| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                                                      الأثنين 4/6/ 2012



بين تسليح الناس ونزع سلاح العشائر تستمر الأزمة السياسية

محمود القبطان    

عندما تتخبط الدولة,أية دولة في العالم , يرى المواطن أمور يعجز الإنسان عن فهمها ناهيك عن قبولها.ففي العراق كل شيء جديد ويحدث ربما لا مثيل له في العالم نتيجة الاصطفافات المذهبية والقومية والولاءات العشائرية هنا وهناك.
فقبل أشهر قليلة ظهر على الشاشات الناطق بأسم الحكومة ليعلن"فرحة" للمواطنين بسماح الحكومة بامتلاك قطعة سلاح واحدة,لاغير, في كل بيت بشكل بندقية أو مسدس للدفاع عن النفس.الى هنا ينتهي الخبر "المفرح" المفزع,وهذا يعني انه سوف تكون قطع السلاح المرخصة بالملايين,ولامتصاص النقمة على هذا الخبر ظهر العقيد الجديد الوكيل بقوله ان الحكومة تريد معرفة العدد الكامل للأسلحة في البلاد عبر تسجيلها رسميا في أقرب مركز للشرطة تمهيدا لسحبها!.هكذا وبمقدرة ومعرفة عسكرية حرفية يسمح للسلاح في البيوت ليتمكن السيد العقيد الوكيل من معرفة عددها.ومعلوم بعد كل خطوة من هذا الشكل والقبيل تأتي تصحيحات من الحكومة لامتصاص ردود الأفعال السريعة.الرخصة لامتلاك قطع السلاح في البيوت سلاح ذو حدين كلاهما قاتل.اولهما قد يستعمل للدفاع عن النفس,لكن مع من وضد من.حتى الإرهابي يجاز له الدفاع عن النفس,وإن مثل هؤلاء المجرمين يكونون مدججين بالأسلحة,ومن جانب آخر يكون استعمال السلاح عندما يختلف اثنان ربما على مسائل أكثر من تافهة,ومعروف في مثل هذه الظروف كم إنسان يمكن أن يسقط نتيجة خلاف بسيط حول الأطفال ,مثلا في ظل غياب القانون.وهو تشجيع لا مبرر له لحدوث جرائم .ولكن لم لا تنظر الحكومة الى إنها المسؤولة الأولى على أمن المواطن وعلى حفظ النظام,وهذا يؤكد مرة أخرى ان الحكومة لم تعد قادرة على حفظ أمن وحياة المواطن ولذلك تلجأ الى مثل هذه القرارات المتسرعة لتتخلى عن مهامها الأمنية.
ومن جانب آخر أعلنت الحكومة عبر وكيل وزارة الداخلية عن قرار بتسليم العشائر أسلحتها الى السلطات.في كل الأزمنة كانت العشائر مسلحة تسليحا كبيرا,وقد شجعت الحكومات في كل العهود تسليح العشائر لضمان ولاءاتها,وكثيرا ما كانت الخلافات العشائرية تسحق بأسلحتها أبنائها ,وتكون العشائر خارقة لكل القوانين وبعيدة عن المسائلة القانونية.
لم يعرف هدف القانون الأول بالسماح بامتلاك قطعة سلاح في البيت وهدف نزع سلاح العشائر.وهل هناك ربط بين المصالحة التي تقودها الحكومة عبر عامر الخزاعي وبين نزع السلاح؟وماذا عن العشائر التي شجعتها الحكومة على ضرب الإرهابيين وأسلحتها؟
