| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

الخميس 9/12/ 2010



حصة السيد... وعرگ أبو حسن الدراجي

محمود القبطان  

ظاهرة الفساد هي ظاهرة عالمية وليست محصورة ببلد واحد دون الآخر. لكن في كل بلد هناك حزمة قوانين صارمة ضد هذه الظاهرة والقانون يقف في المرصاد لمحاسبة الفاسدين وبدون أي اعتبار لموقع من خرق القانون أو عبث بالمال العام . ففي احدى البلدان التي تحترم القانون , السويد مثالا, ذهبت سكريتيرة الحزب المحافظ الذي يقود الوزارة الائتلافية الى الخارج بدعوة من احدى الشركات الكبرى مدفوعة البطاقة في الدرجة الاولى والفندق وغيرها, فعرفت الصحافة عن هذا الفعل "الشنيع" فأعتبر هذا نوع من الرشوة وقد كلفها هذا الكثير من وجع الرأس واللقاءات مع الصحافة. وقدمت, في حالة اخرى, لرئيسة الحزب الديمقراطي الاشتراكي بطاقة درجة اولى في مباريات لكرة القدم وقبلتها وقامت الدنيا ولم تقعد لقبولها هذا النوع من الرشوة "الفضيحة". أما رئيس حزب اليسار في البلد نفسه فقد رفض بطاقة شرف لحضور مباريات لكرة القدم في المواقع المخصصة للشخصيات المهمة وقدرها 9 آلاف كرونة, ما يعادل 1300 دولار, لانه يريد أن يرتاح ويرى وينفعل مع اللعبة ويصيح بدون تقييدات يستوجبها المكان ويدفع سعر البطاقة شخصيا. هذا في السويد..لكن ماذا يحدث عندنا .. اليكم بعض الامثلة البسيطة.

1:
في فصل الشتاء الفائت تجرأت وبدأت اغير البطاقة الشخصية لي ولعائلتي, وبعد أن حضّر العرضحالچي الورقة وبخط جميل تبين أن لا حاجة لكل هذه العريضة وانما يجب أن أشتري استمارة خاصة وفيها كل المعلومات لملئها وتبدأ رحلة الطوابق وعلى اليسار وعلى اليمين, اطلع منا, شتدسوي هنا ؟ وما أن وصلت للوصولات طلعت روحي. وهناك دفعت 3000 ديناروهكذا قال من يحرر الوصولات بينما كان في الوصل 750 دينار, وفي نفس الوقت انتظرت النقيب بعد أن كان قد استدعي الى مدير الاحوال المدنية في المنطقة لشكوى ضده وقد انتظره كل الموظفين وأيديهم على قلوبهم, وفي الاخير قال : لا سلامات. وهذا النقيب من فرحته قال لي : روح تعال باچر الساعة الثامنة, قلت هل أستطيع أن أمشي المعاملة ألان : إذا تريد أن أضع معاملتك في الأخير وانتظر. في اليوم التالي في الساعة الثامنة في اليوم التالي كنت عند مدخل شعبة 9 أحوال الكرادة وبانتظار النقيب ولكن اُدخل احد المساكين بعد ان أعطاه التعليمات صاحب الوصولات بأن يدفع, فدفع وخرج وأنا وآخرين في الانتظار الى أن وصلت إليه وسألت عن المعاملة فقال بهدوء معاملتك في الطابق الأرضي وانتظر. وفي غرفة مجاورة للنقيب نشب عراك بين موظفة ومراجعة لان الأولى لا تريد أن تنهي المعاملة للمراجعة إلى أن وصل بالموظفة بالتلفظ بكلمات غير لائقة بسيدة لا بل بأنسان محترم . ومن أجل أن احصل على شهادة الجنسية لي ولعائلتي ذهبت الى الدائرة الكائنة في الكرادة وهناك محل واحد صغير بالقرب من بوابة المديرية يطبع ويستنسخ المعاملات ويحرر بطاقة سكن وبطاقة تموينية ,عنده الكثير منها, لحين الحصول على شهادة الجنسية ثم يتلفها بيدية, لانه سيد ويخاف الله,هكذا قال, لكنه يريد أن يساعدني. والعمولة 100 ألف دينار لكل معاملة, وبعد المساومات , وفقط لعيوني اصبح المبلغ 75 الف لكل معاملة , رحمة من رب العالمين ولولا عيوني الجميلة التي اصبحت جفونها متدلية بسبب العمر لما استطاع هذا السيد الصنديد أن يساعدني . أسوق هذا الكلام لان ما سمعته اليوم عن اعمال هيئة النزاهة ونجاحاتها في الكشف عن آلاف القضايا في التزوير والفساد المالي والذي قال رئيس الهيئة ان 2500 حالة فساد بينهم أكثر من 250 حالة لمدير عام واعلى الى حد درجة وزير. وبالرغم من هذا النجاح واحالتهم للقضاء لكنه ذكر أن اكثر حالات الفساد في محافظتي النجف وبابل والمحافظات الدينية . فأين الدين والحرام والحلال من هذا الفساد وباسم من تتم تلك العمليات من سرقة مال الشعب دون رقابة ومن يغطي على تلك الاعمال الاجرامية التي لا تقل ايذاءا من الاعمال الارهابية ان لم تكن ممولة لها ؟ لم يتحدث محافظي تلك المحافظات ولا مجالس تلك المحافظات عن اجراءات تضع حدا لتلك التجاوزات لكن مجلس محافظة بابل ارتعد ورجف من أجل التقاليد والشريعة التي تنتهك بسبب مهرجان اريد له أن يُقام في بابل فيه رقص شعبي وقد كلف وزارة الثقافة 75 مليون دينار.

