| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                                                      الخميس 8/3/ 2012



التطرف الديني وراء كل المآسي في العراق..والايمو!

محمود القبطان    

قد لا يختلف الكثيرون من أهل العراق إن من بين الشباب الجامعي في عهد المقبور صدام قلما يكون احدهم خارج السرب ألبعثي سواء في منظماته الطلابية أو الشبابية أو النسائية أو الحزبية أو في أكثرها إن لم تكن كلها.هكذا كان الشرط للذهاب للجامعة أو العمل في التعليم أو..وهذا ليس تجني على احد وليس مزايدات على احد ,لكن وبعد السقوط وأصبح التدين وإطلاق اللحية والتصرف بتطرف سمة الزمن لم يسبق للعراق أن مر به,وبعد أن زاد تسلط الأحزاب الدينية قامت مجاميع بالأمس كانت في سرب آخر لتكون هي من تقرر وكلمتها يجب أن تكون مسموعة.وأول تلك المظاهر العجيبة التي أبتلى بها العراق هي منع و ضرب سفرة طلابية في البصرة والهجوم عليهم بالرصاص والهراوات وسقوط ضحايا,واستمرت تلك الأعمال ليومنا هذا بحجة الدين والتدين.ولكن من يضبط سلوكيات هؤلاء الذين يريدون "حماية" الدين, في الظلام؟

في نهاية الستينات ظهرت شرطة الآداب لتمارس بعض التضييق على حريات الشباب ولكن سرعان ما خفتت ,الى حد أن نظام المجنون قد أباح فتح البارات والمراقص في كل منطقة,ومن ثم خفتت هي الاخري لتأتي موجة الحملة الإيمانية أثناء الحصار على الشعب العراقي,وبعدها توجه المجنون بحملة لقطع الرؤوس بالسيوف وكان من حصاد ذلك أن اغتيلت بعض النسوة ظلما بسبب نشاط سياسي أو عداء من أحد ولم تمس هذه الحملة لفدائي المجرم أية مومس من اللواتي كانوا في معيّة جنود النظام الأغبياء.جاء العهد الجديد ورأينا ماذا فعل البعض.مرة ضد الشاذين جنسيا ,وكأنهم لم يوجدوا من قبل,ليعطوا مبررا للغرب الذي يتباكى عليهم وعلى من شاكلتهم,لان قوانينهم تتقبل هذا النوع من البشر,خلافا لتقاليدنا الشرقية. لكن الغريب في ما يحدث أحيان في العراق هو أن الفشل الذي يعقب التحرك الاقتصادي والسياسي ودخول العراق في أنفاق الخلافات والفساد والبطالة يجري البحث عن مخارج قد تلهي الناس عن ما يدور في البلد,تماما كما كان في فترة أبو طبر الشهيرة. فلم يبقى احد إلا وشهر سلاحه بانتظار ذاك الوهم الكبير للحفاظ على عائلته,ومن خلال ذلك مررت حكومة صدام مآربها الدنيئة وقت ذاك.

التطرف الديني ليس الوسيلة لعلاج الأمراض الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية.وفي خلال هذا الأسبوع كتبت المقالات والاحتجاجات على قتل الشباب ممن يسمون بالايمو.حالة من العبث لدى الشباب الشبه ضائع الذي يدور في حلقة مفرغة دون عمل أو إنتاج وكل سبل الراحة واللقاءات أصبحت من المحرمات.هل من المعقول إن ضابطا بتفوه بكلمات قذرة ويتبادل حديثه مع شرطي في غرفة تفتيش في إحدى الدوائر في بغداد تحديداَ,وهم في حالة مزاح, وأمام المراجعين الذين يسلمون التلفونات النقالة ليذكروا إن فلانة طلعت بدون حجاب.

أولا كيف يحترم الشرطي ضابطه بهذا المستوى من التدني في الكلام ,وثانيا هل ذاك المكان هو للنقاش من لبست الحجاب أو من لم تلبسه؟من شجّع هذا التطرف في العراق؟

كل الأحزاب الاسلاسياسية هي المسئولة أولا وأخيرا ,وما يحدث من قتل وتغييب يقع على عاتقها.

