| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                                                      الأثنين 7/5/ 2012



هكذا يكون الحوار الحضاري

محمود القبطان    

بين فترة وأخرى يدعو التلفزيون السويدي رؤوساء الأحزاب في البرلمان لمناقشة أهم وأسخن الملفات التي تواجه البلد.وبعد تبدل أشخاص لرئاسة احزابهم بعد الانتخابات الأخيرة في 2010 التقت هذه الشخصيات في الحكومة وخارجها في لقاء شيق يسوده الاحترام وكل يقدم ما عنده من أفكار وبرامج أو ما حققته أحزاب الائتلاف الحكومي بعد عامين من إعادة انتخابه.

فقد وقف ثمان من رؤوساء الأحزاب الممثلة بالبرلمان,أربعة منها تقود الحكومة,للمرة الثانية,بقيادة الحزب المحافظين وحزب الوسط وحزب الشعب ورابعهم حزب الديمقراطيين المسيحي,وفي المقابل أحزاب المعارضة البرلمانية والذي يتكون من الحزب الرئيسي وهو حزب الاشتراكي الديمقراطي ,حزب اليسار وحزب البيئة ,إضافة الى الحزب النازي الجديد بأسم ديموقراطيي السويد,والذي صعد للبرلمان لأول مرة وهو يلعب في التصويت على أي قرار في البرلمان مع أو ضد الحكومة كبيضة القبان.

طرحت في هذا البرنامج,الأجندة, عدة ملفات أهمها البطالة والعمل,فضيحة التعاون العسكري وبناء معمل لتصنيع الأسلحة في السعودية,الضرائب,المدارس ومراكز رعاية المسنين والمستشفيات,مشاكل الطاقة.ساد اللقاء كل الاحترام وكان من يدير البرنامج اثنان سيدة ورجل وهم يديرون اللقاء وليس الضيوف,ورئيس الائتلاف الحكومي ,وهو رئيس الوزراء يتكلم عندما يُسمح له وحسب الفترة الزمنية لكل واحد منه الثمانية الحاضرين وليس لوزير وقت أكثر من معارض.وفي السويد ليس هناك ألقاب مثل معالي أو دولة أو فخامة الكل يدعى بإسمه الكامل .لم يكن أحد يرفع صوته على أحد,كل يدلو بما يريد وحسب برنامج حزبه. البرنامج كان على مدى ساعتين وعلى قسمين ,وفي استراحة البرنامج تخللتها الأخبار أعلن عن فوز الحزب الاشتراكي في الانتخابات في فرنسا ,فجاءت كقوة لبلوك الأحمر-الأخضر في النقاشات.لم تتخلل النقاشات أية اتهامات شخصية وتسقيط سياسي أو فتح ملفات قديمة للنيل من الخصم.حضر النقاش رؤوساء الأحزاب وليس ممثليهم وليس أحد أعضاء قائمتهم,وهذا احترام والتزام بنوعية النقاش ومسؤوليته.لان مثل هذه الحوارات واللقاءات يعتمد عليها في الانتخابات القادمة.

أسوق كل هذا وأقارن عما يجري في العراق ألان.فلم نرى رؤوساء الأحزاب الممثلة في البرلمان في لقاء على الهواء مباشرة من شاشات التلفزيون العراقية الكثيرة,لان رؤوساء أحزاب السلطة يسكنون في القصور العالية ولا يتنازلون في حوار مباشر إلا ما ندر وفي لقاءات خاصة,ليطلع الشعب على إنجازاتهم أو إخفاقاتهم وحسب برامجهم الانتخابية التي ملئوا الجدران في كل العراق بصورهم وصور مرجعياتهم للتأثير على الناخب بكل الطرق الغير قانونية وبأموال الخارج.

