| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                                                      الأحد 19/6/ 2011



الى أين تؤدي جريمة عرس الدجيل

محمود القبطان  

مازالت ردود أفعال جريمة عرس الدجيل مستمرة وقد استغلت سياسيا بشكل مُقرف حتى.ولا يخفي على أحد إن ما حدث في العراق منذ 2003 والى يومنا هذا من قتل بشع وتمثيل بالقتلى يعجز أي إنسان عن وصفه ,ولا تختلف جريمة ما سميّ عرس الدجيل ضد أكثر من سبعين بريئا عن سابقاتها من جرائم ,وكانت السياسة حاضرة في كل هذه الجرائم.وما الجرائم التي تتم بأسلحة كواتم الصوت إلا جزءا منها إضافة الى عوامل أخرى.إن جريمة عرس الدجيل وظفت سياسيا وبامتياز وكأن العراق كان خاليا من جرائم من هكذا نوع,لان القضايا تلك سجلت منذ 2007 ولم يتخذ القضاء,المستقل,أي إجراء بشأنه,كما قال الشهود وأهالي الضحايا.

حرب الصور:
دأبت ماكنة حزب السلطة على إبراز صور لعلاوي وهو يتصافح مع المجرم فارس الجبوري كدليل على اشتراك علاوي في التغطية على هذا المجرم,أو هكذا صوروا للإعلام,وما قاله الشلاه والسراج بهذا الخصوص كان دليلا واضحا على استغلال القضية للتسقيط السياسي.وفي البداية كانوا متحفظين على ذكر اسم علاوي بهذا الخصوص الى أن وصلوا الى تظاهرة الجمعة التي جمعوا بعض العشائر التي تهتف بنفس الطريقة مع الهوسات التي هتفوا بها لصدام ليجعلوا منه قائدا مخبولا,هكذا فعلوا ولكن ليحسموا الصراع بالهراوات والسكاكين ,الى أن قال من قال انه لا بد من التظاهر في أمكنة مختلفة تفاديا للاحتكاك,وضرورة التظاهر بطرق حضارية!!أين كانوا عندما أجازوا لمؤيديهم التظاهرة بنفس المكان مع الناس المطالبة بالإصلاح السياسي؟تلك الاتهامات التسقيطية جرّت علاوي ومن معه الى خطابه الخطير اعتبر طلاقا لا نقاش فيه مع المالكي مما سهل مهمة الانفلات الأمني للمتربصين بالعراق ومؤسساته وشعبه.ولكن لعلاوي مستشاريه الذين يستطيعون أن ينبشوا في الأرشيف ليخرجوا الرد المناسب ففي رد قوي نشروا صورة للمجرم فراس الجبوري مع وزير الهجرة والمهجرين عبدالصمد عبدالرحمن جالسا الى يساره مباشرة,وحتما كما كان في صورة مع علاوي عبر منظمته التي سموها وهمية ليدافع عن مجرميه في السجون بعد أن لقي ترحيبا من فوق لزيارة السجون أيضا ويطالب بإطلاق سراحهم من المعتقلات والسجون وليفبرك الكثير من الأكاذيب وتستغلها بعض الفضائيات .ولكن السؤال الذي لم يجيب عليه أحد كيف توصلوا الى انه يمثل منظمة تعني بحقوق الإنسان وهمية,وكيف كان يصل الى المعتقلات ليلتقي المعتقلين؟!

المهم بعد نشر الصور الجديدة للمجرم تتساوي القوة في إطلاق قذائف الطرفين في التسقيط السياسي وتبدأ مرحلة جديدة من الاقتراب لتسوية ما في المشهد السياسي عبر إعلان حسين الاسدي انه لا بد من الاتفاق بين الاثنين وضرورة لقاء رئيسي الكتلتين قريبا,والعمل على مشروع جديد,وخالد الاسدي بعد أن أعتبر العمل مع علاوي أصبح مستحيلا بعد نشر صوره مع المجرم فراس,تراجع أمس وقال لا بد من وضوح الرؤية للعمل المشترك بشأن المجلس الأعلى للسياسات الاستراتيجية وحل الخلافات ب|أسرع وقت,والسراج قال لا بد للعراقية أن تتعهد بعدم الاستفزاز مرة أخرى.هكذا بدأ التراجع غير المنظم لمستشاري المالكي,ويبدو إن الأخير ما زال يستمع وباستمرار الى مستشاريه الذين أوقعوه بأكثر من مطب منذ توليه رئاسة الوزراء وليومنا هذا.هل لقاء المالكي وعلاوي في بيت طلباني وتوزيع القبل بين "الأحبة" سوف يتكرر لتهدأة النفوس ولو لحين وسوف تجري من تحته كل المختبرات السياسية أم يستطيعوا أن على يقدموا على خطوة جريئة لتسوية الخلافات مرة واحدة والى الأبد؟أشك في ذلك لان كل المؤشرات تدل على أن إلتقوا فهذا سوف يكون لتهدأة مؤقتة قد لا تتعدى الأسابيع لتتفجر مرة أخرى لان ليس هناك حسن نوايا بين الطرفين.ماذا سوف تقول "العشائر" التي جلبت من المحافظات لترفع صور علاوي مع الجبوري بعد أن نُشرت صورة أخرى للمجرم فراس مع قيادي ووزير سابق في حزب الدعوة؟

