محسن جوامير
الثلاثاء 4 /9/ 2007
إعتماد لغة کوردية موحدة .. اليوم وليس غدا.!
محسن جوامیر ـ کاتب کوردستاني
في خطابه أمام البرلمان الکوردستاني، دعا رئيس کوردستان السيد مسعود البارزاني إلی بذل کل الجهود من أجل صياغة لغة کوردية موحدة.. وجاءت هذه الدعوة جوابا علی مداخلات من قبل بعض البرلمانيين لحل الإشکالية الموجودة اليوم علی ساحة اللغة الکوردية والتي أحدثت قلقا في الوسط اللغوي الکوردي، وبالأحری فی الوسط التربوي والدراسي والإداري.
لاشک أن من أساسيات الوحدة القومية وأهم عنصر یربط أمة ببعضها، هو لغة واحدة موحدة تجتمع حول موقدها کل الأطراف اللهجوية التی تنتمي إلیها، وما من أمة في الدنيا إلا وتتزاحم في عالمها ألسنة ولغات دارجة متعددة ترضی أن تکون لها أم تأوي إلیها، تسمی اللغة الفصحی.. وإلا قد يکفي جيل واحد تربی علی الدراسة بلهجتین مختلفتين ـ وإن کانتا من نفس اللغة ـ أن يتطبع علی الوضع السائد، ويتحول شيئا فشيئا إلی فصيلين لغويين مختلفين، وبالتالي إلی قوميتين مختلفتين، کما حصل للغة اللاتينية مثلا، والتي تولدت عنها لغات تنتمی إلی کيانات متميزة، مثل اللغة الفرنسية، الإيطالية، الإسبانية، البرتغالية و الرومانية. وإن کان حظ اللغة اللاتينیة أنها وبفعل الواقع السياسي آنذاک قد أصبحت لها دول قوية، فان اللغة الکوردية إن کتبت لها التصدعات وبفعل الواقع الإقليمي والدولي و السياسي المفروض، فلن تتحول إلا إلی شراذم ومجامیع لهجوية لا تقوی علی البقاء، ناهيک عن فرض نفسها.
لحسن حظ الکورد أنهم مرتبطون بأرضهم ومصيرهم المشترک، وهم یرنون ويتطلعون إلی مستقبل واحد، وأن السواد الأعظم يبحث عن وجود أرضية لغوية مشترکة، لاسيما وأن لها أساسا من خلال الدراسة والکتابة بها خلال حوالي قرن من الزمان في جنوب کوردستان.
يقول اللغويون السويديون أن هناک في السويد حوالی 100 لهجة سويدية، وهناک لهجات سويدية تکاد تکون اللغة النرويجية أسهل منها للسويدي، ولکن روح الإنتماء للغة السويدية الأم أقوی من کل رابط أو معوق. والمطلع علی اللهجتين الکورديتين الأساسيتین الکرمانجية الشمالية والجنوبية، يجد أنهما اللؤلؤ والمرجان وعينان تجريان في بحر اللغة الکوردية، ومن دونهما لهجات تصب بجداولها فيه، من دون إنحراف أو عصيان.
أظن أن دعوة رئيس کوردستان سوف تلقی کل الدعم، من أجل إعتماد لغة واحدة موحدة.. ولکن المهم أن ترافقها الجهود والإستعدادات، اليوم وليس غدا، وبرعاية شخص رئيس الدولة البارزاني.. بعد کل هذا، تکتمل صورة لغتنا في جمالها وروعتها، ويتحقق الهدف من نداء : فبأي آلاء ربکما تکذبان.!
2007/09/04