| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

الخميس 11/6/ 2009



الدين والطائفية والقومية وبريمر أفيون الشعوب

محمود القبطان

ما يؤخذ على الماركسية بين مآخذ عدة,من قبل الإسلام السياسي,هو نعتها للدين بأفيون الشعوب.وليس في هذا مغالطة أو تجني على الدين المسيحي وقتها عندما قالها ماركس وإنما ما كان المقصود به هو استغلال الدين من قبل رجال الدين وقتها في السياسة وقهر الشعوب وسرقة قوتهم هو ما كان سبباً لنعت الدين بأفيون الشعوب حيث يبقى الإنسان يؤمن به ,وقد يكون صادقاً لكنه ,الدين, يُستغل لمآرب رجال الدين وقد اغتنوا به وحرمت الشعوب.وهذا ما يحدث في العراق الجديد.

بأسم الدين انتشر التزوير, والقتل, والمحسوبية, الرشاوى, الذبح الفظيع على الهوية الذي لم يعرفه العراقيون من قبل, تفشي الأمراض المنسية, تفشي البطالة, تفشي تعاطي المخدرات, فقدان الخدمات, توزيع ألأغذية غير الصالحة للاستعمال البشري, استعمال أموال الناس البسطاء التي تدفع بأسم الزكاة والخمس للاستعمال الشخصي والحزبي الضيق, سرقة المال العام. كل هذا استخدم باسم الدين, فأين مخافة الله التي يلوحون بها أمام الناس والجنة والنار والأمانة والاستقامة والعمل المثمر والتقوى من كل هذا ؟
ماذا أبقوا للدين حتى لا ينعت بأفيون الشعوب ؟ كل الناس يعلمون , متدينون وغيرهم ,ماذا كان رد الإمام علي على أخيه عقيل, وكذلك ردة فعله على أبنته زينت عندما استعملت بعض الحلي لنفسها, وكيف مات أبو ذر الغفاري وهو منفياً وكان يوزع ما عنده على الفقراء وعنده أولاده الجياع, وغيرها من العبر التي يكررها المعممون لكنهم لا يلتزمون بها بقدر شعرة أمام ذهولهم عندما استتب لهم أمر السلطة فرأوا ما لم يكن في بالهم فنسوا الدين والله وتعاليمه طالما أخافوا الناس بها , لكنهم في حل منها عندما يتعلق الأمر بهم.

وقد استخدم المذهب وإتباعه بشكل أكثر تشويهاً من الأول. فسيّرت الملايين للزيارات الدينية وتحديداً في شهر محرم, دون مراعاة لعمل أو إنتاج أو إرهاب حيث يحصد الأبرياء بسبب الانتماء المذهبي وفي كل سنة يذهب العشرات من الزوار ضحايا هذا التقليد, بينما لو كان في ظروف هادئة دون تفجير وقتل أكثر تقبلاً وتفهماً لممارسة شعائر دينية. وتدار الانتخابات على هذا الوتر العاطفي, وبعد أن هدأت المليشيات من انفلاتها وقلمت أظافرها شعر الناس بنوع من الطمأنينة وقلت المضايقات في الشوارع وانسحبت العصابات المجرمة من كلا الطرفين من الشوارع لاسيما بعد اتخاذ رئيس الوزراء إجراءات أمنية متشددة اتجاه هؤلاء المنفلتين من كل القيم والقوانين, جاءت انتخابات مجالس المحافظات ليسيطر المالكي عبر حزبه على معظم محافظات الوسط والجنوب عبر رفض العراقيين لكل أساليب الخديعة باسم الطائفة, وقد صدّق الناس المحبين للسلام فأعطوا أصواتهم لمن يريد البناء وكشف المجرمين من كل الأصناف ولكن ما ان اقتربت الانتخابات البرلمانية القادمة ألا ورأينا اصطفاف قديم جديد لكل الكتل الطائفية والقومية ليعيد التاريخ القريب نفسه, عبر دجل جديد وهو الاصطفاف الوطني .
أي اصطفاف وطني يتشكل من نفس التكتلات والأحزاب ؟
أين الوعود التي أطلقها السيد رئيس الوزراء لمحاربة الفساد والطائفية ؟
أين الموقف الوطني من تصريحات القبانجي في النجف ؟
ماذا كان رد فعل الدولة من هذا التصريح عدا "أننا لا نسمح بتفتيت الوحدة الوطنية"؟
وحتى في الجانب الثاني ,بعد أن خسر الكثير ارتأت قياداته أن تلتئم مرة أخرى بأسماء كلها تنادي بالوطنية وهي طائفية الى حد العظم. يمنعون المساءلة للمحتالين والمطلوبين للقضاء ويبقون يصرّحون لا مانع لديهم من رفع الحصانة عن المطلوبين للقضاء على أن لا تسيس القضايا. ويبقى المجرمون المطلوبون للعدالة رهن التجاذبات السياسية والاتفاقات الثنائية, وأخرها هروب أو تهريب نائب محافظ ديالى الى ألمانيا وهو المطلوب للقضاء بسبب الفساد المالي, وغيره من قبل ، مثل وزير الثقافة السابق ووزير الكهرباء ومحمد الدايني والقائمة قد تطول,وليس هناك من متابع لهذا الهروب المتكرر, وقد يلحق بهم وزير التجارة المستقيل والموجود تحت الإقامة الجبرية.

