| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد الكحط

 

 

 

 

الثلاثاء 1 /8/ 2006

 

 


من مناضلي الصحافة الشيوعية في العراق:

أبو سلام من الجنود المجهولين للحزب تاريخ نضالي حافل
 

محمد الكحط - ستوكهولم

الرفيق عبد الأحد توما يوسف (أبو سلام ) طائرٌ محلق بذاكرته في سماء العراق رغم غربته الطويلة عنه، طالما غرد حباً بشعبه ووطنه وحزبه، أنه من الأوائل، من الرعيل الأول، ذلك الرعيل الذي قدم الكثير الكثير من العطاء والتضحيات.

مسيرة ظافرة ومساهمات كبيرة لأجل بناء صرح الحزب الشيوعي العراقي الشامخ مع الرفيقات و الرفاق...هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم وبالغالي والنفيس وبزهرة شبابهم ، الذين غدوا روح الحزب وكيانه، أنهم النجوم المضيئة لمسيرتنا الظافرة...

ولد أبو سلام في السابع والعشرين من شهر تموز سنة 1927 في مدينة الموصل، وهذا التأريخ ليس دقيقاً، فقد أختار يوم عقد قرانه على شريكة حياته ورفيقة دربه الرفيقة (أم سلام)، وهي رفيقة مناضلة قدمت الكثير من التضحيات والعطاء جنب رفيق عمرها ليكون تأريخ ميلاده الجديد، كما يصادف هذا اليوم ميلاد أحد أحفاده.

أنتمى إلى الحزب في أواسط الأربعينيات، وعمل في تنظيمات الموصل وكركوك وبغداد للحزب، ونشط في مجال الشباب والعمل النقابي، وبرز كقائد جماهيري أحبه الناس أينما حلّ.
في أواسط الأربعينيات وبسبب نشاطه الجماهيري تعرض( أبو سلام) إلى ملاحقات متكررة نجا منها بأعجوبة، فقرر الحزب أن يغادر إلى مدينة كركوك هو ورفاقه ( شقيقته مريم الصيدلانية وسكرتيرة رابطة المرأة في الموصل وزوجها المحامي حميد حمدي، وشقيقه الأصغر الدكتور عبد المسيح و سالم تفه و توما توماس)، وهناك عملوا في بيت حزبي مع الرفيق رحيم قلو وأوكر أبونا وزوجته ماري.
عادوا بعد ذلك إلى الموصل من جديد حتى مؤامرة الشواف.

بعد ثورة الرابع عشر من تموز ونظراً لنشاطه المميز أختير ممثلاً للحزب ورئيس نقابة الأعمال التجارية في الموصل. كما ساهمَ في حركة أنصار السلام وكانَ عضواً ناشطاً فيها، فقد عمل مع عزيز شريف وكذلك في دار بغداد مع الرفيق أبو جواد، بعدها تفرغ للعمل الحزبي خصوصاً في مجال الطباعة الحزبية، والتي برز فيها وقدم الكثير من الجهد والعطاء الأستثنائي، فعمل مع الرفاق الياس حنا كوهاري وصبيح سباهي وفخري بطرس، ثم عمل مع الرفيق الخالد سلام عادل والرفاق الأماجد جورج تلو ومحمد صالح العبلي وجمال الحيدري وحسن عوينة وكاظم الصفار وعبد الجبار وهبي والرفيق أبراهيم (أبو أيمان)،
ورفاق آخرين.

بعد أنقلاب 8 شباط 1963 الأسود تمكن من الإفلات من قبضة المجرمين وعمل مع قيادة الحزب وبالذات مع الرفاق جمال الحيدري ومحمد العبلي وأصدروا أول بيان للحزب بعد الأنقلاب الأسود.
ونتيجة لنشاطه جرت ملاحقته وحكم عليه غيابياً بالإعدام، مما أضطره لترك بغداد والأنتقال إلى كردستان سنة 1965، وعمل هناك في مجال الطباعة والصحافة، إلى أن أرسله الحزب في دورة حزبية إلى الإتحاد السوفيتي وطلب منه البقاء في أحدى جمهوريات الإتحاد السوفيتي على أن تلتحق به عائلته، إلا أنه فضل العودة إلى وطنه وعائلته، فعاد سراً إلى بغداد، ليعمل في التنظيمات السرية للحزب.

عاش في البيوت الحزبية وفي أماكن الطباعة الحزبية السرية وتنقل مع عائلته في عدة بيوت، كالعادة، وهي ضرورة لتجنب الوقوع في كمائن العدو الذي يحاول جاهداً النيل من الحزب وصحافته وأعلامه، وطالما كانت العائلة تضطر للتغطية على صوت ماكنة الرونيو أو جهاز الطباعة ( المغطى بعدة بطانيات ) وبلعب كرة القدم أو ألعاب أخرى بالصوت المرتفع كي لا يسمع الجيران الفضوليون دائماً ذلك الصوت وكان للأطفال دورهم في ذلك، وكانت كلمة السر عند الشعور بالخطر هو ( ناواتي ) عوضاً عن (بابا) والتي كانت محرمة اللفظ بها وكي لا تثير الشكوك عند المناداة بها. وفي أحد المرات داهمت الشرطة السرية بيت أبو سلام ولضيق الوقت وضع جهاز الطباعة في الخزان ( ومعه البيان المعد للطبع)، وتم تغطيته بفرشة، تم توزيع أفراد الشرطة على الغرف وفي هذه الأثناء كانت الرشاشات مصوبة إلى صدر أبا سلام ونجله، خرج الشرطي من الغرفة المعنية قائلاً:سيدي لم أجد شيئاً!!!، وحتى هذه اللحظة لا يعرف أبا سلام هل كان ذلك الشرطي من رفاقنا أو من المتعاطفين مع الحزب، وهكذا نجا بأعجوبة من محاولات متكررة للإيقاع به، وعلى أثر هذه الحادثة أضطر الوالدان ترك قسم من أطفالهما عند الأهل للحفاظ عليهم، مضطرين تغيير أماكن سكنهم عدة مرات والعمل مع رفاق عديدين وفي ظروف مختلفة.
يتذكر أبو سلام حادثة أعتقال العديد من رفاق الحزب، وتأثير ذلك على عملهم آنذاك، وغيرها من الذكريات الحلوة والمرة الأخرى والتي نتمنى أن يمتد به العمر طويلاً ليكتبها لنا ونطلع عليها.

الرفيق أبو سلام يعيش منذ فترة طويلة في المنفى مع عائلته متحملاً عناء الغربة وآلام المرض رغم كبر سنه.
لقد ربى الرفيق أبو سلام أجيالاً من المناضلين وكان لخصاله الرائعة دوراً وتأثيراً كبيراً على رفاقه وأصدقائه وعائلته فهو الرفيق الطيب المتواضع الملتصق بالحزب، وهو رغم كبره ومرضه لا يزال ينبض حباً لرفاقه ولمبادئه العظيمة التي آمن بها وضحى بنكران ذات من أجلها، ولم تذهب عبثاً تلك التضحيات فها قد سقطت الدكتاتورية.
وفي ميلاد الرفيق أبو سلام الذي يتزامن من الأحتفال بعيد الصحافة الشيوعية في العراق، نقول له عمراً مديداً وصحة وعافية فأنت أحد الرموز المجيدة في مسيرتنا وأنتم شمعتنا المضيئة، في ميلادك نهدي أليك ألف ألف زهرةٍ حمراء ناصعة.