أول أمس قرأت أول خبر عن قتل هؤلاء الشباب ,الايمو,في العراق,وقلت في نفسي لم يبقى في العراق من مشاكل إلا مشكلة كيفية التخلص من شباب الايمو.وأنا في طريقي الى بيتي,حيث انتظرت الباص كنت قد رأيت شاب طويلا يرتدي زي شباب الايمو بحذاء عالي جدا,وملابس سوداء وجوارب بيضاء فوق البنطال ومعطف خفيف ,بالرغم من البرد الشديد,والسيكارة بين شفتيه,بالرغم من الورقة الملصقة على الزجاج بمنع التدخين داخل كابينة انتظار الباص,وبعض المعادن المتدلية من أنفه وشفتيه وأذنيه والتي يتفنون في تعريض الفتحة في الأذن.كل هذا لم يجلب انتباه احد ,أو بالاحرى ليس من شأن احد أن يغير من سلوكية هذا الشخص لان ذلك يعد من ضمن الحريات الشخصية التي يقرّها الدستور.

في بداية الستينات كانت ظاهرة الفيس برسلي,البيتلس والشعر الطويل وكلا الظاهرتين اختفت كتقليد,لان من كان يتشبه بها أصبح ألان في الستينات أو أكثر من العمر.مع ملاحظة إن وزير المالية السويدي له شعر طويل(ذيل حصان) وملفوف بالمطاط ويعلق في إذنه اليسرى قرط,وهو يدير المالية السويدية ولم يشعر احد في إحراج منه.نحن في العراق نعمل على تأجيج العالم من حولنا لنتظاهر بالحفاظ على "القيم" البالية الى حد أللعنة لكن سراق المال العام والمزورون يمرحون كيفما اتفق.لماذا لم تتخذ الجهات المعنية التوعية والإرشاد وإعطاء فرص العمل للعاطلين منهم بدل القتل والملاحقة؟

من أعطى الإذن لهؤلاء "الشرطة" وهم مجاميع مدنية تابعة لميليشيات الأحزاب ومن أية سلطة قضائية صدرت الأوامر لهؤلاء الجهلة بإيقاف وسلب الحياة لشباب لا يعلم الى أين يتجه؟اليوم قرأت تصريحا جميلا وناضجا ومحترما وفيه احترام للإنسان لأية الله حسين إسماعيل الصدر قال فيه هؤلاء الشباب يجب توعيتهم وإرشادهم وليس قتلهم.أليس السيد الصدر هو الأعلم بالدين من هؤلاء الجهلة؟هل القتل في العراق الوسيلة الوحيد لربح الخلافات وفرض واقع بائس يزيد من البؤس الذي يعيشه العراق بشبابه وشيبه؟أين هم الباحثون الاجتماعيون وأخصائيو علم النفس من هذه المعضلة الجديدة في العراق اسمها القتل لصالح أحزاب ترتدي ملابس الدين زيفا؟اذا كان شباب الايمو ,الذين لا احسدهم على ما هم عليه لأنني شخصيا لا أستطيع تحمل احدهم في المظهر الذي هم فيه ولكنني لا اعتدي على خصوصياتهم,اذا كان ذلك يعتبر زينة لهم,فماذا تقول هذه المجاميع الهمجية التي تقتل, عن الخواتم التي توضع في أربعة أصابع باليدين من قبل الإسلاميين الجدد؟وماذا عن وضع الساعة في اليد اليمنى بدل اليسرى؟ وماذا عن حف الخدود للرجال وتحديد اللحى بالخيط وهم برلمانيون؟هل هذه الظواهر من المحرمات أم ماذا,ومن له الحق في ان يعتبر هذا حرام أو حلال؟ أليس من العلم بشيء أن يُرعى هؤلاء الايمويون ويرشدون بشكل صحيح ويأخذ بأيدهم الى العمل أو الى كراسي المدرسة أو الجامعة بدل القتل؟

إنها موجة للتخريف وللتضليل بسبب الفشل التي تمر بها أحزاب الاسلاسياسي والمآزق التي وضعوا العراق فيه.ايهما أخطر على المجتمع والدين والقيم المخدرات والشذوذ الجنسي أم ظاهرة عابرة اسمها الايمو؟ في أي المناطق تنتشر المخدرات ومن يبيعها ؟أي عقوبة لمروجيها؟لماذا انتشر الإيدز في المناطق الدينية في العراق؟أليست هذه الآفات هي الأخطر وواجب معالجتها علميا وبحثيا وعلى كافة المستويات هو الأهم من قتل بعض الشباب بسبب مظهرهم الخارجي؟
 


20120308


 


 

free web counter