| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

الثلاثاء 23/11/ 2010



 ما علاقة مجرم بمسيحيي العراق الأشراف..

محمود القبطان  

يشهد العراق في الأيام الأخيرة هدوءا نسبيا بعد أحداث دامية راح فيها المئات بين جريح وقتيل على أيدي الإرهاب الأسود الذي بدأ بمسيحيي العراق في كنيسة سيدة النجاة ومن ثم تلاه تفجير أكثر من 14 سيارة مفخخة وعبوات ناسفة في بغداد وكأن العراق في حرب وبعد اخذ الاحتياطات المطلوبة دب هدوء حذر مرافقا "المفخخات" السياسية التي تنفجر هنا وهناك مما يجعل الشارع العراق متوترا الى ابعد الحدود بسبب مباحثات تشكيل الحكومة. جرى هذا في أعقاب إعلان الأحكام بقسم آخر من مجرمي العهد السابق,وكان أولهم المجرم طارق عزيز بحكمه بالإعدام مع مجرمين آخرين, وكأن اتفاقا بين الارهابيين والبعث لتأزيم الوضع الى أكثر مما هو عليه.

انبرت الأصوات تتعالى من أجل إطلاق سراح المجرم طارق عزيز وليس تخفيف الحكم عليه ليضعوه في جانب الإخوة المسيحيين الطيبين من أهل العراق. لم يبقى رئيس دولة في الغرب الديمقراطي والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي ككتلة واحدة والفاتيكان إلا وطالبوا بإطلاق سراح هذا المجرم, وكل المدافعين عن الديمقراطية في هذا العالم المزيف نسوا كيف اكتوى الشعب العراقي على مدى 40 عاما من حكم البعث منذ 1963 الذي أتوا به بسبب مصالحهم التي تهددت تباعا بعد ثورة تموز الخالدة في عام 1958.

لقد تناسى العالم "المتمدن" جدا جرائم البعث ومسببيها. واستغلوا تواجد الرئيس العراقي الذي انتخب توا وسافر الى فرنسا لحضور مؤتمر الاشتراكية الدولية ومن هناك تعهد الرئيس بأن لا يوقع على إعدام طارق عزيز, ولم يفهم الشارع العراقي فحوى رسالة الرئيس أهي ضد الإعدام كمبدأ أم محاباة للمؤتمر الذي لم يوجه له رئيسنا سؤالا واحدا وهو : أين كنتم يا اشتراكيي العهد الجديد من جرائم البعث وعزيز كان احد أقطاب النظام لعقود؟ لم يوجه رئيسنا اللوم الأخوي لإسرائيل, باعتبارهم مشاركين أساسيين في المؤتمر لماذا يقتلون الطفل الفلسطيني ولا يسمحون للمرأة الحامل بالعبور الى مستشفى لتلد في الطريق على الصخور. لم يرى السيد الطالباني أي من هذه الحقائق ضد الإنسانية في الأراضي المحتلة. لم يطالبهم بالكف عن المطالبة بالعفو عن المجرمين. طارق عزيز مات وهو في زنزانته وان لم يعدم لحد ألان لأنه في عداد المعدومين في حياته , حيث ما رأه الى يومنا هذه جعله يموت يوميا, وهذا أكبر عقاب له ولجرائمه, ولكن تنفيذ الحكم به لا الرئيس ولا الغرب يستطيع تغييره, إلا إذا وعدوا البعض ببعض الامتيازات الجديدة إن لم تشبعهم الخزينة العراقية لحد الآن. لكن لماذا لم يطالبوا بالعفو أيضا عن أخوة صدام أيضا ؟ أليسوا ، هو الرئيس وجماعة الاشتراكية الدولية والاتحاد الأوروبي ضد الإعدام ؟ وننسى الماضي ونتصالح مع المجرمين ونعيد المجد لآل صبحة والمجيد ونعوضهم ونكرمهم على أفعالهم ونعيد لهم قصورهم, ولكن أول القصور سوف يطالبون بها هو قصر الرئيس الحالي وباقي الجوقة التي استولت على قصور الدولة. وبهذه المناسبة بدأت الشائعات تتكاثر عن إطلاق سراح من حكم عليهم بالإعدام في كربلاء وفي اغلب الظن من جماعة الصدر حسب الاتفاقات الثنائية الأخيرة بين دولة القانون والتيار الصدري, بالرغم من تكذيب الخبر أو الشائعات لكن لا دخان بدون نار. ويريد الاتحاد الأوروبي وقادة العالم المسيحي أن يربطوا بين المجرم طارق عزيز وجريمة قتل وجرح العشرات من الأبرياء في كنيسة سيدة النجاة و ينصحوا بترك البلاد الى أوروبا وأمريكا لطلب اللجوء.

