| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                                                      الثلاثاء 1/5/ 2012



هروب الأطباء العراقيين واستيراد الأطباء الأجانب

محمود القبطان    

معروف إن أطباء كُثر قد تركوا العراق منذ أواخر السبعينيات وما زالوا يهربون أو يتركوا أماكن عملهم لاسباب عدة.فهناك ألآلاف من الأطباء العراقيين في إنكلترا وأمريكا

واستراليا والدول الاسكندونافية.وفي إحدى مستشفيات السويد هناك 48 طبيبا عراقيا من أصل 150 طبيب يعمل في المستشفى المذكور.فأي هدر يحدث في الكادر الطبي العراقي ومن المسبب وما هي النتائج المترتبة على ذلك؟

إن أهم الأسباب لهجرة الأطباء التي بدأت في نهاية السبعينيات هو الوضع السياسي المتردي والهجمة الشرسة على القوى التقدمية العراقية من قبل النظام ألصدامي,فخرجت جموع الأطباء والكادر الصحي بصفات مختلفة لكي تتخلص من القهر,فهناك من خرج بصفة عامل,وآخر بصفة سائق تاكسي أو صهريج نفط وآخر بصفة نجار,تعددت المهن المُفتعلة للأطباء لكن الهدف واحد وهو الخروج من عنق الزجاجة التي أحكم صدام عليها.واستمرت هجرة الأطباء حتى بعد سقوط النظام ألصدامي لتختلف سبب الهجرة من إرهاب سياسي بعثي وحصار اقتصادي عالمي الى قتل على الهوية الطائفية والعرقية في ظل الاحتلال واستمرار التدهور الأمني في البلاد.كل هذه العوامل وغيرها أدت بالنتيجة الى فقدان العراق الى الكوادر العلمية الطبية والصحية وبدت المستشفيات شبه فارغة والعمل بدأ فيها أصعب من السابق ونوعية العمل بدأت تنحصر بسبب عدم القدرة على تلبية الحاجات المتزايدة للأطباء بسبب النقص المتزايد في عددهم.وجاء عامل آخر لم يكن في الحسبان من قبل وهو تدخل العامل العشائري والقبلي في عمل الأطباء ونوعيته مما أدى بالنتيجة الى هروب جماعي آخر للأطباء ومازالوا يصلون الى دول المهجر وتقدم لهم التسهيلات في البقاء عبر منحهم اللجوء.

وأمامي مقالة للسيدة فاتن الجابري نُشرت على الانترنيت في 20120412حول الحكم بالسجن على طبيبة بسبب خطأ طبي غير متعمد,ومطالبة أهل المتوفاة ب 150 مليون دينار كفصل عشائري وهذا حدث في مدينة السماوة.إذن المسألة ليست حياة إنسان وإنما الفصل العشائري ومن لا يدفع فمصيره معروف,في العرف العشائري اليوم.إنه ابتزاز واحتقار للحياة والإنسانية عندما يكون العرف العشائري الهدف.وقبل يومين وفي محافظة صلاح الدين حدثت وفاة مريض وصل الى المستشفى بحالة متأخرة وبدأ الاعتداء من قبل "رجال" الصحوة والشرطة على الكادر الصحي ..لي صديق في إحدى المحافظات قال إنه ترك العمليات الكبرى بسبب الخوف من حادثة وفاة وتأتي العشائر لتطالب بمبالغ خيالية وهو ربما غير قادر على ذلك ولاسيما هو باع نصف بيته لقتلة مجرمين بعد أن هددوه بالقتل إن لم يدفع لهم.

وقد هرب العديد من أطباء التخدير بسبب التهديدات التي تصلهم بالقتل إذا توفي المريض,وقد حدث أن دفع طبيب تخدير الفصل العشائري بسبب وفاة مريض في مرض عضال وهو كبير السن.وقد أعتدت قوة حراسة المستشفيات على الأطباء في المدينة الطبية قبل عام .كل هذا يحدث وليس هناك من يحمي الأطباء والكادر الصحي في العراق وترك الحل بيد العشائر وفصلها ومروتها بقتل الطبيب أو تغريمه أو بالاثنين معا.

