| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

موسى الخميسي

 

 

 

السبت 8/11/ 2008



المندائيون يدفعون ثمن وطنيتهم العالية

موسى الخميسي

بعد سقوط النظام الديكتاتوري شعر المندائيون بان زمنا جديدا وواعدا قد بدأ، يتساوى فيه جميع ابناء العراق من دون تمييز ديني او مذهبي، في سعي فاعل من خلال منظماتهم ومؤسساتهم ومثقفيهم لخلق مواطنة حقيقية تضمن لهم اداء دورهم الفعال في مجتمعهم بعد ان كانوا ومنذ قرون ، يعانون التهميش القسري .
لقد راود المندائيون العراقيون حلم الخروج من الحالة الذمية والدونية التي كان الاخوة الكبار ينظرون بها الى مكاناتهم وابداعاتهم وتفوقهم ووجودهم اليومي. وصحيح ان الدولة العراقية منذ نشأتها الحديثة كانت تعترف بحقوقهم الدينية والاجتماعية، الا ان طموحاتهم كاقلية دينية متنورة ساعية الى المساواة التامة بينهم وبين اخوتهم المسلمين والمسيحيين، كانت على الدوام تمثل حافزهم المثالي للخروج من ابواب الضغط والقهر والتسلط .
غير ان الممارسة والمتغيرات السياسية والتغيرات والتحولات التي كان ينتظرها ابناء المندائية ، لم تستجب لتحقيق تلك المطالب العادلة، فحرم المندائيون وغيرهم من ابناء الاقليات الاثنية والدينية، من كثير من الحقوق كما لو كانوا ما يزالون يحيون في ظل العهود المظلمة ومعاناتها المجحفة. فازداد شعور هؤلاء بان احلام المساواة التامة هي مجرد وهم يستحيل تحقيقه على ارض واقع يسير باتجاهات تحمل اخطاء الماضي. فوجد المندائيون انفسهم ازاء ازمة مصير كبرى، وكانهم قد عادوا الى الوراء مستضعفين انفسهم ، متقوقعين، منهزمين من ديارهم، مشتتين في ديار الغربة، حيث تتضافر كل العوامل من اجل دفعهم الى مسارات الهروب من وطنهم الاصلي بعد ان تنامى الاحتراب الطائفي والمذهبي، وتنامى التطرف الاسلامي والحركات العنيفة، وراح منهم عشرات الضحايا الابرياء، وترملت مئات النساء واغتصبت عشرات الفتيات، وغيرّت مئات العوائل عقائدها الدينية قسرا، وتشردت الاف العوائل الى دول الجوار .
وعوضا عن سعي مؤسسات الدولة ورئاساتها والبرلمان في خلق قاعدة جديدة للتسامح بين الاديان بعيدا عن التعاطف اللفظي الذي يبديه هذا الزعيم او ذلك القائد، في هذه المناسبة وتلك، وبدل الصمت الذي صار قاعدة غير مستحبة من لدن المراجع الدينية الاسلامية من اجل مطالباتنا المتكررة بتكفير جرائم من يعتدي على اهلنا وبناتنا وابنائنا، فان الدولة العراقية الجديدة وبرلمانها تسحب ما اقترحته هيئة الامم المتحدة لصالح الاقليات، لتجعل اعلام منظماتهم ومؤسساتهم الدينية والمدنية في حالة استجداء لتلك الحقوق كمواطنين من الدرجة الثانية.
يشهد التاريخ العراقي ان المندائيين اسوة باخوتهم المسيحيين والايزيديين والشبك لم يعادوا المسلمين يوما، بل وقفوا بجانبهم في كل الحقب لصد اعتداءات الخارج، والتزموا بقضاياهم، وحاربوا جنبا الى جنب مع ابناء البلد الاستعمار والاحتلال، وقاموا بادوار رائدة وفعالة ومهمة في مجتمعهم، ولايمكن لهم وهم من اكثر الملتزمين بقضايا الوطن وحقوقه العادلة ان يدفعوا من حقوقهم التي تقرها اعلى هيئة عالمية لحقوق الانسان، بل يجب ان يكافأوا لادوارهم وعطاءاتهم ومواقفهم الوطنية النزيهة.
لهذا نطالب باسم اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر ،رئاسة الدولة العراقية بعدم التصديق على قرار البرلمان العراقي بصيغته الجديدة واعادة النظر بالمادة المجحفة التي تنص على تخفيض نسبة تمثيل الاقليات العراقية في الكوتا المخصصة في مجالس المحافظات العراقية الى النصف، لاننا نعتبر مثل هذا التصديق تجاوزا على حقوق جميع الاقليات الدينية والاثنية العراقية .

 

free web counter