| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                               الأربعاء  30 / 10 / 2013



سياسة فرق تسد

د. محمود القبطان        

العراق عرف سياسة البريطانيين منذ بداية احتلالهم للعراق وهي سياسة فرق تسد.والآن هي سياسة تستخدمها دول عديدة من أجل مصالحها وتفتيت المعارضة لها,سواء سلطات استبدادية أو أحزاب في يدها زمام المبادرة من أجل تنفيذ أجندتها.

في عراق اليوم تعددت الأزمات المتتالية واختفت الحلول,حيث كل الأحزاب المسيطرة تريد تنفيذ أجندتها عبر برامج أما تسقيطية للآخر أو تعطيل تنفيذ القرارات الحاسمة في تسيير عمل الدولة,إن كانت هناك دولة بالمعنى الحديث.فنرى بعض الأحزاب تحاول عبر منافذها السيادية تمييع الأزمات كما حدث أخيرا في الاجتماع الذي دعا إليه نائب رئيس الجمهورية حيث وقّعت الكتل التي دُعيت على الوثيقة,لكن ما أن خرجوا من الاجتماع حتى تعالت الأصوات "مباشرة" بفشله لان ليس هناك من سوف يلتزم بها وهي لا تعدو إلا ذر الرماد في العيون.أو تسعى بعض الكتل وبسبب فشل عملها وزاريا أو حكوميا أو برلمانيا لان تتفتق "عبقريتها" وتصدر فرمانا للتغطية على فشل عملها,كما في قرار المحكمة الاتحادية الأخير بإلغاء امتيازات البرلمانيين وليس إلغاء رواتب تقاعدهم واكتفت بالبرلمانيين ولم تتخذ قرارا بشأن الوزراء والدرجات الخاصة,لابل إن مطالب الشعب كانت واضحة وهي إلغاء الرواتب التقاعدية الامتيازات وتشمل الرئاسات الثلاثة والبرلمانيين والوزراء وذوي الدرجات الخاصة,هكذا قرار اتخذته المحكمة الاتحادية بخصوص الامتيازات اعتقادا منها بأن الجماهير سوف تتوقف عن مطالبها المستمرة,في حين إن قرار المحكمة جاء بطلب مِن مَن يحركها وقت الحاجة لامتصاص الاحتجاجات ونقمة الجماهير,وقد صدر القرار قبل يومين من 26 ت2 أي قبل اليوم المتفق عليه للخروج في الشارع.

ومعلوم إن تهريب وهروب اعتى المجرمين من السجون المحصنة في بغداد وفي محافظات أخرى أصبح خرقا قد اعتاد الناس عليه عند سماعهم هذه الأخبار ليخرج القتلة ليبدأوا بعملهم الإرهابي ومن جديد,وحيث تتعالى بعض الأصوات بإطلاق سراحهم أو تسفيرهم لبلدانهم أو...وقد فشلت وزارة العدل في أعمالها فشلا ذريعا فسجونها لم تكن محصنة وإن كان هذا العمل من صلب أعمالها حيث هي من تشرف على السجون,ولم يقدم أي مسؤول الى القضاء بعد كل فضيحة تهريب.المجرمون مجهزون بالتلفونات الخلوية والأسلحة وأجهزة الحفر حتى في الكونكريت ,وتتشكل اللجان التحقيقية ولم تتوصل الى إدانة احد ويسدل الستار على تلك الفضائح المتكررة.والإرهاب وصل الى وزارة العدل نفسها.ولكن ومن أجل زيادة الاحتقان السياسي والتغطية على فشل عمل هذه الوزارة تفتقت "عبقرية" وزيرها حسن ألشمري بإصدار إنجاز مشروع قرار قانوني الأحوال الشخصية الجعفرية والقضاء الشرعي الجعفري.