لقد ابتلى العراق بعدة أمور منها حكم العراق صدام بالحديد والنار لمدة 35 عاما. جاء بعده النظام الطائفي والقومي المحاصصاتي الذي دمر ما بقي من عراق. فأستولى عليه الجهلة والأميين وجياع المال ومزوري الشهادات وتفشى الفساد المالي والإداري الى ابعد الحدود. ثم الحرب الطائفية التي كادت أن تؤدي بالعراق, انتشار إرهاب القاعدة والعصابات الإجرامية المنظمة. لم يسلم مكون واحد في العراق إلا وقد شمله الإرهاب والقتل والتهميش المتعمد. الم يقتل الصاغة الصابئة والايزيدين والشبك والتركمان حالهم حال من قتل من الأطياف الأخرى. الإرهاب و المجرم لا يستثني أحدا.

لقد بدأ الكثيرون في العالم بتشجيع الإخوة المسيحيين على الهجرة ليحلوا "ضيوفا" على أوروبا وأمريكا انطلاقا من الأردن الشقيقة التي تحرم على "عبد الحسين وعبد على وكاظم..." الدخول وتسمح للكنيسة السريانية بإسكان الهاربين من الإرهاب بتزويدهم السكن والمال لحين اكتمال أوراقهم الى بلدان "الحرية والعمل الوفير".

الكنائس في الأردن لها الباع الطويلة في دعم هجرة مسيحيي العراق لإفراغ العراق من أهله الأصليين منذ عشرات السنين ليس حبا بهم وإنما من اجل إن يكون العراق فقط لناس من ديانة واحدة, وان بقى البعض منهم فلا تأثير على الدولة الإسلامية مستقبلا. هكذا يتصورون وهكذا يخططون لعراق جديد كما يحلو لهم. لقد أدخلت أفكار ضد المسلمين عند فئة من الشباب من مسيحيي العراق بسبب مفاهيم خاطئة وكأن مسلمي العراق هم البلاء وليس القاعدة وإرهابها ولذلك أيد هذا البعض القليل الحزب النازي السويدي الجديد وبقوة في الانتخابات الأخيرة, تماما مثلما أدخلت أفكار قصيرة النظر عند فئة كبيرة من أكراد العراق في الخارج ضد عرب العراق وكأن كل عربي هو المسئول عن قصف حلبچة بالسلاح الكيماوي وقتل الآلاف من الإخوة الاكراد الأبرياء وليس نظام صدام.

إن هجرة مسيحيي العراق بدأت في الستينيات ولم تنتهي الى يومنا هذا بسبب التشدد ضدهم في مؤسسات الدولة العراقية ولشعورهم بالغبن المستمر لاسيما بعد هروب الطيار منير روفا الى إسرائيل بطيارته الميگ21 ومن هنا جاء الإجحاف بالإخوة المسيحيين لاحقا. ولولا الحادثة الأليمة في كنيسة سيدة النجاة لما أسست الحماية للكنائس, وهل المسيحيون يجيدون الدفاع عن كنائسهم فقط أم عن الوطن أيضا حالهم حال أي مواطن عراقي ؟ وليعدد لنا قادة الدفاع والشرطة كم ضابطا مسيحيا يوجد بين أفرادها الكثر؟ هل يسمح للصابئي أن ينتسب للقوات المسلحة ؟ ليقولوا كم عددهم أن وجدوا. سوف يخجل هؤلاء القادة من ذكر الأرقام لأنها أقرب الى الصفر. هنا الخلل. والأمر يشمل قوات الإقليم أيضا. الشعب الموحد لا يريد حماية مسيحية وأخرى ايزيدية وثالثة صابئية وإنما يريد حماية عراقية تقدم الحماية لكل مكون عراقي مهما اختلفت التسميات, لان الوطن للجميع ويحوي الجميع.

مما يدعو للسرور إن الأمل ما زال باق في العراق حيث إن الهجرة المؤقتة سوف تنتفي أسبابها عند توحد الشعب ضد الإرهاب والمجرمين مهما كانت تسمياتهم القبيحة. إن الكثير من مسيحيي العراق يرفضون الهجرة بالرغم مما أصابهم . إن هذا الأمل لن يتحقق في ظل حكومة محاصصة طائفية وقومية وكل منهم يريد الوزارات السيادية. ولكن هناك من يستطيع أن يحقق كل آمال الشعب العراقي في المساواة والديمقراطية الحقيقية واشتراك الجميع في إدارة الدولة من أعلى المناصب الى أدناها , إنهم أصحاب الهمة العراقية أصحاب الحس الوطني والمتفانين من اجل استقلال الوطن وسعادة شعبه, انه التيار التقدمي الديمقراطي الذي يضم كل شرائح المجتمع العراقي والذي سوف يقود البلاد الى بر الأمان عاجلا أم آجلا, لانهم هم , وهم فقط المؤهلون لأعمار البلاد بكل جوانبه بعيدا عن الفساد المالي والإداري.

 

20201123




 

free web counter