| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                                                      الخميس 25/8/ 2011



كل شيء غامض في العراق والحلول بعيدة المنال

محمود القبطان  

عند حدوث خرق أمني جديد تتخذ القوات الأمنية إجراءات جديدة وتعدل من خططها,وعندما يقول المالكي بضرورة تعديل الدستور يقول محبيه ذلك وتمتلئ الصحف بالخبر وعندما يطالب احد بحقوقه يحل الهدوء وتنتشر إشاعات فارغة هنا وهناك وإذا اغتيل كاتبا تقدميا تتكسر الأقلام وتختفي الأدلة مع المنفذين وتطوى القضية لتكون في احد أدراج مسئول .ثم تتفجر قضية جديدة للخلاف لتكون حديث الساعة.

 في يوم واحد وفي عشرة محافظات وفي وقت متقارب حدثت انفجارات بعبوات ومفخخات لتقتل وتخرب ,مما أربك السلطات الأمنية بشكل لم يتوقعه أي متابع وكأن المجرمون أتوا من كوكب آخر,وذهبت كل الاحتياطات والخطط البديلة مع الريح لتحل محلها أخرى.ففي النجف الاشرف ولاستقبال ثلاث ملايين من الزائرين حظر 31 ألف من أفراد الجيش والشرطة لحماية الزائرين.ولا أعلم من يستطيع أن يحمي هؤلاء الزوار هل يصعب عليه حماية طرقه وأسواقه المكتظة بالناس,أم إن الارتخاء والاطمئنان لهدوء نسبي هو ما يسهّل تنفيذ الأعمال الإجرامية,هذا إذا افترضت عدم دخول المجرمين من خلال التعاون مع أفراد الشرطة كما يحدث عند كل هروب خطير من السجون التي يستطيع الحراس أن يحسبوا حتى أنفاس نزلائها.ولم نرى تصريحا من مسئول يشرح كيف ولماذا حدث هذا الخرق الكبير والخطير ومن هو المسئول عن ذلك وهل يطال القانون من تعاون مع المجرمين أم تأتي "طمطمة"جديدة للحدث كما تعود الشعب العراقي في مثل هذه الأحداث.

صرح المالكي بما يقوله الشعب العراقي كله منذ أول يوم في إقرار الدستور أن في الدستور عيوب ومثالب كثيرة ويجب تعديل مواد كثيرة فيه.ويعلم السيد المالكي أنه لا يستطيع أن يعدل تلك المواد والتي تشكلت لجنة بهذا الخصوص منذ سنين عديدة.وحتى لو باشروا بالتعديل متى تقدم المسودة الجديدة وماذا سوف يعدلون,وهل يأخذون بالحسبان حذف كل ما هو يدلل على الطائفة والعرق والدين,,يصبح دستورا للجميع ,وهل يحذفون كل ما يتصل بالمحاصصة ,وهل يؤمن الدستور الجديد بأن الدولة للجميع ويحق لأي مواطن عراقي أن يتبوأ أي مركز في الدولة...,السؤال الأهم هو منذ متى أدرك السيد المالكي,وهو المصر على البقاء على رأس الوزارة,بأن الدستور يقر بوجود المحاصصة الطائفية والقومية ويجب تعديله؟ وإذا كلن المالكي يعلم بكل عيوب الدستور لماذا لم يُشجع على تفعيل لجنة تعدل الدستور ليومنا هذا منذ أن تبوأ صدارة السلطة التنفيذية؟وهل يقبلون بفصل الدين عن الدولة في التعديلات الجديدة؟هل إن تعين ثلاث نواب له ولرئيس الجمهورية كان عملا دستوريا؟وماذا سوف يحل بالدستور بعد تعديله والتوافقات المحاصصاتية موجودة؟الدستور الحالي أكد على إن نواب رئيس العراق لمدة دورة واحدة فماذا حدث؟وعمل رئيس الجمهورية عمل تشريفي ,فماذا حدث؟وأخيرا,وبهذا الخصوص,ممن تتألف لجنة تعديل الدستور ومن يُعينهم,وهل للقانونيين المستقلين وغير الطائفيين مكانا في مثل هذه اللجنة؟أم تقتصر على قانونيي الأحزاب الطائفية الملتحين وأصحاب السبح الطويلة من المؤمنين بضرورة غلق ملفات التزوير والعفو العام بحجة المصالحة الوطنية والتي لم يعلم شعبنا لهذا اليوم مصالحة مع من؟

