب الوطني، والحديث طويل عن الظروف الصعبة والحرجة التي يمر بها العراق بشكل عام والفريق بشكل خاص، والفوز كان رداً كبيراً وصرخة أخرى بوجه الإرهاب والإرهابيين، بل وضد الطائفية والطائفيين وضد من لا يريد وحدة الشعب العراقي، فها هم أبناء العراق من كل أشكال وألوان فسيفسائه الجميلة، زرعوا الفرح والحب والوحدة قبل أن يمنحوننا ثمرة النصر للعراق. دروس كثيرة علينا جميعاً أن ننتبه لها ولكن ليس هذا ما دفعني للكتابة، بل هنالك موضوع آخر له صلة وطيدة ودرس جميل آخر على الجميع إدراكه.

هي المرة الأولى التي يصل فيها المنتخب الوطني العراقي لهذا المنصب الرفيع والصعب، وهو يعتبر الإنجاز المعجزة بسبب الظروف التي يعرفها الجميع التي يمر بها شعبنا ووطننا ناهيك عن أن أعضاء الفريق هم أقل ممن أتيحت لهم فرص الرعاية والعناية والتدريب والتمرين والأختلاط مع الفرق العالمية، قياساً بفرق كالسعودية على أقل تقدير وهي صاحبة اللقب ثلاث مرات. وفي ظل الدكتاتورية وعندما كان أبن الدكتاتور المعتوه والمقبور يقود هذا القطاع المهم، قطاع الرياضة ويشرف مباشرة على فريق كرة القدم الوطني وبأساليبه وأساليب أبيه ونظامهم الهمجي، ورغم المبالغ الطائلة التي تصرف وأساليب الترهيب والترغيب والإغراءات، ورغم العقوبات القاسية التي كانت تفرض ورغم الممارسات البشعة التي سمعناها من اللاعبين مباشرة، والتي كانت تمارس ضدهم من أجل الضغط عليهم كي يحققوا الأنتصارات، لم يصل المنتخب أو يحقق فوزاً كهذا، أما اليوم فلم تعد الأساليب المذكورة موجودة، لذا تفجرت الطاقات ونهض الجميع ليقدموا أرقى ما عندهم، بهمة عراقية خالصة، فالحرية تطلق العنان للإبداع والطاقات والقدرات، بعيداً عن الخوف والترهيب. وهذا الدرس الضروري ليتعض من كان يوماً أو ما زال يسير في فلك النظام الساقط.

أما الدرس الكبير، والمهم هو أن الفريق العراقي لعب في قلبٍ عراقي واحد، وهدفه واحد وهو العراق، بعيداً عن الأنانيات والطائفيات والمصالح الضيقة، لم يكن نور أو نشأت أو كرار أو يونس أو هوار أو أي لاعب آخر منهم يلعب من أجل مصلحة طائفة أو قومية أو حزب أو عائلة، بل كانت الهوية العراقية الأصيلة هي من تجمعهم، تكاتفوا وتعاضدوا وتعاونوا وقدموا أرقى ما لديهم من مهارات، لذلك حققوا المعجزة هذه الهوية وهذه الروحية هي التي يحتاجها سياسيونا ليفوزوا على الإرهاب والمشاكل التي تعصف بالبلد. فهل سيلتفوا على الهوية الوطنية العراقية ويتكاتفوا ليحققوا الفوز الكبير وليدعوا الشعب يصنع المعجزات تلو المعجزات أم سيبقوا أسيري الطائفيات والقوميات والأحزاب.

أن الفرح الذي عم الشعب العراقي بأسره في الداخل والخارج لهو دليل آخر على وحدة وتماسك وأصالة شعبنا الأبي وحبه للعراق، ألا يستحق هذا من القيادات السياسية أن تفكر ملياً به وتلتف حوله وتعيد حساباتها بعيداً عن النفاق والدجل والمصالح الأنانية والمنافع الشخصية.

لا بد من وقفة جدية من أجل شعبنا ووطننا ووحدته التي عززها النصر الكروي الذي حققه أبناء الرافدين الغيارى، لابد من إعادة الاعتبار للهوية الوطنية العراقية التي طمستها الدكتاتورية ويحاول المحتل القضاء على ما تبقى منها بشتى الطرق. لكم الشكر كله والحب كله يا أبناء العراق الأصيلين، أعضاء الفريق العراقي المتوج بطلاً لآسيا.