| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

الأحد 9/8/ 2009



تقاليد جديدة لم نعهدها سابقا

محمود القبطان

مئات الآلاف من الشباب والشابات العراقيين درسوا في الجامعات في داخل الوطن و خارجه وتثقفوا بثقافة عراقية أصيلة الا وهي حب الوطن والتفاخر بالانتماء إليه وكانوا يحملوها أينما ذهبوا,لا بل لم تقتصر هذه الثقافة الجميلة على من درس في الجامعات أو أدنى من ذلك حتى شملت الجميع وأصبح الانتماء للوطن وليس لشيء آخر قبله ، مما جعل جواب العراقي أن طرح عليه سؤال من أين أتيت ؟ له جواب واحد وهو أنا عراقي.

وأصبح الاختلاط بين الناس أمرا طبيعيا حيث يسكن المواطن أين ما شاء دون ان يُسأل من أحد عن دين أو مذهب أو قومية. لكن السنين العجاف ما بعد الحصار ,وربما قبل هذا الوقت,أصبحت الأمور تسير بطرق وعرة أدت الى ما أدت إليه آلة الحروب والسياسة الصدامية المقيتة من تفكك في العلاقات الأسرية والابتعاد عن ألأصدقاء والجيران حيث بقى الإنسان العراقي يبحث عن لقمة عيشه اليومي إضافة الى حالة الشك التي زرعت بين الناس والتحسس من أين أتى هذا الجار الجديد؟

وبعد التغيير السياسي الذي شهده العراق استبشر العراقيون خيرا لانقضاء فترة من اشد الفترات السياسية قسوة وخوف وذعر وحروب وقتل وتغييب , لكن الرياح لم تجري كما تشتهي السفن ، فقد زرع المحتل وذراعه الطويلة بريمر سياسة المحاصصة الطائفية والقومية مما انعكست سلبا على المجتمع وقد تستمر هذه السياسة لفترة طويلة قبل أن تختفي, بذلك أثرت سلبا على نفسية المواطن حيث تبدلت التقاليد الاجتماعية العراقية المتعارف عليها.

فعبر النعرات الطائفية انزلق العراق الى هاوية الحرب الأهلية وبدأ القتل على الهوية الطائفية والدينية والتهجير والتهجير المضاد مما خلق اجواءا لم تسمع بها أجيال من السابق,هذا لا يعني انه لم تكن هناك طوائف وانتساب إليها لكن لم يكن احتراب وفق التصنيف المذهبي أو الديني أو القومي ، كل كان يعيش أينما شاء وفي أي محافظة كل حسب عمله وتواجد أهله .

وعلى ضوء ذلك بدأ البعض يعرف نفسه حسب قوميته أو دينه وهذا شيء لم نتعود عليه من السابق. ومما يسمع هنا وهناك في هذا المجال قيل أنه حالات منفردة, لكن الأمر تعدى ذلك الى أن أصبح ظاهرة غير حميدة يجب التصدي لها عبر وسائل الإعلام بكل أنواعه.

قبل أيام قليلة وعلى إحدى القنوات الفضائية العراقية المتعددة كان لقاء مع شاعر وعائلته وهم كانوا في السويد لمدة 13 عاما والآن يعيشون في قطر, اغرب ما سمعته من السيدة زوجة الشاعر قولها : أنا عندما اسأل من أين أنا ؟ أقول أنا من الناصرية أولا قبل أن أقول من العراق!!! من يعرف الناصرية, مع كل الاعتزاز بالناصرية وأهلها, في السويد مثلا .
هل السائل يريد معرفة المدينة أم الدولة ؟ ضابط الحدود العربي عند دخول هذه الدول هل يسأل عن المدينة أم الدولة ؟

أما وألاغرب من ذلك وعلى نفس النمط الجديد المشوه للهوية العراقية هو ان التقي بعض الأصدقاء من أيام الدراسة الجامعية في إحدى دول أوروبا الشرقية وإثناء الخروج تقدم نحوي شخص لا معرفة لي به سابقا فقدم نفسه فلان, ربما رآني جديدا على الحضور, وكان صديقي القديم قد أسعفني بتقديمي له كأحد الطلبة العراقيين في السابق, فقال تكملة لتعارفه الحشري أنا صابئي مندائي وسلم لي على الصابئة المندائيين أينما تلتقيهم وقل لهم فلان أبو...

الشعب العراقي يعرف طيبة الصابئة ونجاحهم في الحياة وانخراطهم في الحركة الوطنية اليسارية وقد قدموا مئات الضحايا من أجل الوطن لكني اعرفهم وأريد ذلك إنهم عراقيون أولا وأخيرا. وقد كتب أحد الإخوة في الحوار المتمدن حول بادرة المالكي بتكريم الفقيد العلامة عبدالجبار عبدالله رئيس جامعة بغداد بعد ثورة تموز الخالدة وسميت قاعة باسمه ألان وأطلق اسمه’ على إحد شوارع بغداد ,وأقول يستحق هذا العالم الفذ أكثر من هذا بكثير ,لكن السؤال هل كرم هذا العلم الكبير بسبب صابئيته كما كتب في عنوان المقالة حيث برز الدين وقفز على العلم وما قدمه الراحل لطلبة وأساتذة الجامعة حينها الذي لاقى ما لاقى على أيدي أوباش الحرس القومي في عام 1963.والحق يقال إنني لم اسمع من صديق مسيحي هذه النبرة على الإطلاق.

ان مرض النعرة الدينية والطائفية والقومية الذي زرعه بريمر في العراق يتوقف اجتثاثه على العراقيين أنفسهم ، على كل وسائل الإعلام أن تؤكد على الهوية العراقية أولا وأخيرا ولا بديل عن ذلك لان تقدم العراق ونجاحه يتوقف على تقديم العراق الوطن على كل التسميات والمسميات.

ان الهوية العراقية لا تلغي الدين أو القومية أو المذهب لكنها أكبر من ذلك . ان ما يجمعنا هو العراق ولا تقدم بدون هذه الهوية.

 


20090805


 

 

free web counter