| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                                                      الأربعاء 23/3/ 2011



السفارات العراقية ..والجاليات

محمود القبطان  

ليس سرا أن تكون السفارات ممثلة لمصالح دولها في كافة الاتجاهات سياسيا واقتصاديا ومخابراتيا مع الدول الأخرى ولكي تحافظ على التوازن بين المهام الدبلوماسية ومصالحها عليها ان تبني شبكة من العلاقات العامة لا سيما مع جالياتها المتواجدة في بقاع العالم.لكن كيف تكون تلك العلاقات وعلى أية أسس تبنى ,وماهي نوعية العلاقات التي من المفترض ان تكون الراعي الأول لمصالح جالياتها ,هذا ما أود الولوج فيه حسب ما عشته وما رأيته وما سمعته من مصادر موثوقة.

سفارات عهد البعث
لم أرى أو لم أعش فترات ما قبل السبعينات في الخارج ولكني عشت تجربة متواضعة منذ بداية السبعينيات,أي منذ الانفتاح السياسي النسبي الذي عاشه العراق,ومرورا بعهد الفترة الجبهوية.ومع هذا فقد سمعت عن فترة أول عهد للبعث في عام 1963 حيث أسقطت الجنسية العراقية عن كثير من الطلبة بسبب نشاطاتهم السياسية وقت ذاك وكانت السفارات بمثابة أوكار مخابراتية تحاول مراقبة الطلبة الناشطين للنيل منهم وعرقلة تمديد الجوازات ,وكتبت التقارير من قبل عملائها مما أخر رجوع الخريجين الى الوطن سنين الى أن سقط البعث بانقلاب عبد السلام عارف عليه وانفراج نسبي في عهد أخيه.

أما بعد انقلاب 1968 فتحولت السفارات الى دوائر مخابراتية لابل حتى معتقلات في بعض الأحيان كما كان في الكويت ,وربما في بلدان أخرى أيضا.في السبعينات,كنا نحن طلبة الزمالات الغير الحكومية غير مشمولين بأية منح حكومية أسوة بطلبة البعثات أو الزمالات الحكومية,ولا يفتح أي ملف في الملحقية الثقافية,علما انه لم تكن مثل هذه الملحقية في البلد الذي كنت ادرس فيه وقتها,وحتى التحويل عبر البنك من الوطن غير مشمولين به. ففي إحدى المرات حضر الملحق الثقافي الى بودابست من براغ وطلبت السفارة من كل الطلبة الحضور لبحث مشاكلهم الدراسية(كذا..) ففي 1974 كنت قد تكلمت بأسم طلبة جمعيتنا بخصوص فتح الملفات الدراسية والتحويل المالي عبر البنك من العراق,فأول ما قاله الملحق :تكلم باسمك.قلت لماذا أتكلم بأسمي فقط والمشكلة واحدة لكل المتواجدين في القاعة وأنا أمثل الجمعية؟وخرجنا من السفارة كما دخلناها بدون أن نصل الى نتيجة ويبدو كانت عملية معرفة الطلبة عن قرب والتعرف على النشطاء وقتها.أما بعد تصدع العملية السياسية وانفراط الجبهة فقط تفرست السفارة واستنفرت طلبة الاتحاد الوطني وما يسمى أفراد من القيادة القومية,واحدهم كان يمانيا يعمل بهذه الصفة,فبدأت التحرش بالطلبة الشيوعيين والديمقراطيين والاعتداء عليهم بكافة الوسائل.وتوترت الاجواء الى الحد ان الطلبة لم يكن لهم من يحميهم من شر البعث ولقطاءه.لم يكن بالامكان تمديد الجوازات لمن هم خارج الاتحاد الوطني,وبقت مسألة التمديد إحدى اكبر المعضلات أمام الطلبة التي تريد أن تذهب الى مكان ما للعيش أو سلك طريق آخر عبر السفر الى دول اللجوء ,مثلا.ولكن بعد ضغوط,وعلى ما أعتقد من قبل الأمم المتحدة وليس الدول الاشتراكية,وصل الخبر بالسماح للطلبة بتمديد جوازاتهم ,وكان هذا أكبر متنفس للبعض ليرى الى أين سوف يتجه.وهذا كان في1983 أو ربما في 1984 مما سهل الكثير من أمور العيش في الطرف الآخر.وكان قد حدثت حادثة طريفة وجريئة من قبل احد الطلبة عندما كانت الأمور الجبهوية "على ما يرام" ان سرق هذا الشخص وعلى ورقة بيضاء الدمغة الرسمية للسفارة العراقية ومن ثم عمل عليها دمغة جديدة ليساعد من يحتاج الى تمديد فحصل الكثيرين من العراقيين ,وبينهم كاتب هذه السطور,الى تمديد مُزور,شملت هذه المساعدات موظفين عراقيين جاءوا من ليبيا حتى.في خلال تلك الفترة لم تكون السفارة العراقية في بودابست محل ارتياح لمن يزورها ولذلك كان من المعروف ان زوارها هم أعضاء الاتحاد الوطني فقط أو من يعملون في السر على الحبلين.لقد استطاعوا أن يزرعوا خفافيشهم بين الطلبة ,وهذا ما حدث في كل مكان في أوروبا الشرقية.

