| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محسن جوامير

mohsinjwamir@hotmail.com

 

 

 

الجمعة 4/6/ 2010



تحیة کوردستانیة للشهم أردوغان

محسن جوامیر ـ کاتب کوردستاني

في خطابه‌ أمام برلمان بلاده‌ طالب رئیس وزراء ترکیا رجب طيب أردوغان إسرائیل برفع "الحصار غير الانساني الذي تفرضه على قطاع غزة بأسرع وقت ممكن". وقال أيضا "إن على المجتمع الدولي أن يجري تحقيقا في العملية"وحذر إسرائیل من"مغبة اختبار صبر تركيا". هذا وقد وضع النقاط علی الحروف حین قال"إن إسرائیل بفعلتها داست على الكرامة الانسانية، لذلك فهي تستحق الادانة، وبكل تأكيد يجب ان تعاقب". وقال"إن الوقت قد حان لكي يقول المجتمع الدولي كفى، وألا تتوقف الامم المتحدة في قراراتها عند إدانة إسرائيل، بل عليها أن تصر على تنفيذ قراراتها".
لست في معرض تقديس الشخصيات، أو اللجوء إلی المبالغات في وصف التحديات أو إضفاء صفة العظمة علی البشر، وکل ابن آدم خطاء، وقد تعرض قلمي للسيد أردوغان سابقا بانتقادات لاذعة، وقد أعاتبه‌ لاحقا، إن کان خطأه‌ شاهقا.. ولکن الحق یجب أن يقال في تقييم المواقف والافعال، فان ما قام به‌ رئیس وزراء ترکیا هذه‌ المرة، وبعد موقفه‌ السابق والشهیر أثناء تدمیر غزة وقتل أبناء هذا البلد المنکوب في العام الماضي، في تعريته‌ للصلافة الاسرائیلیة تجاه‌ اسطول الحرية الذي کان حاملا لرسل السلام من الشرق والغرب، منهم الکوردستاني سامان علي، کي یصل إلی شعب غزة الأعزل الذي حرم من أبسط مقومات الحیاة، ينم عن عمق التفکیر وصلابة الموقف وقمة الاخلاق التي يحملها هذا الرجل في داخله‌، وکذلک يعبرعن أصالة المجموعة التي هو أحد أضلاعها، حین يحمی الوطیس، دفاعا عن أبرياء ابتلوا بعناد وأنانیة وغطرسة قوة تلعن کل من لا يدين بالولاء والخضوع والسجود لها.. وباتت أماني المسحوقين في إحقاق حقوقهم، من قبل ومن بعد، تحترق في محرقة منطق إعتبار الهجوم علی اسطول الحرية دفاعا عن النفس من قبل بنیامین نتنیاهو، ومهزلة المطالبة بتفاصیل أکثر حول الحادث من قبل السيد اوباما.!

تحدي أردوغان وحکومته‌ لاسرائیل کان ضربة تکسير وتهشیم لأنفها، لان إسرائیل لا تملک أي رادع إنساني ولا تحرکها أي سفینة محملة بحلیب ولعب الأطفال أوعربة تجر أدویة لمرضی غزة الذين تهددهم شتی الأمراض والأوبئة، وذلک بعد قرارها بمحاربتهم بلا هوادة برا وبحرا وجوا.. بل بلغ التأثیر الدعائي الاسرائیلي علی عقول الناس في الغرب حدا أن أصبح النظر إلی ما يعانیه‌ الشعب الفلسطیني من إضطهاد ومجزرة، من الممتعات والملهیات، ولکن سقوط إسرائیلي واحد ولو کان مهاجما أو معتديا أو غاصبا أو قاتلا، من الکبائر الموجبات للتنديد وإتخاذ موقف صارم تجاهه.

إضافة لمزاياه‌ الشخصية، فلعل صلابة أردوغان نابعة من کونه‌ منتخبا من قبل شعبه‌ بحق، ولم يأت بالتصفيق والنفاق الذي ران علی قلوب ونفوس أغلب شعوب المنطقة جراء أنظمة إستعمرت خیرات شعوبها وأعلنت تبعیتها وفقدان شخصیتها مقابل بقاء زائف ومبارکة حمقاء وذل مستحکم، في حین کان بامکانها وبالآلیات الدبلوماسیة أن تسبق ترکیا أو تعاضدها في تحديها لاسرائیل التي استهانت بابسط القیم.. فاي سخرية هذه‌ أن یرضی العرب بجدار موت يؤسس في أرض عربیة علی شعب کتب علیه‌ عدوه‌ أن يذيقه‌ الموت الزؤام، في حین هو يعیش في نعیم مقیم.

ما تولد من رد فعل ترکي عما فعلته‌ إسرائیل، يدل علی أن سهام الاهانة لیست موجهة فقط باتجاه‌ صدور الشعب الفلسطیني، وبالذات أبناء غزة، إنما يتعدی ذلک إلی کل شعوب المنطقة بمختلف لغاتهم وعقائدهم، بل هو مؤامرة حبکت وتحبک بدقة لتبدأ من غزة وتصل خيوطها إلی کل البقاع.

من خلال قراءة موقف أردوغان ورفاقه‌ خلال سني حکمهم، يبدو أن ما إنتهی إليه‌ هؤلاء بدأ به‌ البروفسور نجم الدين أربکان قبل عدة عقود، ولعل عصرا جديدا بانتظار ترکیا، بعد التصحیحات والاصلاحات المقترحة علی تأريخها ودستورها ونمط تفکیرها، بل علی جمهوريتهم التي حملت في طیاتها مواقف داخلیة وخارجية لم یرض بها شهام ترکیا، منهم الشهم رجب طیب أردوغان.

تحیة کوردستانیة مفعمة بالسلام علیه‌ وعلیهم، علی أمل بدء عهد جديد بیننا وبینهم.!


 


 

free web counter