| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مثنى كاظم صادق

 

 

 

 

الأثنين 30/7/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس


 

المسألة الزنبورية

مثنى كاظم صادق

الناس على دين ملوكهم والتاريخ يكتبه الطغاة فعلى سبيل المثال لا الحصر صحفت كلمة ( سامراء ) من (ساء من راى ) الى (سر من راى) اكراما لعيون الخليفة العباسي الذي ضعفت خلافته بسبب المد التركي مما اضطره الى نقل خلافته من بغداد الى سامراء اذ بنى قصوره وسجونه ومخادع جواريه الحسان ولايهمه من امر الدنيا الا ديمومة هذا الملك فصارت تسمى مملكته الجديدة ( ساء من راى ) تعبيرا عن الشعور المأساوي الحزين الذي آلت اليه خلافة الاسلام بسبب المد التركي وتغلغلهم في صفوف الجيش والدولة وانشغال الخليفة بحفلات الرقص والغناء حتى قال الشاعر ( ضاعت خلافتكم ياناس فالتمسوا / خليفة الله بين الناي والعود ) وقال شاعر آخر ( خليفة في قفص / بين وصيف وبغا ) ( يقول ماقالا له / كما يقول الببغا ) ولأن التاريخ يكتبه الطغاة كما اسلفنا وردت الينا الحقائق مشوهة ومشبوهة وغير منطقية البتة بل حتى فيها تناقض واضح حتى ان كثيرا من الباحثين قد دعوا الى قراءة التاريخ لا الى كتابته من جديد . من الجدير بالذكر ان نشير الى المحاولة الجادة والناضجة لهذه القراءة في التاريخ وهي ما قام به العلامة الفهامة علي الوردي الذي قرأ التاريخ من وجهة نظر علم الاجتماع وعلم النفس الا ان هذه الدراسات قد ظلت لزمن طويل مخبوءة ومنعت لأنها قد تبلبل العقول النائمة وتنفض من عليها التراب وتجعلها تفكر . لقد تعمد الحكام الذين اختلفت تسمياتهم وتشابهت اساليبهم في الظلم والطغيان الى زرع الغل والحقد والكراهية على القوميات الاخرى التي دخلت في دين الله افواجا والغائها من الوجود وشطبها من السلم الاجتماعي والقيم الانسانية واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية لأنهم ليسوا عربا !! مع ان الاسلام دين اممي وليس دينا قوميا كاليهودية وما ثورة الزنج التي قامت في البصرة ابان العصر العباسي الا ثورة وصيحة من اجل الحرية التي طمطمت بدهاء سياسي كبير من الدولة القائمة آنذاك خوفا من الفضيحة وما هجاء الكثير من الشعراء للعرب الا نتيجة طبيعية لسوء معاملة القوميات المسلمة الاخرى التي اطلقت على نفسها (اهل التسوية) مطالبة بالعدالة والمساواة واطلقت عليهم الحكومات المتتابعة ( اهل الشعوبية ) وجندت ضدهم كتاب التاريخ والادب كي يردوا عليهم ويشوهوا صورهم عبر التاريخ لذا فقد اتجهت هذه القوميات الى طلب العلم والمعرفة من فقه وادب ولغة حتى برعوا فيها فأرتفع كعبهم وسطع نجمهم وبدأ التقتيل فيهم بحجة او بأخرى ولقد برز في النحو العربي ( القواعد) مرجع اللغة العربية وامامها سيبويه ومعنى كلمة سيبويه بالفارسية ( رائحة التفاح ) فقد جاء به اهله وهو طفل صغير الى الكتاتيب كما هي العادة كي يتعلم الحديث وفي يوم ما ارتكب خطأ املائيا بسيطا كما هو حال الطلبة مما جعل معلمه او شيخه خلافا عن بقية الطلبة فقال له ( يافارسي اما تحسن الكتابة ) فحزت هذه الكلمة في نفسه لأنه شعر بالتفرقة لعجمته فكسر القلم وقال لمعلمه ( والله لأطلبن علما تحسدونني عليه انتم العرب) وفعلا اصبح سيبويه اماما في النحو واللغة ومرجعا كبيرا فيها وهو اول من الف كتابا في قواعد اللغة العربية واطلق عليه كتاب سيبويه فقد قال في حقه المبرد ( من اراد ان يؤلف كتابا بعد سيبويه في النحو فليستح ) وكانوا يلقبون كتابه بالبحر نظرا لما يحتويه من غزارة العلم ولم يكفوا عن احتقاره حسدا وبغضا من ناحية ولعجمته من ناحية اخرى حتى جيء به الى مجلس وزير الخليفة كي ينتقصوا منه فقالوا له ( قالت العرب قد كنت اظن ان لسعة العقرب اشد من لسعة الزنبور فإذا هو هي أم فاذا هو اياها ) فأنكر سيبويه وقال الصحيح ( فاذا هو هي ) والدليل قوله تعالى ( فاذا هي حية تسعى ) وقوله تعالى ( فاذا هي بيضاء للناظرين) ولايجوز النصب فقالوا نحن نقول غير ذلك واحتدم النقاش الى ان اتوا ببعض الاعراب الفصحاء الذين كانوا قد اخذوا الرشوة مسبقا لكي يشهدوا ضد سيبويه زورا وبهتانا فشهدوا ضده فقالوا ( القول ماقال خصوم سيبويه ) فطلب سيبويه من الشهود ان ينطقوا الجملة الخطئة لأنه يعلم ان العربي القح الفصيح لايستسيغ لسانه النطق الخاطيء الا انهم لم يفعلوا ذلك فالزمته الحمى ثلاثة ايام ومات وهو لم يبلغ الخامسة والثلاثين من العمر واطلقت على هذه المسألة بــ ( المسألة الزنبورية ) ومن خلال المسألة الزنبورية نود ان نشير وننصح الا يتخذ الانسان الهه هواه وان ينبذ العصبية والحقد على الاخر لأنه من قومية اخرى او من معتقد اخر لأن هذه الامور هي جعل رباني فالانسان غير مختار فيها لأنه يولد من تلك القومية او من تلك الطائفة وهكذا دواليك فجميعنا لآدم وادم من تراب .