البراءة :
اعتادت السلطات الاستبدادية في العراق منذ 1963 على إجبار السجناء والمعتقلين على إعلان البراءة كشرط لإطلاق سراحهم,حتى في زمن الملكية,وبدأت بالشيوعيين الى أن وصلت "لإبطالها" البعثيين ليُجبروا بإعلان براءتهم من حزبهم ,كما حدث بعد انقلاب عارف عليهم في عام 1964.واليوم تتكرر نفس العملية البائسة لتعلن عشائر الجبور براءتها من المجرم فراس الذي كان سفاحا من الدرجة الأولى بجريمة عرس الدجيل.الأهم في كل هذا هل المجرم هذا هو الوحيد في العراق؟هل سوف تبدأ البراءات من المجرمين كلهم؟هل الناس الطيبين يجرمون بجريرة واحد أو عشرة مارسوا هذه الجريمة أو تلك؟لماذا يجب أن يسود هذا التخلف السياسي؟هل كل من حمل لقب ما يُجرّم بسبب أخ أو قريب أو جيران تبين إنه مجرم وعليه يجب أن يطلق العنان للبراءات؟وماذا لو كان من يقود هذه العشيرة أو تلك هو من حرض على القتل أو العنف ويتستر خلف البراءة هذه أو تلك ,كما تستر المجرم فراس بمنظمة حقوق الإنسان من قبل؟

محاكمة سريعة :
قد يُحسب للقضاء اليوم سرعة تقديم المجرم فراس الجبوري وعصابته للقضاء وإصدار الحكم العادل بحقهم,لكن هل إن القضاء مستقل فعلا عن التجاذبات السياسية؟هذا الأمر مشكوك في أمره,لان ما موجود في المعتقلات اليوم هو في نفس درجة المجرم الجبوري إن لم يكن اخطر وهم يسرحون ويمرحون ويضحكون على القضاء العراقي,ولم يُقدموا للمحاكمة حتى بعد مرور فترة طويلة على تواجدهم في المعتقلات.هل القضاء العراقي مستقل؟تشير كل الدلائل انه القضاء كسلطة ربما تكون مستقلة نوعا ما ,أو هكذا يجب أن يكون,لكن السياسة لها الأثر الأكبر عليها,حيث قال أكثر من متضرر في ندوة على الفضائية العراقية أمس الأول بحضور قاسم عطا وأثنين من القضاة المعروفين,قال أهالي الضحايا أن بعض القضاة ,وتحديدا في محاكم الكاظمية والكرخ,

ان يتم تسوية القضايا بالرشوة وعدم الأخذ بالدعاوى ضد المجرمين لان نفس المجرمين يسجلون الدعاوى ضد أهالي المغدورين,وقد ذكر احد الذين فقدوا أعزائهم بالاسم القضاة الذين تجاوبوا مع القتلة لتسجيل قضايا كيدية بعد إتلاف أوراقهم وشكاواهم ,والسؤال أين سوف يكون ذاك القاضي الذي سجل دعاوى كيدية ضد المُعتدى,هل يقدم للقضاء أم هل يُهرب أم تراه قد هرب بعد أن افتضح أسمه ؟لقد سقط جراء الإرهاب الأعمى مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء بسبب الصراع السياسي والطائفي ولم يشير المتنفذين على سرعة تقديمهم للمحاكمة والقصاص منهم ,لكن هذه الحادثة كسابقة جديدة إن وظفت سياسيا ,يتمنى كل عراقي أن تأخذ قضايا القتل العشوائي والغدر السياسي طريقها للقضاء بنفس الهمة والسرعة لينال كل مجرم عقابه العادل دون تسييس أو تسقيط كما يريد له بعض الساسة,وما سمعناه من ديالى أمس على لسان الهاشمي دليل على ذلك,ففي كل أزمة ينطلق ليدافع عن"الأبرياء" مستغلا هفوات المالكي ومستشاريه ,وما أكثرها.وفي بادرة لمحافظة بغداد"إنسانية بحتة"بتعويض أهالي ضحايا عرس الدجيل,ولكن لماذا لم تبادر المحافظة بتعويض باقي أهالي الضحايا منذ منذ 2003؟

