| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

الخميس 3/6/ 2010



هكذا أردتموها وهكذا تمردوا!

محمود القبطان  

النظام السابق بعد أن فشل في حروبه العبثية وقتل فيها مئات الآلاف من الرجال وترملت بالقدر نفسه النساء وتيتم أضعاف تلك الأعداد من الأطفال عمد الى غلق الحانات التي سمح بها وافرغ الشوارع من الحسناوات بعد أن شجع على تجوالهن,فأعلن الحملة الإيمانية وأطلق العنان للعشائر وقوانينهم لتحتل الشارع ويكون الفصل هو رئيس العشيرة وليس القضاء وان تجرأ القضاء في قول كلمته فيمرر"رجال" العشائر قرارات الفصل العشائري,وهذه نقطة من بحر قوانين العشائر.,على مر الزمان كان في العراق بين المدن الكبيرة السلابة,قطاع الطرق, ويقطعون الطريق بأشجار النخيل أو أية وسيلة أخرى لإيقاف السيارات وتفريغ حمولاتها سواء المالية أو العينية. ومرت السنين ووصل الإسلام السياسي الى السلطة ليطبق عليها بوسائل لا تختلف كثيرا عن ما كان في أيام النظام السابق إلا القليل وهذا ما نشاهده اليوم في مشكلة تشكيل الحكومة والاتهامات التي تتقاذف بها الكتل الكبيرة الطائفية والقومية.فقد دأب رؤساء الوزراء الذين استلموا السلطة منذ 2003 على استمالة العشائر ليقول احد المعممين إن العراق بلد عشائري وقبلي ,وهذا الرجل من المؤمنين بأن العراق لا يحكم إلا بالتقسيمات الثلاث:شيعي|سني|كردي.

أما ما فعله السيد المالكي في مؤتمرات المصالحة التي لم تكن أكثر من لقاءات مع العشائر فكانت أكثر مما فعله صدام في هذا الجانب.لم يكد يمر يوما ,قبل الانتخابات, إلا والتقى المالكي مع عشيرة من الجنوب وكسب ولائها لصالحه في الانتخابات.والنتيجة معروفة للجميع.لكن ماذا يحدث اليوم على ضوء هذا الدلال المُفتعل للعشائر التي يعرف الجميع إن رئيس أية عشيرة يقرر مصير رجالها ونساءها على حد سواء من أجل أن يظفر بهدية دسمة من هذا المسئول أو ذاك لا سيما إذا كان رئيس وزراء أو نائب رئيس الجمهورية أو حتى عضو برلمان.هنا ليس المقصود اتهام كل العشائر بفسادها فهناك المواقف الشجاعة من قبل بعض العشائر في كثير من المنعطفات التاريخية وأولها ربما ثورة العشرين وكذلك موقفها من القاعدة في بعض المحافظات مؤخرا.لكن ما يحدث من قبل البعض الآخر من العشائر من تصرفات ليس بعيدا من انحلال الدولة وفقدان السيطرة على الأمن ومن خلال غياب المؤسسات والقانون تحدث انتهاكات أقل ما يقال عنها إنها مدعومة من قبل البعض في هرم السلطة لان لولا ذلك لما تجرأ احد على تحدي القانون وانتهاكه.فقد قرأ وسمع الجميع ماذا قال نائب رئيس مجلس محافظة ذي قار.قال هذا المسئول إن العشائر في المحافظة تبتز الشركات الأجنبية التي قدمت الى المحافظة للاستثمار بدفع "خاوات" لرؤساء العشائر حتى يتسنى لها العمل في المحافظة. فقد تحرم الشركة من العمل في الأراضي في المحافظة حتى وان لم تمتلكها ما لم تدفع لهم ما يطلبون,كما حدثت مع الشركات الماليزية واليابانية.فهل يحدث هذا في بلد آخر فيه مؤسسات وقانون مثل ما يحدث في العراق؟إذا كان الجميع يتباكى بأسم العاطلين عن العمل وافتقاد فرص العمل وقلة الحصة التموينية ,التي سوف تختفي قريبا,وقلة التقاعد والمعونة الاجتماعية فلماذا لا تعطى فرصة

لشركات ربما تعطي فرصة كبيرة لامتصاص البطالة المُستشرية في أرجاء البلاد وتحريك العملية الاقتصادية الراكدة التي تعتمد على ورادات النفط وتطوير البنى التحتية وتوفير الخدمات لأهل المحافظة التي تعد واحدة من أفقر المحافظات الجنوبية؟لقد اقترح نائب رئيس مجلس المحافظة الالتقاء برؤساء العشائر لشرح أهمية العمل على تشجيع الشركات الأجنبية في العمل في المحافظة من اجل المحافظة وتطويرها.لكن السؤال الى هذا الحد يحيط الجهل برؤساء تلك العشائر ولا يفهمون معنى التطور والبناء؟فأي نظام عشائري يتحكم بأهل محافظة ذي قار ومحافظات أخرى؟ابهذه العقلية يريدون بناء عراق جديد؟ماذا كان يقول المالكي للعشائر عندما كان يعقد المؤتمرات تلو الأخرى معهم؟ماذا يحصل أفراد تلك العشائر من ما يحصل عليه رؤساء عشائرهم من ابتزاز الشركات الأجنبية؟

أو أقول أهذه هي الشيم العشائرية وأخلاق العشائر؟هم مسلمون ويؤمنون بدين الصدق والتسامح ويريدون الوصول الى الجنة من خلال إيمانهم,هكذا يعتقدون, فكيف يستوي هذا مع سرقة الناس وابتزازهم؟كيف يمكن لرئيس عشيرة أن يجعل من أفراد عشيرته سارقا وقاطع طرق؟أليس الأجدر بهؤلاء أن يتعلموا الأمانة وألا أن يُقدموا الى القضاء؟

لقد سمح صدام للعشائر أن تنبعث من جديد بعد أن غابت عن الحضور الفعلي عقود ولكن الإسلام السياسي قد أطلق العنان لها لتعميق الجهل بين صفوف أفراد هذه العشائر,لان هكذا سلطة لا تعيش إلا في بيئة الجهلة والمشعوذين ولاستقطابهم طائفيا وقوميا.

ما الحل؟
على القوى الخيرة والتي تشعر بمسئولية وطنية عالية أن تعمل بين صفوف تلك الجماهير الغفيرة المُغيبة ثقافيا وأن تأخذ على عاتقها تعليمها وشرح وضع العراق لهم بعيدا عن التعصب والانزلاق باتجاه الطائفة والقومية,بأن حاجة العراق للعمل وليس للابتزاز,وان رؤساء العشائر,الإقطاع الجديد, في تلك المناطق ليس إلا طفيليات تعيش على كدحهم .أن تثقيف تلك المناطق له أهمية كبيرة ونوعية في رفع مستوى الموطنين ثقافيا واجتماعيا وصحيا لترك التخلف,ولفسح المجال للمرأة بالعمل وذهاب الأطفال للمدارس.بدون هكذا برامج سوف يبقى الريف متأخرا لا بل يسري هذا على المدن حتى.

 

20100603




 

free web counter