الفساد منتشر ومستمر باسم الدين ، فمن يحاربه ؟
اليوم وصل الى مسامعي من أحد معارفي انه ذهب ليجدد هوية الاحوال المدنية لعائلته لانه متقاعد ولديه من الوقت لان يراجع معاملات عائلته. وأول ما سأله الموظف هو التالي : هل تريد أن تمشي معاملتك بسرعة أم تأخذ الروتين أصعد وانزل ؟
استغرب هذا المواطن ثم قال : لا.. أريدها بسرعة لاني تعبان . فأخبره الموظف "الشهم" عليك أن تدفع للسيد 75 ألف وتنجز معاملتك غدا!! منو السيد ومنو العبد ومنو الحرامي , لا أحد يعلم .

في زمن نظام صدام المقبور كانت الاحزاب الاسلامية تنشر مثل هذه التجاوزات من الفساد وغيرها ايام المعارضة لتعرية النظام الذي كان يدار من قبل مجموعة الريس والحلقة الضيقة من حوله وبالاخص من قبل أولاده وعبد حمود . وتصور الناس بعد السقوط واستيلاء احزاب الاسلام السياسي على مقاليد السلطة , تصوروا خطأ ان كل الفساد سوف يختفي ويحل محله الاخلاص وتنتشر الحريات ويزدهر العراق ويعاد بناءه وتتوفر الخدمات التي كانت حكرا على القائد وقصوره , ويتوفر الامان للناس وتنتشر ثقافة التسامح وتبدأ العملية التربوية بخطى صحيحة و تختفي الصور والشعارات والتماثيل والجداريات للقائد الضرورة التي كانت المنظمات الحزبية تتبارى في رفعها ونصبها في كل الشوارع ولم تسلم الجسور والشوارع والمحلات والدوائر منها فعلى كل مواطن أن يرفع هذه الصور ويضعها في قلبه قبل بوابة محله أو شركته .

ماذا حدث بعد السقوط ؟ ازدادت الصور والشعارات والاعلام السوداء , وخرب العراق مما تبقى منه, انتشر الفساد على أعلى المستويات, انتشر القتل والعصابات الاجرامية في ظاهرة لم يشهدها العراق من قبل. انتشرت ظاهرة الاستقواء على الآخرين عبر فرض تقاليد وقوانين , ربما بعضها لم يكتب, وانتشرت ظاهرة شراء الاصوات في الانتخابات والتزوير وفي الخارج منع الآلاف من التصويت لان مستمسكاتهم لم تكن واضحة أو غير كاملة. وفي كل الشوارع والمدن صور ولوحات وجداريات لاحدى الشخصيات الدينية حتى باتت هذه الصور تعيد بالذاكرة الى أيام صدام. ولا اعتقد انه لو كان هذا المرجع حيا يرزق لما كان قد قبل بها. لانها تشويه لسمعته ولان من يرفع صورته الكبيرة هو لا يقل فسادا عن أولاد صدام ورهطه , وانما يرفعها من أجل أن يغطي على أفعال الفساد الكبرى التي تجري في النهار أكثر منها في الليل. وربما هذا يحدث وسوف يستمر لان الكثيرين من اهل الحل والفصل هم متورطون في الفساد, فكيف لهم أن يحاربوه.

