| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. محمد الكحط

mk_obaid@hotmail.com

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 15/2/ 2012

 

الرفيق الشهيد (محمد)
استشهادك أوجعني

محمد الكحط

لم أكن أعرف أسمه الحقيقي إلا بعد حين، فهو الشهيد (قاسم علي جاسم السوداني)، ولم يعرف هو أنه يحمل أسمي الحقيقي كأسم حركي له، كان تعارفنا هو عملنا في السرية الخامسة ضمن تشكيلات الفوج الثالث - قاطع بهدينان -، قدم من يوغسلافيا الى كردستان سنة 1983م، تاركا دراسته ليواصل النضال مع رفاق دربه الذين أحبهم ضد الدكتاتورية، كنا معا دوما في أوقات الأستراحة وفي المسيرة وفي تلك المنازل التي كنا نحل عليها ضيوفا عندما يحل الظلام، منازل الفقراء في ريف كردستان، عرفته شفافا تواقا للثقافة، يهوى الأدب ويرسم بشكل جميل، فكان معي في لجنة إعلام السرية حيث نصدر المنشورات والبوسترات التي تكشف جرائم النظام الدكتاتوري، كما كنا نحرر مواد نشاطات السرية المختلفة، وأصدرنا أنا وهو والرفيق بسام ورفاق آخرين مجلة السرية الخامسة، وكان هو يزينها برسوماته وكتاباته الأدبية، كما ساهم في المعارك والنشاطات الاجتماعية التي كانت تقوم بها السرية، أحبه الجميع لتواضعه وهدوئه وحبه للجميع، رغم صعوبة الظروف هناك، وظل هو في السرية عندما أنتقلت أنا الى مقر الفوج، ولكن بقينا على تواصل، من خلال الرسائل المتبادلة ولكوني في إعلام الفوج وأتابع نشاطات السرايا الاعلامية أيضا، وعندما يأتي الى المقر يكون معي دائما، نتحدث عن كل شئ، الحب الحياة الأدب العلم المسرح السياسة، وفي آخر لقاء وجدته مهموما منشغل التفكير، فقد أصطدم بجدار الصمت وبالأبواب المغلقة، فكان مولعا بالفيلسوف والوروائي والكاتب المسرحي الفرنسي الأصل جان بول سارتر، وغادرنا تاركا صرخته (أحبكم يا رفاقي الطيبين وأصدقائي الفقراء....)، عندما وصلني الخير تسمرت في مكاني ثم نهضت مسرعا كمن لدغته أفعى وركضت، وعندما أقتربت منه شعرت ان جسدي قد أنفصل عن روحي، لم اعد أقوى على شيء، بكيت في دواخلي بكاءا مرا حزينا، كما بكت السماء بحزن، ونزل الثلج مدرارا، غطى جسده المسجي وغطى قبره في ذلك الوادي الكئيب، فيوم 13 يناير 1986م، كان يوما حزينا كئيبا مؤلما.

بعد سقوط النظام الدكتاتوري، زرت العراق سألت عن أهله، ومن حسن حظي وصلت بيتهم في مدينة الثورة، فألتقيت بأمه المكضومة وأخواته وأقربائه، وحدثتهم عنه، وبعد ذلك علمت أنهم نقلوا جثمانه من ذلك الوادي ليدفن في مقابر عائلته، في مراسيم تليق به.

أفزعني فقدانك يا محمد، أوجعني أستشهادك، أيها الوديع أيها الرائع أيها الجميل، في هذا اليوم ونحن نستذكر شهدائنا، وضعت صورتك أمامي، وتحدثت عنك لأصدقائي، أنك في القلب يا محمد فلن ينساك رفاقك الفقراء أبدا.


رفيقك أبو صمود

 

 


 

 

free web counter