| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ماجدة غضبان المشلب
Masaash2000@yaoo.com

 

 

 

الأحد 19 / 1 / 2014

 

أحفاد يوم الخلق

د. ماجدة غضبان المشلب

بعد رحيلك الأخير ، لم أتحرك من مكاني ، و لم أحاول غلق الباب الذي تـُرك يترصد إبتعادك..
أشجار إعتلت آثار أقدامك ، و أبطلت بإخضرارها كل لون لم تألفه..
و غيوم أمطرت سماوات سبع غير التي ذكرتها الأساطير..
أراض سبع ركعت تحت سلطان صمتي..
برمشة عين من جفني سقطت قطرات أحلامك.. دون موسيقى المطر..
و بحركة من سبابة يدي سقطت أغصانك المعتمة في فصل خامس لا مكان له في سنة البشر..
الموشور الذي ورثته قد أفلح في تحليل الضوء الصادر من شرارتك الأخيرة..
يقال انه أفلح..
لم ألحظه بداية على جدران الغرفة..
أحفادي الصغار لمحوه ، و رسموه بأقلام كنت أجدها دون لون ، لولا انها غرست في دفاترهم ، و آستظلت تحتها حياتي الموشومة بألوانك المستعارة من إنقراضك الحتمي..
ما كان أشقانا بألوان قوس قزح..
أكانت تلك هي كل ألوان الطيف؟
أكان ذلك كل الحب الذي عرفنا؟؟..
لفرط نشوتنا لم نجد غيرها ما يهلل لأول قبلة..
لم ينطح سماءنا الوهمية أول عناق..
لم نرتعش تحت غطاء اللذة إلا من برد إغتراب..
الباب ظل صالحا للتحول الى شظايا.. ، ملتصقا بنقطة صغيرة إنتهت عند إلتواء الطريق الى إلتفاتة..
أكانت تلك إلتفاتتك؟؟..
ربما من خلالها قد رأيت ان الدار مشروع إلتحاق بغيمة..
و الصغار أحفادي لن يجدوا بؤسا في الإنطلاق نحو النجوم..
و أنا تكفيني متعة إكتشاف ألوان جديدة..
لذا لم اتحرك من مكاني ، و لم أحاول غلق الباب الذي تـُرك يترصد إبتعادك..


في الطريق نحو الضريح المقدس

ملمس الضباب كملمس جدار قاس....
قمته العالية تعوي بين صدغي.. ويقيم سرداقه مهترئا بين جفني.. حاشرا سكاكينه الحادة في وسادة دمع طافية تتسربل بحزنها حتى امتداد المدى المبتور الفضاء..
ظل النور يحتشد في بؤبؤين جزعين يصحوان على جلبة فقأ عيني اليمنى..
مستنقع مستوحش يغلي في المحجر المستلب لعطايا البصر.. يستحيل شيئا فشيئا لبركان يحصد حممه من قطيع أشلاء مجهولة الهوية..
بضع بحيرات في مستقر ما.. تفتقر لأرتعاش مويجات ماء.. قصور رمل تتهاوى تحت ضجيج الموج الدامي، وقدماي تشتهيانه أرضا تردي ارتعادهما القادم من حيث زُرع الطريق..
بصمات بنقوش مميزة تستقر على راحتيّ كفيّ وانا احاول التشبث بالجدار المهول الزلق..
وقع اقدام حافية يضطرب في أزقة تأريخ خاو من قرطاسه ومداده.....
حفيف رأس يتدحرج مغادرا جسده.. ساقان ترفسان تحطمان بعض الواح زجاج تهوي نحو قعر ادرد مضطرب الحواس..
خطوات دون سبيل.. والبصمات تنمو على كفي كأنصال حشائش غابة.. انفاس تعلو.. وأخرى تعدو.. محاجر مظلمة تتساقط كثمر التوت..
أشباه ظلي تتزاحم.. وصوتي يتلون بألوان اصداء تتردد بين أذن صماء وأخرى مغلقة بتراب قبر..
حكايات قد ابتدأت كحصى ينمو متعجلا في دروب المهرولين نحو مهجع الشمس.. وأخرى تتلوى بين رحى الزمن.. وكثير غيرها ربما سيولد هذا الصباح من صرخة تتعثر في حنجرتي..
قطرات تسرق تنهيدة السماء.. وغمام يتفوه بلغة لا يفقهها المطر..
لغط لا ينتظم في صفوف الكلام.. صراخ يتمرد على طاعة المسامع ولذة الإصغاء..
الضريح المنتصب في رحاب العبق يتشذب من ركام رحلة كانت.. وثانية ستكون بعد لحظات..
كل شيء يتأهب للرحيل.. جذوع النخيل المتوجة بقبب ذهبية والمنارات التي تعوي بصوت قتيل.. زبد الماء الناضح بذكرى ضفاف فرات.. ظمأ الأرض لوطن ضرير.. أصم.. أبكم.. أوراقي التي استقامت بين شبح هور وحنين ناي وحيد..
خطوات ضريح تحفرها الريح على اقدام عارية.. وجموع عديمة اللون والرائحة تعقبها في سباق مع غبار الكون..
تستدق النهايات حتى تضيق بها مسالك السماء.. ينتشي الضياع بين الأيدي المتضرعة ويستطيل كغابة يجهضها أفق شامخ..
القوافل لا تتبع بضعة سطور متبقية.. والضياع لا يستهل زحف المدن..
شيء ما بين محجري السالف.. وقصور الرمل.. والأيادي الفارغة يخدش حياء الزمن.. لينسل الضريح وحيدا من بين خرائط العار..


 

free web counter