| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

موسى الخميسي

 

 

 

 

الجمعة 11 / 5 / 2007

 

 


الا تخجلون من هذا العار ؟


موسى الخميسي/ روما

كل شكل للتسلط القائم على القوة والعنف المحض على الآخر هو شكل من اشكال صيانة وتعميق هيمنة مصالح اقلية اجتماعية او سياسية او دينية على الاخرين لتخلق شروطها للتقهقر والتفكك الوطني والتدهور العام لكل التشكيلة الاجتماعية في وحدة بنائها ، كما هو حاصل الان في العراق الغارق في ليل دموي طويل. وفترات الانحطاط التي عاشتها الشعوب تقدم مثالا غنيا في دروسه عن هذا الاحتمال.

وما يحصل في العراق الذي يأكل ابناءه، من جحيم، وفقدان لذة الحياة، والاقتتال الدموي، وطرد الابرياء من ابناء الاقليات الدينية العراقية من بيوتهم وديارهم بدون رادع سلطوي او اخلاقي او انساني ، يعني التخلي نهائيا عن حلم العيش حسب نموذج الحياة العراقية الاولى التي عهدناها وعشناها من قبل، شكلا ومضمونا، والذي تذكرنا به ذاكرة الاجداد والاباء.

المنزلق الخطير الذي وصلنا اليه والمتمثل بطرد ابناء الاقليات من بيوتهم بقوة السلاح والترهيب، كما هو الحال في منطقة الدورة وضواحيها، حيث ترسل رسائل القصاص بالموت لاهل الذمة من المسيحيين والمندائيين، وينادي المؤذن في الجوامع ليس بذكر الله سبحانه وتعالي ، بل بوعيد اهل الارض الحقيقيين، بالرحيل من بيوتهم، هو العار الاشد هولا وقباحة في الواقع الذي نعيش في ركاب دمائه كل يوم.

ونحن نتساءل الى اي درك يستطيع البلد الذي يطرد ابناءه ان ينتزلق بعد؟ مثل هذا الامر يجب ان لايترك في عهدة المتخاصمين ما دمنا جميعا موعودين بالدخول الى مزالق خطرة من هذا النوع الامر الذي يعني ان الدولة العراقية ومؤسساتها ستفقد تماما مناعتها نهائيا، ونتساءل ايضا: اي فريق او طائفة اوحزب سينجو من هذا العار الشديد في قتامته؟ انها الهزيمة المنكرة للجميع، لاعارضة ولا معلقة في الهواء، فهي عمل يمارس هذه الايام على مرأى ومسمع الجميع، ويتصف بعبوديته وعدم اخلاقيته . وامام حالة التقهقر والتراجع واجهاض ما تحقق بعد سقوط الفاشية، على الحكومة والاحزاب الوطنية والمذاهب والطوائف الدينية ،ان لاتعمد الى تزيين الفاجعة بالتعويض عن التقهقر الفعلي ، التاريخي والاجتماعي، بخطاب ثوري احيانا وديمقراطي احيان اخرى يعتقدون انه يستطيع بما يثيره من ضجيج، ان يطمس حقيقة الممارسة الفاضحة ويخفي جوهرها الخبيث، فقبل ان يغطس الجميع في العمق الخانق، عليهم ان يصحو لانقاذ مصائر الناس وتمزيق الحجاب الوهمي الذي يساهم برسمه المحتل، حتى تظهر الهزائم والتراجعات والنكسات على حقيقتها، ويبرز تاريخنا الجديد كتكرار مطرد لهزائم دائمة على كل الاصعدة.