2:
أما حكاية عرگ المبدع فالح الدراجي لما نشره اليوم فكانت لها أكثر من دلالة كبيرة وياليتهم يقرأونها. الا ان الكاتب الدراجي قد مدح رئيس مجلس محافظة بغداد لانه يعرفه شخصيا حيث انه يعشق الشعر وربما انه شاعر ايضا وان لم يسمع له. لكن ما غفل عنه الاخ العزيز الدراجي هو ان الانتهازيين هم متقلبون في كل الاوقات وانتقائيون ويجيدون التلون المستمر كالحرباء, ولا اعتقد ان الشاعر الدراجي يجهل هذه الحقيقة. فقد قام هذا الموظف الذي ظهر تأريخه على الانترنيت بنعت كل الذين خرجوا ليعترضوا على تصرفاته كمرجع رقابي و يعتبر نفسه تنفيذي , بأغلاق النوادي الاجتماعية بحجج تافهة للحفاظ على التقاليد , بكلمات لا تليق بهم وهم في العلو الثقافي والادبي. لكن هذه الظاهرة الجديدة لم تكن تقتصر على نادي الادباء فقط وانما كانت مقدمة لحملة يشنها الصدريون والمتزمتون في التيار الاسلامي المتشدد الذي يقود السلطة في العراق وحسب الاتفاقات المسبقة لتكليف المالكي بولاية ثانية. ليقل لنا هذا الريس الجديد, بعد أن عفى المالكي عن مزوري الشهادات والوثائق الرسمية, كمكافأة لهم ,لنضالهم وصبرهم , وحتى يبقون في مناصبهم واماكنهم, لان الدولة تدار من قبل دولة القانون وعن أي قانون يتكلمون, أيهما أخطر على العراق الجديد مزوري الشهادات أم النوادي الاجتماعية ؟ انا أعتقد انه سوف يقول اصحاب النوادي هم الاخطر, لان مزوري الشهادات لم يذكروا في القرآن لا مع المنكر ولا مع لحم الخنزير ولذلك لا حرج على من زوّر لفائدة شخصية والمال مال الله حتى القصور التي تتراوح اسعارها بين 40 و50 مليون دولار , لا بل حتى لو كانت اغلى لان المال لله وليس للعبد , حتى لو اطلق الرصاص في فندق رويال اسكوت في دبي بين "ويلاد" الرؤساء الذين يلعبون بأموال الشعب في الخارج ولا رقابة عليهم حتى لو شربوا العرگ بالقندرة. عليهم حلال ومقسم عليهم على الطريقة الإسلامية فقط . بعد أن انتهينا من عدي واحد جاء لنا عشرات من عدي جديد لكن بلحية وسبحة 101 حتى كانت للوالد حفظه الله خيمة للجميع . كان الدكتور المزور الجديد رئيس مجلس محافظة بغداد الزيدي يتهم مثقفي العراق وأدباءه بالمأجورين وشخصهم بالملحدين والمقصود أصحاب الأيادي البيضاء شيوعيي وديمقراطيي العراق لتمشية قراراته القرقوزية وليضرب على طبل مثقوب لا يسمع, لكن ليقل للناس من منهم سرق الملايين ؟ ومن منهم زوّر شهاداته وعفا عنه المالكي ؟ هل من بينهم من دعا الى الفساد أو من بينهم من اشترك في سرقة بنك الرافدين فرع الزوية ؟ هل من بين هؤلاء النخبة العلمية والأدبية مفخرة العراق من كان يرتدي الزيتوني سابقا وقتل أبناء منطقته وكتب التقارير الكاذبة على زملاء مدرسته ليساقوا الى المقابر الجماعية التي سجلت بالجملة بأسم التيار الاسلام سياسي ؟ هل المخدرات اقل فتكا بالإنسان من شاربي الكحول؟ أليس هذا المجال يأتي في باب الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور الذي يغتصبوه في كل يوم وفي كل لحظة؟ يذكر التاريخ الإسلامي : إن الإمام علي (ع) بعد إن علم إن السيدة زينب في صغرها وضعت على يديها سوارا صغيرا فثارت ثائرة الإمام واراد قطع يد السيدة زينب وهي طفلة لولا تدخل السيدة فاطمة الزهراء زوجته وبنت رسول الله. فهل يتذكر سراق اليوم من ملتحي الزمن الأغبر الإمام علي بعدله وزهده ويبكون ليلا ونهارا على استشهاد أبنائه وأحفاده عندما يقومون بالإعمال التي حرمها الله وفي مقدمتها السرقة ؟ لكن مشكلة المتلبسين بالدين انهم لا يتذكرون ولا يطبقون ما ينهون عنه.