السيد نائب رئيس الجمهورية يدافع وبعناد عن كل مجرم يلاحقه القانون بسبب انتمائه لطائفته وهو الذي يقول دائما أن المحاصصة الطائفية هي السبب في تدهور الوضع في العراق وهو الممارس الفعلي لها ,حيث قدم رسالة الى رئاسة الجمهورية بخصوص"الانتهاكات" في حي العامل والدورة, والتي تبين أن القوات الأمنية كانت تلاحق عناصر مطلوبة للعدالة بسبب جرائمهم, وقد عوّدنا السيد الهاشمي على دفاعه عن أفراد من طائفته "وهو ليس طائفيا" مثل حادثة صابرين الجنابي لا بل وتهريبها الى الأردن "الشقيق" .

كل هذا يجري باسم الطائفة التي وضعوا أنفسهم أوصياء عليها دون تخويل. من أين جاءت هذه الوصاية لتكتلين طائفيين على أبناء الشعب العراقي الذين ولدوا وهم على هذا الدين وهذه الطائفة أو تلك ؟ هكذا تستعمل الطائفة والدين معا. فهما أفيون دمر الشعب العراقي.

وأما الأفيون الثالث وهو القومية, والذي ابتلى به الكثيرون وحتى من البعض الذي يحاربه ,ربما ظاهريا وليس عن إيمان. فقد كنت في زيارة خاصة في مكان محترم جدا ,وأنا في الانتظار كان هناك شخصا جالسا بالقرب من مقعدي حيث دار نقاش حول استعمال اللغة القومية في مكان لا يتكلم أحد به أمام الآخرين فقال ضمن ما قاله : الإنسان يولد قوميا!!وطبعاً أجزم لو قالها تركمانياً أو ارمنياً لأنقلبت الأمور الى عراك بدل السجال, ولم يشرح الكاكه كيف يولد الإنسان قومياً ؟ ولماذا لا يولد الإنسان متديناً, مثلا ؟ ونرى هذه الأيام السيد رئيس الجمهورية يدافع وبعناد مع كل كتلته عن الديمقراطية التوافقية لأنها في مصلحته(م) ولا شك سوف تسحب السجاد من تحت أقدام الكثيرين لو اتفق الآخرين على الديمقراطية الحقة دون توافقات طائفية - عرقية ولكن بالنهاية سوف تستمر الديمقراطية التوافقية العرجاء الى ما شاء الله.

واليوم صرّح النائب الثاني لرئيس البرلمان عارف طيفور ان محافظة الموصل يجب تقسيمها الى قسمين عربي وكردي,هذا تفكير مسؤول في أعلى هرم السلطة ، فكيف بحاقد على العراق كله جاء من الحدود المتاخمة للعراق ؟ وآخر يصرّح بان نسبة ال17% قليلة لان إقليم كردستان ليس فقط السليمانية واربيل ودهوك وإنما الموصل وكركوك ديالى, وعليه كل التخصيصات والسفراء والوزراء وووو تشمل هذه المحافظات الستة وليس فقط 17% لثلاث منها. هذا أفيون سوف يدّمر التنوع العراقي عاجلاً أم آجلاً ان لم يتوقف التمدد الكردي السياسي غير المبرر وهم دائما يصرّحون أنهم جزءا من العراق.

أما بريمر الذي هو أخطر من كل الأنواع الثلاث أعلاه فقد وضع اللبنة القاتلة الأولى بتقسيمه الشعب العراقي الى سنة وشيعة وأكراد ووضع دستوراً حسب مواصفاته وبالتالي سوف تستمر هذه التشوهات و آثارها في المجتمع العراقي الى فترة طويلة ليس من السهل أن تتلاشى.

فهل من شك ,أخيراً, أن الدين المسيس والطائفية والقومية وما فرضه بريمر على العراق ليس أفيوناً قاتلاً ؟ لنحارب هذا الرباعي الخبيث عبر الوعي المتوازن واختيار الأفضل والانزه.



20090610


 

 

free web counter