أول سؤال يتبادر الى الذهن هو هل العراق أصبح في منأى من الأخطار الخارجية وأصبحت المؤسسات متكاملة والأمن في أعلى مستوياته والفساد في أدنى درجاته والسلم الأهلي في أجمل صوره ليحين الوقت للشمري بإصدار فرمانه في تطبيق هذه القوانين والتي هي موضع خلاف بين الطائفتين.ثم ماذ كان يحدث لو استمر العمل بالقانون السابق الذي اقر في عام 1959؟الوزير قال العمل المضني استمر عام ونصف,الوزير تابع لكتلة الفضيلة,عمار طعمة النائب عن هذه الكتلة أول من هلّل لهذا المشروع ألتقسيمي,مرشد أو مرجع هذه الجماعة اليعقوبي أشاد بهذه الخطوة وقال"أن القانون يواكب مقتضيات المجتمع المدني المتحضر".ويبدو إن العراق لم ينقصه إلا تلك الخطوة الجريئة.

طارق حرب أول من انتقد فعل وزارة العدل حيث قال مثل هذا العمل ليس من اختصاصها وانما "يقتصر عملها على الإشراف على السجون والمواقف وتنفيذ أحكام الإعدامات ودوائر الإصلاح والتسجيل العقاري ورعاية القاصرين والكاتب عدول والمعهد القضائي". ومن كل هذا يبدو إن السيد الوزير,حتى يزيد من مهامه أصدر مشروعه الذي لاقى أشد الانتقادات ,وهو الذي قال" باني سوف أواجه بهجوم على المشروع السياسي ". ولان أوضاع العراق لا تتحمل أزمات أكثر جاء المشروع لشعل فتنة جديدة في المجتمع العراق وتفتيته.يقول طارق حرب "عند التفكير بكتابة القانون يجب أن تشترك بصياغته كل المذاهب والأديان وإشراك جميع المدارس الإسلامية والمذاهب",ويضيف حرب إن"لجنة الأوقاف هي المعنية الوحيدة بتشريع هذا القانون".لماذا وضع ألشمري نفسه مشرفا لقانون حساس وليس من اختصاصه..في هذه يقول "إن الوزارة انطلقت في طرح هذين المشروعين عن استجابة للمطالبات المناشدات العديدة التي تقدم بها علماء دين ورؤساء عشائر وأكاديميين".حبذا لو ذكر اسما واحدا من هؤلاء الذين ناشدوه بطرح المشروع بعد عمل عام ونصف من العمل الدؤوب,وإذا صح كلامه المشكوك فيه أصلا فيعني ان هؤلاء الذي ,ربما الحوا عليه,هم لا يعرفون اختصاصات وزارة العدل ,كما عددها طارق حرب.

يزيد ألشمري"[أننا لم ننطلق في طرحنا هذين المشروعين من منطلق التعصب والتعنصر للعقيدة أو المذهب ولا ندعي فرضها على الآخرين".أي محايد يستطيع وبدون عناء يعرف ماذا يقف وراء هذا الكلام.أنه مشروع قانون لتفتيت اللحمة الوطنية وتقسيم العراق الى ثلاث دويلات حسب المشروع الأمريكي لبايدن,وليقول وزير العدل ما يقول.انه مشروع سوف يزيد من التجاذبات الطائفية وعودة غير محمودة للصراع الطائفي إذا ما اقِر.فأين المصلحة الوطنية من هذا؟ثم هل في هذا هو السير بخطة سريعة لولاية الفقيه.المادة التي استند عليها ألشمري هي مادة خلافية وهي 41 في الدستور.وهنا يتبادر الى الذهن سؤال لماذا لم يعدلوا مواد الدستور التي عليها أكثر من اختلاف ليومنا هذا ومنذ إقراره؟والجواب ليس بلغز وانما يكفي أن يكون لمثل قرار ألشمري القرقوشي مكانا في دستور اقروه على"عجالة".

ألأمل وكل الأمل في ألأكاديميين وعلماء الدين والشيوخ الذين ذكرهم الوزير كعنوانين أن يبادروا وبروح وطنية ومن أجل لحمة الشعب العراقي المتعايش معا منذ قرون أن يرفضوا مثل هذا القانون حيث ومنذ أكثر من نصف قرن والشعب العراقي باختلاف أديانه ومذاهبه كان يسير على القانون الذي اقر في عام 1959.فلماذا يطرح قانون جديد نحن في غنى عنه؟


20131030
 

 

 

 

free web counter