اليوم عرض على شاشة العراقية العشائر والقانون,ايهما الأسبق في التطبيق,وهل تلتزم العشائر بقرارات القضاء أم بقراراتها ولا احترام للقانون الحكومي والقضاء؟هل يستطيع ضابط ما من توجيه عقوبة لجندي في حالة مخالفة ما دون أن يذهب الجندي لعشيرته لمعاقبة الضابط؟هل الموظف الكبير يستطيع معاقبة موظفه الذي في إدارته أن يعاقبه بخصم راتب يوم أو أكثر لمخالفة ما دون تدخل العشيرة في الأمر ؟لا ,طبعا لان قانون العشيرة هو الذي يحسم الموقف في العراق اليوم.هنا يأتي موقف القضاء من هذا,والأخير ضعيف أمام سيطرة العرف العشائري على الشارع ولكن بتشجيع حكومي من خلال المؤتمرات التي عقدتها الحكومة ممثلة برئيسها والتي ما أن ينتهي إحدى المؤتمرات إلا ويبدأ مؤتمر جديد,وكل ما يهدف من هذه المؤتمرات هو ضمان التأييد لأبناء العشائر عبر رؤسائها.وكلنا شاهدنا أخيرا المظاهرات العشائرية"العفوية جدا" لإحياء فكرة ألأقاليم في الوسط والجنوب تأييدا لرئيس الحكومة وتهديدا بإنشاء الأقاليم التي هي خطوة متقدمة لتقسيم البلاد على أسس طائفية في حال إزاحة المالكي عن رئاسة الحكومة.فهل هذه العشائر سوف تنزع سلاحها بمجرد طلب وكيل وزير الداخلية بتسليم أسلحتهم أم جاء القرار لامتصاص نقمة المواطنين من السماح بتواجد السلاح في البيوت في قرار ارتجالي؟
وبين تسليح الناس ونزع سلاح العشائر تستمر الأزمة السياسية باقتراب إزاحة المالكي ودخول الحكيم والجعفري على الخط والطلب من الطالباني عدم التوجه للبرلمان لسحب الثقة عن المالكي.ولو لم يكن الأمر مؤكدا بالحصول على الرقم المطلوب من النواب لهذا الغرض لما أقدم الحكيم والجعفري بهذا الطلب.ويمكن ملاحظة تخبط أعضاء دولة القانون بتصريحاتهم أمام الأعلام حول هذا الموضوع الى حد تصريح عباس ألبياتي اليوم حول هذا الموضوع الذي كان بعيدا عن تفكير البعض من أعضاء دولة القانون.وفي ظل غياب التفاهمات السياسية واشتداد ألازمة السياسية تأتي مؤشرات التردي الأمني لتسيطر على الوضع المتشائم.فقد فجر إرهابيون مقر الوقف الشيعي وضرب مقر الوقف السني بالهاونات.
بغض النظر عن من قام بالفعل الإجرامي الجبان اليوم فأنه مؤشر على تدهور أمني قادم في ظل هذا التنافس السلطوي وترك الملف الأمني في مهب الريح ليسقط العشرات من الأبرياء بين قتيل وجريح.ويذهب القتلة دون حساب لفعلهم.
ومهما توصل الفرقاء المتخاصمون الى حلول ,فهي تبقي ترقيعية ووقتية سرعان ما تندلع نيران خلافاتهم من جديد ,مثل ما تم تشكيل الحكومة على ضوء أتفاق مؤتمر أربيل بعد 8 شهور من الانتخابات وما أن جف حبر الاتفاق حتى التفت الأفكار السامة حوله لتحيله, الاتفاق, الى ورقة قديمة عديمة النفع,لتندلع أزمة جديدة,وهكذا تستمر الدولة في حلقة مفرغة لا حلول لمشاكلها السياسة لأنها تعتمد على الولاءات الطائفية والقومية.وما لم يجري الحوار على أسس مبدأية وحلول حقيقية في مؤتمر عام وشامل وبمشاركة الجميع من داخل البرلمان وخارجه لأنها مسالة وطنية عليا والتزام بما يقره المؤتمر العام الوطني وفي مقدمتها الابتعاد عن التوافقات السياسية الطائفية والقومية فسوف لن تكون لا مصالحة ولا حلول ولا مخرج للازمة التي تمر بالبلاد.
 


20120604
 

 

free web counter