أحدى أكبر وأهم الأسباب التي أسقطت سركوزي فرنسا اليوم هم تعاطيه أموال من ألقذافي, فقط للتذكير.ورؤساء أحزابنا الأشاوس من يشترك في حكومة الشراكة التقاسمية على ثروات البلد ليس في وارد مخيلتهم أن يظهروا أمام الناس في مناظرة مع "حلفائهم" والأصح خصومهم على شاشات التلفاز في يوما ما,لانهم سوف يسقطون في أول مناظرة من هذا النوع لانهم وببساطة شديدة لم يقدموا للشعب أي شيء مما وعدوه به.إذا تكلموا عن الطاقة فعندها تظهر الأرقام الحقيقية ,فمثلا قبل حوالي 10 أيام قال الشهرستاني أن العراق في عام 2013 سوف ينتج من الطاقة الكهربائية أكثر من 15 ألف ميگا واط والزائد سوف يصدر, لان ,كما تعرفون,يضيف نائب رئيس الوزراء,لا يمكن أن يُخزّن ,كما النفط مثلا,وأمس 5 نيسان قال الناطق بأسم وزارة الكهرباء ومن كركوك حيث الوزير كان هناك قال إن الطاقة الكهربائية للعام القادم سوف تصل الى اقل من 11 ألف میگا واط,فأي الأرقام هي الصحيحة ,في مناظرة من هذا القبيل ماذا سوف يقول وزير الكهرباء أو الشهرستاني؟وماذ سوف يقول صاحب المشروع الإسكاني الكبير في معسكر الرشيد ,أو مشروع بسماية السكني؟أو صاحب مشروع 10في 10 أو مترو بغداد أو....

في حالة العراق الحالية حيث حكومة الشراكة الوطنية,أي كل الأحزاب في الحكومة فكيف سوف تكون مثل هكذا مناظرة افتراضية؟طبعا من الصعب أن تأتي قيادات الأحزاب الى مثل هكذا لقاء ومباشر على الهواء لان الفضائح سوف تصل كل بقاع العالم بثواني والاتهامات المتبادلة سوف تكون الفيصل والحكم بينهم وليس الشعب.ولأنهم يخافون نشر غسيلهم الكامل فهم لن يأتوا الى مثل هذا اللقاء الافتراضي,تشبها بالسويديين الكفار.ولكن يمكن أن تدعو الفضائية العراقية قيادات أحزاب لم تصل الى البرلمان,بقدرة الأشقاء في كل من أمريكا وإيران والسعودية وربما حتى الصومال ويأتي رئيس الحزب الذي يقود السلطة مثلا وتبدأ المناظرة وكل يقدم ما لدية رئيس الوزراء يتكلم عن إنجازاته الحكومية والمعارضة من خارج البرلمان,لان في العراق ليس هناك معارض في البرلمان لانهم كلهم ممثلون في الحكومة,وقد يفشل هذا الافتراض الثاني ليأتي افتراض ثالث لا غيره وهو يأتي رؤوساء الكتل الثلاثة المتناحرة على ثروات العراق وشعبه ليتكلم كل منهم عن نجاحات وزراءه فقط ومن ثم تقوم الصحف المحلية بتقييم اللقاء.في كل الأحوال سوف تكون النتيجة ليس في صالح إحدى الكتل لانهم نسوا إن هناك شعب يريد العمل والخدمات والبيئة النظيفة والمدارس والمستشفيات الجيدة,ويريد محاسبة المقصرين وسراق الشعب,ولا يريد التنازل عن دماء ضحايا الارهاب ب"جرة قلم"ولتأتي العصابات الإرهابية من جديد لتقتل وتخرب من جديد,وكأن المطلق سراحهم وإرجاعهم الى بلدانهم جاءوا للعراق لصيد النسور وليس البشر.أهكذا يُدار ملف الإرهابيين الوهابيين القتلة,يا سيادة رئيس الوزراء ويا وزير العدل؟

اللقاء الحضاري الذي شاهدته اليوم على القناة الثانية السويدية كان رائعا بكل المقاييس, فهل يمكن للساسة العراقيين ومن يدير الحكومة وكل أحزابها أن تقوم بمثل هذه اللقاءات ليطلع الشعب على "إنجازاتهم" الكثيرة؟هل من هناك يجرأ من بينهم ليكون مثالا للآخرين ويعتذر عن الإخفاقات,فقط وليس للاستقالة من منصبه؟

يا رجال أحزاب البرلمان:تعلموا من غيركم,وليس في ذلك عيبا,ولكن العيب وكل العيب هو إنكم لا تريدون أن تتعلموا من آلاخرين,ربما لانهم كفار ,وبالمناسبة إن الحكومة انتصرت على الإلحاد,الكفار, منذ الثاني من أيار,ولذلك سوف لا يأتي احد منهم الى لقاء مباشر مع خصومه.
 


20120506

 


 


 

free web counter