عمل من لا عمل له:
في بادرة "ذكية" لرئيس الجمهورية الطالباني ليبقى مخلصا لتوقيعه برفضه أحكام الإعدام أعطى تخويلا لخضير الخزاعي,وزير التربية السابق ,وعضو برلمان بالاستعاضة لم ينتخب,ثم إصراره على أن يكون نائبا ثالثا للرئيس, وجد له الرئيس وظيفة حتى لا يبقى متضجرا,حيث لا عمل للنواب ,التوقيع على أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم العراقية بحق المجرمين.,أولها,على أغلب الظن,تنفيذ الأحكام بمجرمي عرس الدجيل.وبهذا سوف لن يبقى الخزاعي عاطلا عن العمل.ولكن أمامه مهمة كبير وشاقة ,فهناك أكثر من 500 حكم بالإعدام ينتظر التوقيع عليه,فهل يكون الخزاعي "گدهَ" ويوقع على الأحكام أم تراه بطيئا في ذلك لإطالة فترة توكيله لهذه المهمة من جانب ,ومن جانب آخر يراعي "حقوق"المجرمين وجمعيات حقوق الإنسان؟وبالمناسبة موقع الخزاعي في البرلمان نُسّب الى خالد الاسدي والذي لم ينتخبه أحد هو الآخر,ليتكلم بأسم الشعب.

اختراقات المجرمين للقوات الأمنية:
لم يعد خافيا على أحد أن ما يتعرض له العراق من خروقات أمنية واستعمال المركبات الحكومية في معظم عمليات التفجيرات والقتل والاقتحامات هو من جراء الاختراقات للقوات الأمنية وزرع القواعد للمجرمين فيها ولتفشل الكثير من العمليات الاستخباراتية .وهذا جاء على لسان المالكي وقاسم عطا في الأسبوع الفائت وبصراحة.حيث قال رئيس الوزراء أن ليس من الصدفة أن تستعمل المركبات الحكومية وأسلحة الحكومة في معظم العمليات الإجرامية مما يعطي انطباعا سيئا على جاهزية القوات الأمنية ,وهذا الحديث له صلة بتمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق بعد نهاية العام الحالي,وهذا جاء بالضد من تصريح آخر لأحد القياديين في حزب الدعوة بأن هذا الحزب لا يوافق بالمطلق على تمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق,والسؤال نصدق من؟ويعلم الجميع إن معظم الأعمال الإجرامية تحدث بالقرب من نقاط التفتيش,كما قال احد المتضررين من عصابة فراس الجبوري ,والذي فقد إخوته وأصيب نفسه بالشلل ويجلس على الكرسي المتحرك,كما قال نفس الشيء باقي شهود العيان.

وأخيرا الانتخابات المبكرة:
يتفادى القادة السياسيون والذين يمسكون بمفتاح الحكومة والسلطة,يتفادون الحديث عن الانتخابات المبكرة.فقد تكلف الحكومة أموالا طائلة!! والمفوضية للانتخابات غير جاهزة غيرها من الأعذار ,وملخص حديثهم لا انتخابات قبل انتهاء المدة القانونية لهذه الدورة,أي بعد أكثر من ثلاث سنوات,وربما تمدد الفترة لاسباب سوف يعثرون عليه وقولوها في وقتها..

ومهما يُقال عن التكاليف أو جاهزية المفوضية للإعداد للانتخابات ,فهناك قناعة تامة عند من يدير السلطة ومستشاريهم أن حظوظهم أصبحت قليلة في فوزهم ,كما كان معظمهم في الانتخابات الأخيرة.وسوف لن يغيروا من قانون الانتخابات لان في التغيير,وخصوصا إذا جعلوا العراق دائرة انتخابية واحدة,فسوف تكون الانتخابات نقمة عليهم,ولذلك سوف يُطيلوا فترة بقائهم أطول فترة وعدم الارتهان الى مطالب الشعب في الانتخابات المبكرة.وأمس صرح رئيس مفوضية الانتخابات أنه يحتاج الى 180 يوما للإعداد لانتخابات مبكرة.فليكن.ولكنهم سوف يماطلون ويماطلون في تسويفهم هذا لمطالب الشعب.

والمبالغ التي يتعذرون بها هي أقل بكثير وكثير مما يسرقوه يوميا عبر رواتبهم الخرافية ووظائفهم الوهمية ومؤتمرات المصالحة "الوطنية" مع القتلة.وإذا هم جادون في تعديل مسار العملية السياسية ويهمهم مصير الوطن فليعملوا على تعديل قانون الانتخابات وإقرار قانون الأحزاب ويسرعوا لانتخابات مبكرة.لكنهم ليسوا فاعلون.

ويبقى الوطن بعيدا عن هموم القادة الجدد بكل تشكيلاتهم وتلاوينهم الفكرية والسياسية.

 

20110619

 
 


 

free web counter