| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى كامل الكاظمي

 

 

 

الأحد 24/5/ 2009



النفاق الصداقوي
عدو صديقي (صديقي).!

مصطفى كامل الكاظمي

عدو صديقي صديقي: عنوان يوحي للوهلة الاولى انه جاء مغلوطاً، لكنه يحتمل الصحة في حالة تنطبق على من يتسمى بصديق وهو يولج نفسه بعمد او بدونه في نفاق المصلحية في حركة اجتماعية مثلا او في إطار علاقاته بالاخرين، فيتهاوى بحضيض مأساة اتخاذه عدو صديقه صديقا له، وربما يمتهن بغدره هذا كرامة صديقه الحقيقي.

ان من الحكمة : ان تضحي بحيثيتك من اجل صديق مخلص، وهي قمة الاخلاص والايثار.
وان من الرذيلة : الغدر بصديق نزيه، فهذه أوج الخسة والنذالة، كما في زماننا الاغبر هذا.

تأتي هذه المقالة ضمن سلسلة نشرناها عن الصديق الحقيقي في مواقع الكترونية متنوعة، نتأمل الاستمرار فيها خدمة لشرف الصداقة الحقيقية، بعد تشخيص هفوات المفاهيم المقلوبة، وهي لا تعدو ازدواجية تستبطن النفاق المغلف بالمودة. فوجب هتكها والتعريف بقذارتها وخطورتها في زمن يتسارع ظهورها فتتحقق ربما بوليمة على " كراع باجه " كما يقول العراقيون.

للحقيقة فان اكثر من يلوث شرف الصداقة هم اللاهثون وراء مصلحة يخال له ان فيها دسومة، او ممن يهوى في شراك الخائبين الفاشلين سياسيا واجتماعيا.

لقد ذم القرآن الكريم حالة الازدواجية والتذبذب بقوله تعالى في سورة النساء: "مذبذبين بين ذلك لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ".
لذلك فبسهولة يتمكن اي لئيم شراء متذبذب من الاصدقاء بوليمة واحدة.

الصداقة نوعان: حقيقية ومزيفة
الحقيقي من الاصدقاء من ذكرناه في مقالات سابقة وذكرنا مبادئ انطلاقه واسس ثباتها.
واما المزيف فهو المتقلب الذي وضعنا عنوانا له في ديباجة هذه المقالة، وهو من يمارس النفاق الصداقوي بدرجة تعدل النفاق الديني والاجتماعي وكذلك النفاق السياسي.

والنفاق السياسي يتجلى وضوحا في (المتسوسسين) الذي يحسبون انفسهم ساسة،!! وقد ابتلينا بجهلهم وصفاقتهم، فيعمدون الى الاحتماء خلف عناوين كبيرة - دينية او سياسية وغيرها- لأيهام الناس بأنهم دينيون او سياسيون،!
في الواقع ان هذا المتسوسس الصَفـِقْ، لا يجيد أجندة واداءات السياسة، ولا يحسن دخول باب منها بصورة نظيفة، فيلجأ الى عملية النفاق الصفق برائحتها السياسية التي تزكم انوف الشرفاء.

يمكن وبسهولة تشخيص هذا المتسوسس باحدى الحالات التالية:
الاولى: شح ثقافته السياسية، وعدم قدرته على التعاطي مع افاقها، ويتجلى في وقتنا الاغبر فيمن لا يمتلك تجربة سياسية سابقة، فتجده يتخبط هنا وهناك ليكـّون له مجداً ولو فارغا.
الثانية: تقهقره السياسي مع فشل ذريع في مواجهة التحديات. فيعمد الى اتخاذ بطانة لممارسة دور الثعالب بين الناس وتجريدهم من محتوى علاقاتهم النزيهة وهذا من اشد عرى النفاق.
الثالثة: فشله اجتماعياً في اقامة علائق شفافة واضحة وصادقة مع الجالية.

لذلك يدوّن الاديب أبو الفتح البستي نصيحته الرائعة شعراً:

نصحتك لا تصحبْ سوى كل فاضل               خليق السجايا بالتعفف والظَّرفِ
ولا تعتمد غير الكرام فواحدٌ                       من الناس إن حصَّلتَ خيرٌ من الألفِ


ملبورن/ شتاء 2009




 

free web counter