وتمر هذه الأيام الذكرى الثالثة للجريمة اغتيال الكاتب التقدمي كامل شياع,والتي حدثت بوضح النهار وبين نقطتي تفتيش ,ولم يكن الشهيد شخصا عاديا حيث كان موظفا بدرجة عالية في وزارة الثقافة.وحدثت الجريمة,وهرب المنفذون يجرون خلفهم العار بسبب خوفهم من كلمة الحق والثقافة لأنها تفضحهم حتى في ليلهم المظلم كظلام أفكارهم التكفيرية والتي لا تقل جبنا من جرائم القاعدة والبعث.وبكل بساطة اختفى منفذو هذه الجريمة.وقيل إن لجنة تحقيقية تشكلت,كذبا,ولكن لم يسمع أحد نتائج تحقيق هذه اللجنة الوهمية,ولكن,وكما قرأت اليوم أن البعض ممن يملكون القرار لديهم معلومات عن الجريمة ومن نفذها لكن القضية وما فيها إن قتل شيوعي عراقي يحمل ثقافة تنويرية يُسهّل عليهم جرجرة وتجهيل الرعية الى حيث يريدون.ولن أستغرب من القول إن البعض يعلم علم اليقين من أقدم على هذا الفعل الإجرامي بقتل إنسان حمل هموم الوطن وثقافته في عقله وضميره,وأعلم كذلك وعن يقين أن هذه القضية قد تُثار في أوقات معينة كورقة تهديد وليس من أجل كشف الجناة,كباقي الجرائم في كل المستويات ومن كل النوعيات حيث توجد في أدراج هذه المسئول ويقفل عليها بمفاتيح خاصة لا تفتح ألا عند الضرورة لتسقيط هذا السياسي أو ذاك الحزب.

وتتفجر قضية ساخنة جديدة وهي المطالبة بـتأسيس محافظة مسيحية في سهل نينوى.ليس القضية يحق لهم أم لا لكن من يستفيد من هذه القضية في هذا الوقت بالذات؟ وهل مسيحيو العراق من طائفة واحدة؟ يمكن أن تتأسس محافظات في المستقبل بحكم الزيادة السكانية وغيرها من الأمور التي تبدو إنها طبيعية.

كنت وما زلت أؤمن وبشكل مُطلق أن يحق لكل عراقي أن يتبوأ أي منصب عالي في الدولة بما فيها رئاسة الجمهورية أو البرلمان أو الوزارة,لكن للأمنيات حدود والواقع الذي يفرض أجنداته بدأ من الدستور الى آخر السالفة , ولذلك لست ممن يعيش في فضاء خارج واقعه.

قيل أول من وافق على الاقتراح الشيخ خالد العطية وأول من عارضه أسامة النجيفي.وأستطيع أن أجزم إن لكل منهم أجندته الخاصة في الموافقة والاعتراض.فالأول وافق على محافظة لمسيحي العراق بسبب تبنيهم فكرة الإقليم الشيعي الذي يصطدم دائما بمعارضة قوية,حتى لو لم يكن عطية من المجلس الأعلى,ويريدون أن يستحوذا على أملاك كل المسيحيين لان سمة الزمن الأغبر لساسة العراق اليوم شراء أكثر ما يمكن من العقارات لتجميع ثروات طائلة لأجيال من بعدهم,وهم ينسون بما حلّ بعقارات من سبقهم من شخوص النظام السابق.ولتكن حجة للمتعصبين بنقل كل مسيحي العراق الى محافظتهم الجديدة وليحشروا هناك,ولم يسأل الشيخ الجليل ماذا عن البنى التحتية هناك,وأين يسكنون,وماذا ينتجون وهل يحق لمسلم أن يعيش هناك أو هل يحق لأي عراقي آخر أن يشترى عقارا هناك,ولنا في إقليم كردستان مثالا حيا لما سوف تؤول إليه الأمور.وقد يكون نقطة انطلاق سريعة لتفتيت العراق الى كانتونات صغيرة يسهل التسلط عليها في أي وقت يشاء المتنفذين,ولنا في يوغسلافيا مثالا آخر علينا أن نراه بعينين مفتوحتين.أما الثاني النجيفي فمعارضته لمحافظة للمسيحيين في سهل نينوى ليس من أجل الحفاظ على وحدة العراق ,كما يبدو من قوله,وانما من أجل محافظة الموصل الكبرى حتى لا تتعرض الى تقسيم حفاظا عليها لوقت اذا دعت الحاجة لتأسيس إقليم لها فسوف تكون أقوى وأكبر اذا كان الإقليم ذو مساحة واسعة لا يطولها لا مسيحي العراق ولا أكراده,حيث لساسة كردستان مطامع جديد حتى في سهل نينوى. وبالتالي لن يكون الخاسر الأول والأخير غير مسيحيي العراق.مع أنني أحس معاناتهم والغدر الذي تعرضوا إليه خلال الفترة منذ 2003 ,لكن يعلم أشراف العراق من المسيحيين الصابرين إن القتل والتفجيرات لم تستثني أحدا ولم تفرق بين شخص يعتنق هذه الديانة أو تلك.إنها المؤامرة الكبرى عليهم في نقلهم الى سهل نينوى وسوف لن يهدأ بال مفتتي وحدة العراق ومجرمي القاعدة والبعث إلا بنقل كل المسيحيين الى تلك المنطقة ولو بشكل قسري وبأقسى سرعة,مما سوف يولد مشاكل لهم قبل غيرهم أن استمروا بهذا المشروع المخطط ضدهم أولا وأخيرا.وعلى العقلاء من إخوتنا مسيحيي العراق في الخارج والداخل أن لا ينصتوا الى تطمينات ووعود كاذبة لاتحل مشاكلهم التي هي جزءا من مشاكل كل الشعب العراقي.

ويبقى كل شيء في العراق غامضا والحلول بعيدة المنال وعلى الأقل في المدى القريب,إن لم تحل معظلة المحاصصة الطائفية والقومية .وسوف أبقى متشائلا,كما يقول زميلي د.ألخالدي,مادام الوضع على ما هو عليه.

 

20110824
 

 
 


 

free web counter