ماذا يحدث ألآن؟

نتيجة لذلك وبسبب قلة الكادر الطبي والصحي في العراق أُعلن أمس بتعاقد الجهات الصحية العراقية باستيراد 150 طبيب تخدير مع كادر الممرضات من الهند والفيليبين وربما من جزر لم نسمع بها لتعويض النقص الحاصل جراء هروب الأطباء العراقيين من البلاد بسبب التجاوزات اللا محدودة واللا مضبوطة من قبل أُناس جشعين لا يعرفون من أعرافهم العشائرية المتخلفة غير المال والسرقة والابتزاز. لكن لم يذكر البيان على هذه الخطوة كيف سوف تحمي الدولة الأطباء والممرضات المستوردون الى العراق والذين يعملون بعقود ,وما موقف العشائر منهم ومن سوف يدفع لهم الفصل العشائري في حالة وفاة المريض أثناء التخدير من قبل الطبيب الهندي؟ومن سوف يطالبون بدفع الفصل الحكومة العراقية أم الهندية؟

كيف تتعامل وزارة التعليم العالي مع الكوادر الطبية العراقية المهاجرة؟

ومن لسان احد مدراء الصحة في العراق سمعت إن احد الزملاء والذي يعمل في إنكلترا ألان ترك أوراق التعادل عند محامي للمراجعة ومنذ عام ,وألان أكثر من ذلك ولم تبت البعثات بأمر تعادل شهادته.وعندما سمعت الخبر أصابني الذهول.لماذا كل هذا التأخير ولمصلحة من ومن يُعرقل رجوع الكوادر العلمية العراقية الى البلاد؟ سمعت من السيد المالكي وفي إحدى خطبه حيث قال نحن لا نستطيع أن نلبي كل حاجيات الطبيب العائد للعراق بسبب الوضع ألمعاشي الذي يعيش فيه في الخارج لكن سوف نعمل على بناء وحدات سكنية لهم كأطباء زائرين لفترة قصيرة للاستفادة من خبراتهم,ولكن وليومنا هذا لم نسمع عن طبيبا رجع للعراق لفترة قصيرة للعمل كزائر وسكن هذه البيوت الجديدة,وأين.وبنفس الوقت أتسائل أين سوف يسكن الكادر الطبي والصحي الهندي والفيليبيني في العراق؟

وفي آخر تقليعة علمية لوزارة التعليم العالي وعبر مديرية البعثات ولغرض التعادل لشهادات صادرة في الخارج من قبل الجامعات المعروفة يقدم الطبيب الأخصائي امتحان في الاختصاص مرة أخرى لغرض الاعتراف بشهادته بعد أن تأكدوا من صحة الإصدار أولا.

وهنا يطرح السؤال نفسه وهو هل كل من حمل شهادة يجب أن يُشك بأمرها ,مثل ما وصل نواب الى البرلمان وأعضاء مجالس محافظات الى مواقعهم بشهادات مزورة ويحميه الحزب الذي ينتمي إليه؟وهل لمن عمل في أكثر من دولة في اختصاصه ولمدة طويلة أن يقدم امتحان من جديد ليثبت للبعثات العراقية أو وزارة التعليم العالي إنه أهلا للاختصاص؟وهل يؤدي الطبيب الأجنبي هنديا كان أم فيليبيا أو غير ذلك الامتحان في الاختصاص الذي يعمل فيه ,وهل يتأكد من صحة صدور شهادة اختصاصه أيضا؟أم إن الأمر محصور فقط بالعراقي الكادر العلمي الطبي لغرض إبعادهم من تأدية دورهم في خدمة بلدهم والاكتفاء ببعض الأجانب لتكون طريقة جديدة في الابتزاز والسرقة عبر عقود "تجارية"لتكون وسيلة حديثة في الاغتناء؟

على من أصدر أوامر تعادل الشهادات وتصديقها أن يراجع نفسه,لان الكادر العلمي الطبي الذي يعمل في أكثر من دولة ولعدة سنين لا يحتاج لامتحان وربما لإصدار تعليمات مناقضة لذلك وهي تسهيل مهمة عودة الأطباء وتطمينهم على حياتهم وحمايتهم من الابتزاز العشائري المتخلف,واحترامهم ككوادر تشارك في بناء الوطن والإنسان.
 


20120501

 


 


 

free web counter