ولكن عمل السفارات في تسقيط البعض الضعيف أمام المال والشراب كان مستمرا ,الى أن عثروا على بعضهم بمناسبات عدة وأولها احتفالات بعيد"ثورة 17 تموز" في إحدى أعوام بداية التسعينات حيث وجهوا الدعوة للبعض من الشيوعيين الذين كانوا على الهامش ,ولكن الطامة الكبرى أن حضر معهم احد الكوادر الحزبية,بالرغم من عدم قبول منظمته بالذهاب الى الاحتفال,كما قال البعض,ولكن البعض الآخر قال العكس عندما كانت الخلافات بينهم.المهم في كل هذا ان السفارة نجحت في استقطاب البعض لاسيما لو كان كادرا متقدما في الحزب الشيوعي العراقي وكان بدرجة عضو مكتب محلية.

وسقط هذا الانتهازي كما سقط الآخرون معه,لانهم لم يلوثوا سمعة الحزب فقط وانما بقت هذه الصفحة السوداء في جبينهم الى يومنا هذا مهما حاولوا القفز على الواقع والحقيقة وظهور بمظهر المخلص للحزب ورجوع البعض الى تنظيمه ,مع شديد الأسف.

سفارات ما بعد البعث
بدأ البعض الانتهازي المستغلي المناسبات الآنية للدخول الى السفارات من الباب هذه المرة أولا لتبييض أوجههم السوداء وثانيا للاستفادة القسوى ماديا ان أمكن. فبدأ البعض بالركض المراتوني في استقبال القنصل الجديد هنا وهناك وبدأوا بعمل السفرات الترفيهية "للدبلوماسيين" الجدد ولتشكيل حلقات تافهة حولهم والالتصاق بهم ليلا ونهارا والذهاب للتسوق وغيرها من الأمور البعيدة كل البعد عن تقاليد الإنسان المتزن.فقد حصل البعض على عمل بسيط في السفارات بحكم عدم أهليته لشغل وظيفة أعلى واكتفى بما هو عليه ,وهذا أمر خاص لا شائبة عليه.لكن الطامة الكبرى عند الذين أصبحوا منظرين آخر زمن,فحاولوا التقرب للسفراء بطرق بائسة,والمثال مازال حول سفارة العراق في بودابست,عبر الدعوات الخاصة في البيوت الخاصة الترفيهية وسرقة اقتراحات البعض ولصقها بأسمهم ليبدو وكأنهم مفكرين لهم شأن.متصورين من خلال هذه الدعوات الحصول على وظيفة مرموقة في السفارة.وما حدث كان العكس مما دعا هؤلاء الشلة الى التشهير بالسفارة في بعض ألأحيان من خلال مقالة في صوت العراق.ان التقرب للدبلوماسيين الجدد أخذ مناحي عدة,وقد فاز بها من كان يدعي التدين وبما يسمى منتدى أهل البيت فقد شرع السيد السفير بتوزيع الملابس السوداء الى "أهل البيت" والقصد واضح وضوح الشمس وأبتعد هذا الدبلوماسي القح عن البعض الذي التصق به منذ فترة ويبدو ان الأمور لم تسير كما خُطط لها,فقد شن أحد الانتهازيين,وهو يحمل صفة دكتور اقتصاد,حملة ضد السفير وعمل السفارة وعدم العمل على تقوية أواصر الصداقة مع الجانب المجري ومن خلاله لأنه إحدى الكوادر التي لها دراية وخبرة "أكثر" من ثلاثة عقود,يقول الدكتور المزور للحقيقة.