كل هذا يتم, يا عزيزي , أبو حسن الدراجي, على علم من قبل كابينة المالكي والمالكي شخصيا و المحاط بمستشارين لا حصر لهم وكل هذا من أجل الوزارة والسلطة. سوف يسير العراق على خطى الدول المتشبثة زورا بالإسلام وهي لا تطبق من الدين غير تحريم الكحول واضطهاد المرأة وقتل الفرحة في الناس. هل تعلم أن البنات عزلن في معهد الفنون الجميلة في المسرح, والغي فرع الموسيقى, وألغيت الكليات المسائية للفنون الجميلة للبنات, رفعت التماثيل في أروقة كلية الفنون الجميلة لان أحد الجهلة يذكره المنظر بتماثيل عصر ما قبل الإسلام! ماذا سوف يفعلون بتمثال الرصافي وأبو نؤاس وعبدالكريم قاسم ؟ إن هذه الجاهل المتأسلم يعيش عصارة فكرة في الجهل والانحطاط, لكنه لا يتوانى عن السرقة والسفر بأموال الشعب للتسوق لعائلته من أسواق دبي وباريس وهو الجاهل حتى بأية كلمة قد تفيده في التبضع في سفراته القادمة.

الحملة الظلامية الجديدة سوف تستمر لتشمل أمور أخرى ليجعلوا من العراق قم وقندهار جديدة على أرض الرافدين. بدأوا ببنك للنساء في البصرة ووصلوا الى غلق أبواب رزق الناس والنوادي الاجتماعية ورفع التماثيل لأنها تمثل الجاهلية , وسوف تصل الى تحريم قراءة أي كتاب غير الكتب الدينية. وقد قالها الزيدي : لماذا يكتبون عن محمد باقر الصدر ومحمد محمد صادق الصدر ؟ أليس لهم كتاب وأدباء, لماذا لا يبدعون في هذا التراث ؟ عتبي على من لم يسمح بنشر مقالة لي حول هذا الموضوع قبل 4 أيام. ألأمر لم يبقى في صالات المجاملة والسكوت على الخطأ. والنشر حق للجميع ونحن ندافع عن الحريات في التظاهر والنشر بينما "يضطر" البعض الى تقليم بعض النصوص.

على كل من قاوم ويقاوم الظلم وخنق الحريات من شارع المتنبي وغيره أن يستمروا في احتجاجاتهم ورفع صوتهم عاليا وفي كل المحافظات ضد الأعمال الاستفزازية من قبل سلطة الملالي, وقد قالها مقتدى الصدر انه ليس موجها من إيران, وان لم يُسأل حول هذا , لكن واجبه أن يسعى الى "هداية وإصلاح المالكي". هل المالكي اعوج ومتمرد الى هذا الحد ليأتي القائد الضرورة الجديد الذي سوف يُسيّر الدولة في حكومته الجديدة ليهديه ويصلحه ؟ دولة الفقيه في طريقها الى العراق إن لم تتحد القوى الديمقراطية وكل القوى المتحررة التي تناضل من أجل استقلالية العراق و الحريات غير المنقوصة وحقوق الإنسان في فرض نفسها على الشارع عبر تبني مطالبه والسعي لتحريك الناس لتعريفهم بحقوقهم المهظومة.

 

20101209




 

free web counter