| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ماجدة غضبان المشلب
Masaash2000@yaoo.com

 

 

 

الأربعاء 18/4/ 2012

 

قصص قصيرة

د.ماجدة غضبان المشلب

النهايات تقترب على عجلات الايام..انها لا تعلن قدومها ابدا..وان كانت على بعد خطوات منا!!!

زرقاء..زرقاء

- الشباك هذه الليلة اضيق من المعتاد و النجوم تبدو و كأنها محيت بممحاة!!.

- انه الشباك ذاته و النجوم تملأ السماء..

- انت لا تدقق جيدا هنالك قضبان كثيرة و لا ارى نجمة تضيء!!.

- اصمتي ايتها المرأة ونامي.

- كيف اصمت و هناك من وضع قضبانا على نافذتنا دون ان ندري كيف؟ و متى؟ و لماذا؟ و فقأ النجوم كلها ؟؟؟؟؟

- لعلك تعانين الكوابيس؟؟؟؟؟؟.

- لا اعاني من شيء لكنك لا تضع نظارتيك؟؟؟؟؟؟.

- لا اريد ان اضعهما لانك جننت الليلة.

- اني أجَنُّ اذا جَنَّ الليل..ما الغريب؟..

لكن هذا لا شأن له بالقضبان فهي مزروعة امامي و النجوم لا وجود لها.

- نامي وسيكون غدا بلا نجوم فالشمس ستشرق و لن نكون بحاجة اليها.

اما القضبان فسآتي بمن يزيلها.

- دون ان نعرف من فعل هذا؟

- ما شأننا بذلك؟.. حسبنا ان نحل المشكلة.

فقط دعينا ننام الليلة.

- نم انت انا لن افعل حتى ارى النجوم قد اتخذت اماكنها و قد اذابت قضبان النافذة.

- حسنا حتى الصباح سترين من المجنون فينا؟؟

ينقرض الزمن بين غطيط زوجها و همسة قرب الشباك:-

- زرقاء؟؟؟؟؟

- زرقاء؟؟؟؟؟

تقترب المرأة بملابسها اللامعة في عتمة الليل صوب همسة مريبة.

صباحا لم يكن عسيرا على المارة ان يلمحوا قطرات الدم تسيل من عينين تبدوان كفوهتين كبيرتين تفوران بدم صامت عبر نافذة محطمة الزجاج هشيمة القضبان.


قرية صغيرة

ثمة شحوب وبقايا لقطرات من شمس لم تغب لكنها تتلاشى فجأة امام هول غمامة سوداء و شيء من العصف يطيح باشجار كانت على بعد عدة امتار منه.

أصغى الى الصوت جيدا.

لم يكن صادرا عن باب مغلق غادر موقعه وصار هشيما و لا من خلف الجدران فهي الاخرى قد انبسطت لتزيح للعراء فسحة كبيرة اجتاحت كل المسافة امام ناظريه.

ما شعر يوما برغبة في اسناد ظهره الى جدار كما شعرها الآن.

اشتهى وجودها قربه لينتصب كل ما هوى او ليطغي صوتها على وجيب قلبه المذعور و وجله من هاتف مرعب يتموج عبر اعماقه مخترقا نسيج كارثة قد امتزجت بما حوله فاضحى كثوب  فضاء ممزق تتساقط من هزيل ما رتق منه كواكبه و مجراته و تختفي في ابهامه الجهات الاربع.

فكر و هو يرتعد هلعا :

لابد للعين من شيء كي ترى و لابد للاذن من صوت كي تسمع غير ان هذا مشروط بوجود الاخرين و الاشياء اما ان تكون على مسرح بلا حدود و حيدا بعد طوفان دون منقذك نوح و دون تحذير مسبق و انذار بوقوع خطب ما فهو ما يجعلك تفرك عينيك مرارا و تثقب اذنيك باصابعك و تصفع خدك لتصحو من كابوس؟؟.

تساءل و قد انتحى به الجنون جانبا و خلا به خلوة لا مناص منها و هو يتمدد على الهلام الذي كان تحته و فوقه و كل ما حوله :

- اين القرية الصغيرة التي كانوا يسمونها الكون؟

  

ليلة ما قبل الإقرار

- هل علمت انها الليلة الاخيرة؟.