والحقيقة التي لم يعرفها القارىء هو ان هذا الخبير لم تكن له خبرة ولا عشرة أيام كاقتصادي ما عدا عمله في إحدى الدول العربية ولا أعتقد,وبذلك ليس له الحق في اختلاق حقيقة,وان كانت بائسة,حول خبرته التي امتدت الى ثلاث عقود,وليذكر بحثا اقتصاديا واحدا أعده ونشره في مكان ما,وحتى لا اظلمه وبشدة فقد نشرت له رسالة العراق مقالة مترجمة عن مجلة مجرية في زمن الطاغية صدام,وكانت بعد ذهابه الى حفل ثورة صدام المخزي, ويعرف ذلك الكثير كيف نشرت ولماذا وما تركت حولها احتجاج المتبقي من العراقيين هناك وقت ذاك.وفي الجانب الثاني ألتزلفي حول الملتفين حول السفير كتب احدهم مقالة يشيد بالسفير المهتم بأمور الجالية العراقية في بودابست وكأن السيد السفير نزل عليهم من السماء بعطفة وذكائه وخبرته وحبه للجالية وتقي جدا ,ذكر آخر على جريدة صوت العراق في يوم آخر.

هذا غيظ من فيض بعض تصرفات البعض المتهالك حول العمل في السفارات وحول علاقة السفارة مع الجاليات في بعض الدول.لكن مما يثر التساؤل حول عمل دبلوماسيي السفارات العراقية هو الاهتمام ,وكما يبدو,بتقاليد ليس للعرف الدبلوماسي من شيء وليس من مهامه,مثل ما يحدث في السويد بعقد الجلسات الرمضانية والعزائم والاحتفاء بالسفير وحوله شلّة غريبة الأطوار لا فائدة منها إلا التزلف والتقرب من الشخصيات الدبلوماسية لغرض في نفس يعقوب,بدأت السفارة في بعض الأحيان بتوزيع بعض الأموال لتمويل بعض الفعاليات للجاليات العراقية بكل تنوعاتها,والسويد مثالا على ذلك,ومن يقول شيئا مخالفا لذلك سوف أكون شاكرا له لان مصدر قولي هذا موثوق جدا وحدثت مشادات واتهامات عن صرف هذه المبالغ وغيرها مما يدفع بالكثيرين الابتعاد عن مثل هذه الاجواء.

وهنا يبرز سؤال بالخط العريض ماهي مهام السفارات العراقية ؟وهل من مهامها خلق حلقات شللية محددة حول هذا السفير أو غيره؟أم تأسيس علاقات دولية سليمة هي ما أحوج لها العراق في هذه الفترة من البناء ,ان كان هناك بناء؟العمل على جلب الشركات الكبرى للعمل في العراق,الاستفادة من المنح العلمية لإرسال الطلبة للدراسة والتدريب في الخارج ,خلق قواعد للتعاون في المجالات الاقتصادية...غيرها من المهام؟

في يوم كانت السفارات العراقية مقرات للمخابرات الصدامية ويوم أصبحت جمعية أو دائرة لحزب أو قومية من السفير الى الفراش. وآخر سؤال يدور في ذهني هو كيف تختار الخارجية العراقية دبلوماسييها؟أو بالاحرى متى يبتعدون عن سياسية المحاصصة في توزيع المناصب في هذا المجال؟

 

20110323
 





 

free web counter