| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                                                      الأثنين 6/2/ 2012



هكذا رأيت عراقنا
(1)

محمود القبطان   

عندما غادرت العراق في الخامس من حزيران من عام 1980 كان عام كالحاً ومظلما الخوف يملآ القلوب من المجهول,الاعتقالات الغير"مرئية" والقتل المبرمج في أعلى حالاته.الكهرباء في انقطاع مستمر لسويعات ,ثم تأتي المكرمة.لكن بعض الخدمات الرئيسية الأخرى على تخلفها كانت يومية,الماء لم ينقطع يوما واحدا.القوى السياسية في نزوح مستمر الى الخارج,ومن له حظ وصلت به سفينة "النجاة" الى الخارج,لينطحن فيما بعد من بقى في العراق. زرت العراق ولم أرى تحسنا يمكن تسجيله بعد ذلك.كان الأمل يحدوا بالجميع بإن زوال نظام الطاغية قد يفتح الأفاق أمام تقدم العراق وسعادة شعبه عبر البناء وتوفير كل الخدمات وتوفر الاجواء السياسية الجديدة التي يُحترم فيها الإنسان,وتتوفر الوظائف للعاطلين عن العمل,وليسكن سكان مساكن الصفيح والطين مساكن حديثة,ولو بالتدريج,وتختفي ظاهرة المدارس الطينية وتختفي العوائل "الرموز"التي تستحوذ على كل خيرات الوطن.ولكن ما حدث يدمي القلوب.كل الأحلام أصبحت شيئا من سراب,يركض الناس خلفه ولا يصلوه.وجاء بدل كل ذلك المحزن والمقلق وهو فقدان الأمن بكل معانيه وتجلياته.القتل على الهوية,وكادت البلاد تدمر بالكامل لاسباب طائفية.ومن ثم جاء دور "الأقاليم"كل من زعل على الحكومة قرر تشكيل الإقليم حتى قبل أن يسأل أهل مدينته,وبدأ التقاتل على المناصب لابل بيعها بملايين الدولارات,جاء اعتى ألاميين الى البرلمان ببعض الأصوات ليتكلم بأسم الشعب,وليتمتع بأعلى الامتيازات.وبدأ التزوير وحماية المزورين عبر سنّ قوانين العفو عنهم,وتهريب القتلة وسراق أموال الشعب عبر العقود الوهمية وكل حزب يحمي منتسبيه.

وتستمر المسرحية السياسية لتصل الى الطريق المسدود في قضية الهاشمي والتي بثت بعض إعترافات رجال حمايته عن دوره في القتل المبرمج, لتصبح قضية أكون أو لا أكون, وكل من تبرع بحماية الدستور وكفل إرجاعه الى بغداد اذا تطلب الأمر تراجع عن قراره ليعطوا بذلك درسا في كيفية خرق القانون والدستور وعدم احترام الإنسان, وتدخل تركيا على الخط لتطالب بقباحة غير معهودة على الكف من التمييز الطائفي, كما تدعي, ولم تقل لماذا لا يحضر الهاشمي ليدافع عن نفسه ,اذا كان بريئا, وتستمر الجارة "الإسلامية" الشمالية في الاستحواذ على أكثر الاستثمارات في العراق,وفقط في البصرة لها 64 مشروعا استثماريا,فأين الطائفية في اردوغانية تركيا؟

الهاجس الأمني
يبقى الهاجس الأمني هو سيد الموقف.في يوم سفري الى العراق الأخير حدث 13 انفجار في الأسبوع الأخير من كانون الأول 2011 في بغداد وحدها,وتساقطت الأجساد على بعضها بين قتيل وجريح.نتناول الفطور وإذا بدَويّ كبير ومن بعيد لتنقل الفضائيات بعد قليل بأن الانفجار كان في الزعفرانية في تخطيط أجرامي قل نظيره,حيث استهدف المشيعين لجنازة احد الضحايا لليوم السابق,وتتوالى الانفجارات وتقريبا يوميا.وأنا راجع ومن فيحاء العراق ,البصرة,حدث انفجار في تقاطع الناصرية البطحاء مع طريق بغداد بصرة,وتناثرت الأشلاء بين قتيل وجريح وامتزجت الدماء مع الأكل المقدم لمن كان ينوي السير الى كربلاء في أربعينية الإمام الحسين ليضيف القتلة شهداء الى قائمتهم البشعة في الإجرام بسبب حقدهم على الناس العُزّل ليس إلا.تنتشر القوات الأمنية والمفارز في التفتيش,ويتساءل البعض كيف تعبر مثل هكذا عبوات وأحزمة ناسفة ويتم التفجير,وبعد يوم يظهر احد الناطقين باسم قوات حفظ الأمن ليعلن ان إمام جامع دفع لشرطي"أبو الواشر" عشرة آلاف دولار لتمرير الجسد النتن المفخخ بحزام ناسف مع عبواته الى المنطقة المختارة (واليوم 6 شباط أعلن عن صدور حكم الإعدام بحق اثنين من مخططي الجريمة الشنعاء هذه).

الوضع السياسي
يظل العراقي منشداً الى التلفاز في كل نشرة أخبار ليسمع الى ماذا توصل المتنافسون على السلطة وكرسييها.وتبقى تهمة القتل العمد على نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وهروبه الى الإقليم وعدم تسليمه الى السلطات القضائية من قبل قيادة الإقليم هي الأخبار الأكثر حرارة مع ردود ألأفعال التي ترتبت على هذا الأمر.وتعقب ذلك تصريحات من هنا وهناك غير مسؤولة لتزيد من حدة التوتر السياسي اليومي وتصرفات القائمة العراقية والتحدي من قبل دولة القانون,لتجتمع معا على تصريحات متناقضة وهشة تدل على حدة التوتر ومحاولة الدفاع عن النفس من جهة وزيادة الاتهامات من جهة أخرى,ليهدد البعض للبعض الأخر بنشر الغسيل المتبقي ويُنسى الوطن من بين كل هموم الخصوم.ولم ينفرج الأمر ليومنا هذا.وزاد قاسم عطا من تناقضات تصريحاته وهو في الأيام الأخيرة لمسئوليته الأخيرة ليقول "إن معظم الأعمال الإرهابية تتم من قبل حمايات المسؤولين وبسياراتهم وهوياتهم".قال هذه وهو الذي كان يقول يوميا بأن القاعدة هي التي تفجر وتقتل ليزيد من "بطولات" القاعدة والتي ,حسب تصريحاته,ان معظم الأعمال الإرهابية من"بين الرجال ونعم الرجال من الحمايات"والقتيل يذهب بشربة ماء وتسجل بالشرطة الجريمة غير معروفة ,وربما جنائية كما حدث في جريمة الاغتيال الجبانة للشهيد هادي المهدي,بالرغم من معرفة الجميع إنها جريمة سياسية وسوف يكشف الخصوم مدبري الجريمة هذه ليس حبا بالشهيد المهدي وإنما كرها وإيقاعا بالأخر.


يتبع
 

20120206
 

 
 


 

free web counter