- اجل بعدها ستغوص اقدامنا في الرمال؟.

- من اين لنا ان نسير في بحر بلا مركب؟.

- و هل من خيار اخر؟.

- لا اظن .. ربما لدينا الخيار بين ان نقف و ان نمشي.

- هذا ليس خيارا بل حيرة.

- حتى الاختيار بين الحيرة و القرار هو خيار.

- لكنه لا يحتكم الينا بل الى ما حولنا.

- هل انت على يقين مما حولنا؟.

- لا لست على يقين..فالظلام دامس هنا.

- كم جرح لديك؟.

- لا اعلم هناك اكثر من موضع للالم.

- هل هنالك لزوجة دم؟.

- اني اشمها وا ستشعرها قد تخثرت بين اصابعي.

- انا ايضا و هذا يعني ان النزيف قد توقف.

- ربما لكن التعذيب لا.

- نعم سيتم استدعاؤنا من جديد.

- هل تعرف ما هي تهمتنا؟.

- لا..لا اعرف..

- و لا انا..

- هل تظنهم قد جاؤوا بنا بسبب خلط في الاسماء مع بعض ممن يبحثون عنهم؟.

- ربما لكن لا يبدو عليهم انهم سيصدقون ما نقول.

- هل ترى ان نعترف بالتهم الموجهة الينا؟.

- نعم ربما سيخلون سبيلنا.

- و ربما لن يفعلوا فهي مجموعة جرائم تودي الى الاعدام حتما.

- اني اختاره على ما انا فيه.

- و انا كذلك.

- هنالك اصوات اقدام تتجه صوبنا.

- استعد للتوقيع على اوراق التهم المدونة.

- بكل تأكيد سأفعل.

- الى لقاء في عالم اخر.

صوت باب الزنزانة يصر عاليا.

 

ما حدث عند باب مرسمي

ضجيج تحت العمارة..ضجيج داخلها..ضجيج الجيران يكاد ان يهبط بثقل السقف على رأسي.

تأملت ريشتي الجافة و لوحتي الظامئة و الواني المفعمة بالانتظار.

بضع خطوات لأصل حتى قطعة القماش المسمرة بشوقها و يد مرتعشة تمتد كي تلتقط منجلا ادمى اصابعي.

الحقل على اللوحة البيضاء بتيجان قمحه الصفراء قد استبد به الملل..خلفه شمس تود لو ان الغروب ينتشلها من صمتي الطاعن في السن المجعد الملامح..لوحة بيضاء و لطخات صفراء..حقول مترامية و المنجل الوحيد ادمى اصابعي.

الباب مغلق بالرتاج..و نيسان قد حل و الحصاد استقام على سيقان زمن هرم بين جدران غرفة صغيرة..الريح ترج حقول القمح و كأنها تسعى لإنضاجه سريعا ..شعري يطير خلفي يمسح السباخ..نهدان يقفان خلف حفيف ثيابي يحرثان انوثتي على بلاط بارد..

يطرق الباب..رجل في الخارج بقدمين ثقيلتين..لا اراه لكن لهاثه يبلغني تسيح منه رائحة سجائر مألوفة..رجل اخر يقف جواره اظنني شممت عطره..شاب حديث السن يدق بالحاح على الخشب المتعب المسامير..اخر يهمس بآخر رسالة كتبها لي.

لغط كبير خلف باب مرسمي..ضجيج تحت العمارة..ضجيج داخلها..الجيران لا يتوقفون عن الركض و هم يحصون عدد مربعات البلاط في شقتهم.

حشد كبير..و بيني و بينهم باب شائخ..و المنجل يقطر دمي..اصواتهم تتداخل..الواني تتلاقح..و رؤوس القمح تثقل..الشمس تتراءى لنصف الارض الآخر..و الحشد يتضاعف

كثير من الدم يسيح..كثير منهم لا يرى جثتي..كثير منهم لا يصمت..كثير منهم لا يعرف ان بابي مفتوح و بامكانهم الدخول منذ قرون.

 

 

 

free web counter