| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مثنى كاظم صادق

 

 

 

 

الأربعاء 22/8/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
 


الأمية الثقافية أخطر من الأمية الأبجدية

مثنى كاظم صادق

مرة دخل فيل ضخم الجثة في قرية يعيش فيها العميان فقط فوقف هذا الفيل في احد شوارعها فسد الطريق على المارة فهرع العميان يتلمسون ويفحصون هذا الشيء عسى ان يعرفوا هويته فامسك قسم منهم بذيله قائلا انه حبل وقسم آخر امسك بخرطومه قائلا انه افعى وقسم ثالث امسك بارجل الفيل قائلا انها اعمدة فكثر اللغط والسجال بينهم مما ادى الى نشوب حرب شعواء لاهوادة فيها بينهم ولم تضع الحرب أوزارها ولم تهدأ جعجعتها الى ان دخل رجل اعور القرية فأستطاع ان يفض الخلاف القائم ويصلح ذات بينهم ويرأب صدع صفوهم وعيشهم الآمن معرفا لهم بالمخلوق الغريب الذي يدعى الفيل فما كان من العميان الا ان نصبوا صاحبهم الأعور ملكا عليهم فالأعور ملك في مدينة العميان كما يقال وبعد :إن ما يحدث من حمم ساخنة تقذفها بعض من مناطق ودول منطقتنا العربية هي نتيجة بروز طبقة من متعلمي ابجدية الحروف والقراءة فقط دون تكون معرفي انساني بالثقافات الأخرى لديهم ولذلك تجدهم متمسكين بتلابيب تعليمهم الأول وثقافتهم البيئية الأولى دون الأطلاع الى الغير ولقد اثارت بعض الصحف والمجلات استغرابها وتعجبها حين عملت استبيانا كشفت فيه المستور والمسكوت عنه في الواقع العربي وذلك بتمرير عدة اسئلة بديهية بغية اماطة اللثام عن الحقيقة المرة فجاءت النتائج الباهرة عن طريق قنوات ثقافية كالجامعات والوزارات فنجيب محفوظ موسيقي وكوفي عنان لاعب كرة قدم وبطرس غالي فنان وما الى ذلك من ( خبريات ) يأتيك بها من لم يتزود كما يقول ابو تمام والذي أثار الأستغراب ان مجمل هؤلاء المصوتين والمشاركين هم من حملة الشهادات لكن دون الألمام والاطلاع ولو من باب التسلية على العلوم الأخرى والاداب والفنون لتكوين تراكم معرفي وثقافي لهم لكي يزيد من وعيهم وإدراكهم ولهذا فمصطلح مثقف فيه اشكالية ومغالطة كبرى بلصقه للطبيب والمهندس والأستاذ الجامعي والمعلم والمحامي والضابط إن لم يكن قد الموا بشيء ما من الأداب والفنون والعلوم ولذلك تجد ان بقع التعصب والتطرف الديني والسياسي قد تفشى واستفحل في العقدين الأخيرين بسبب ظهور وبروز الأمية الثقافية من قبل المتعلمين او انصاف المتعلمين الذين لاهم لهم سوى نبش ماحدث قبل مئات السنين واستثماره وتوظيفه في الوقت الحاضر لأغراضهم الشخصية وللضحك على ذقون الحمقى والمغفلين ممن تبعهم . فالمثقفين على قلتهم وعدم قدرتهم على التأثير في المجتمع لأسباب معروفة قد اقصوا عن الساحة ووضعوا في الهامش بدلا من ان يكونوا في المتن لينصحوا الناس بكلمة مأثورة عن سعد زغلول ( الدين لله والوطن للجميع ) ان المسألة ذات خطر جسيم سيما صعود هؤلاء المتعلمين للأبجدية ومسكهم بزمام الأمور ومقدرات الأمة وجعل الناس ينامون على سجعهم وبيانهم وبديعهم والتسويل لأنفسهم الحكم على غيرهم بالخطأ لمجرد انهم لايعتنقون ذات افكارهم ومعتقداتهم والتي هي في الأساس جعل رباني فلا يولد الأنسان مختارا لأسمه او مدينته او والديه او دينه ومعتقده أو قوميته وان اراد اهل الحل والعقد شيوع روح التسامح والأنفتاح على الاخر في المجتمعات العربية عليهم اشاعة الثقافة وروح التسامح والمحبة والأخوة عن طريق تكثيف برامج متخصصة على الفضائيات معدة لهذا الغرض . واحتفي واحترم المحاولة الخجولة التي عملها الداعية عمرو خالد في برنامج خاص اسمه دعوة للتعايش وتغيير المناهج الدراسية نحو الخروج من القوقعة الفكرية ذات الفكر الواحد الى الدخول الى عوالم اخرى ومستويات متعددة لكي يصبح الأنسان العربي ــ وهذا مانتمناه ــ على السلم الأول من الرقي والسمو والرحمة بأخيه الأنسان على الأقل بالمستوى الأنساني وليس العلمي لكي نحتفظ بماء وجهنا الأنساني امام الشعوب الأخرى التي شطبت علينا بعلامة ( x ) وربما للأبد رافعة شعار (الأسلام فوبيا) اتمنى ان نعيد النظر لأن (الله محبة).