| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محسن جوامير

mohsinjwamir@hotmail.com

 

 

 

 

الأربعاء 20 /9/ 2006

 



فهمي الهويدي بحاجة إلى تجديد الوضوء.!

 

 محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني

انا التقيت الأستاذ فهمي الهويدي لأول مرة في المؤتمر الطلابي الإسلامي العالمي للتضامن مع الكويت، والذي إنعقد ما بين 25ـ 28 نوفمبر 1990 في إمارة الشارقة..واعتقد أن ذلك التجمع كان فرصة للإنصات إلى صوت شعب كوردستان أيضا، من أطراف واحزاب وشخصيات إسلامية مثل برهان الدين الرباني، والتأكد من ان الكورد صدقوا.. وكان معي البروفيسور المرحوم مظفر برتوما من شرق كوردستان، وقد قدمنا معا محاضرة عن المظالم التي وقعت على الكورد من طرف الحكومة العراقية في حلبجة والأنفال.. وكان الهويدى حاضرا في المؤتمر الإسلامي الأول " القضية الکوردية من رؤية إسلامية " الذي إنعقد بين 19ـ 20/1/1990 بمدينة کولن بألمانيا الغربية الذي قام على جهود مجموعة من الباحثين الکورد وعلى رأسهم الدکتورعلي القرداغي، ودعيت إليه‌ نخبة من العلماء والدعاة والمفکرين والسياسيين من مختلف الإتجاهات، وقد جاء في المقررات الأساسية للمؤتمر ما يلي:

ـ إعتراف الإسلام بحق کل شعب في التعبير بلغته‌ في کل المجالات، باعتبار أن اللغة آية من آيات الله‌ تعالى.

ـ التطبيقات العملية للإسلام کانت قائمة مند الصدر الأول للخلافة على ( الولايات ) التي کانت تتمتع بسلطات واسعة وإن کانت مرتبطة بدار الخلافة. وإن لکل واحدة منها ميزانية تکمل منها حاجياتها ثم يرسل ما تحتاج إليه‌ دار الخلافة إليها .

ـ وأن الإسلام قد حل مشكلة " القومية " من خلال الإعتراف باللغة الكوردية والخصوصية الذاتية، ودعا إلى التماسك والتعاون بين الأفراد على البر والتقوى والخير.

ويشهد لموقف السيد فهمي لصالح قضية الكورد ما كتبه بعض المرات ودفاعه عنهم في بعض الندوات والمؤتمرات.. حتى إنني شاهدته في كاسيت أنه في إجتماع مصغر مع بعض اعضاء الحزب الإسلامي الكوردستاني ( بارتيا إسلاميا كوردستاني ) الذي كان نشطا في الثمانينيات وبداية التسعينيات وفي أوروبا خاصة، طرح فكرة التدرج في تأسيس دولة كوردستان.. ناهيكم عن المقالات التي نشرها وبالأحرى ( الأكراد شعب الله المحتار ) و ( كركوك سبقت كوسوفو في الإبادة والإقتلاع ) وقد أحدثتا صدى قويا بين الكورد وغيرهم، ولكن الرجل فقد شعبيته بعدئذ حتى بين إسلاميي كوردستان بدون إستثناء.

عافاه الله من كل سوء، فانه تحول مع الوقت وخاصة بعد زوال حكم صدام حسين، إلى جبهة توجيه الإنتقادات إلى الكورد، بل وحتى التراجع عن المقترحات التي سبق وأن قدمها على بساط الحلول ولجأ إلى العموميات من الحقوق.. وكذلك وقع في فخ تركيا التي يسوءها حتى تعليق لوحة بالكوردية وما تدري حين تجدها اتمُسِكها على هون ام تدسها في التراب ؟! .. وكتب من دون الإستناد على الوثائق في شرح الوقائع، وأكد على معلومات زودته بها أطراف هشة صغيرة تابعة بشكل علني لتركيا ومدانة حتى من التركمان، مثل الجبهة التركمانية التي تحمل أفكارا نازية خطيرة جدا، في حين كان بامكانه ولا يزال أن يستقي معلوماته من أرض الواقع في كوردستان ومن ضمنها كركوك، لا من البيانات المفبركة من قبل حواري أتاتورك الذين لو استطاعوا لجعلوا عالي بلاد الكورد سافلها وأمطروا عليهم حجارة من سجيل.. وهذه الضحالة وعدم الواقعية وديموميتهما تظهران بجلاء في آخر مقالة للسيد الهويدي ( يعجبنا كلام الأكراد.. وتدهشنا افعالهم ) والتي تتمحور حول إلقاء الشكوك في نوايا وإخلاص ومواقف الكورد في الأحداث الجارية، ويتطرق إلى المسائل من منطلق معاداة الطموح الكوردي ذاته وضرورة الخضوع للواقع، وليس توجيه الإنتقادات إلى القيادات الكوردية فحسب.

وهذه الخاصية التي أراد الهويدي أخيرا أن يتصف بها، جعلته للأسف في دوامة من الفرضيات التي بدلا من أن تقربه من الحقائق، جعلته والقارئ الساذج يخرجان بنتيجة أن : خذوا حذركم من الكورد، ولا يخدعنكم كلامهم، لأنكم حين ترون امورهم تستعجبون.!.. وكأني به يقول للناس مادام الكورد في مأمن من الشرور المستشرة في العراق، وبعيدين عن التصارع والإنفجارات وحملات التصفية وحمامات الدم الجارية للعراقيين، فان في الأمر شيئا وفي اللبن شعرة، كما يقول المثل الكوردي.. أي لو كانوا عراقيين ولا ينوون الإنفصال، لكان حالهم حال إخوانهم في الوطن العراقي الذي آلوا إليه من قتل وسحل بالجملة، لا الإنشغال بالبناء والإعمار والتقدم والإزدهار في المفرد والجملة.!

إن أصل هذه العقد والأفكار في فكر بعض الكتاب من امثال الاستاذ فهمي الهويدي والاخرين، راجع إلى عدم تعايشهم مع الواقع الجديد الذي تشهده كوردستان، وبعدهم عنه، وبالتالي بقائهم في دائرة ما قبل الماضي، والجديد الذي يمكن أن يحصلوا عليه هو من الأفراد والهيئات التي لها حساباتها الخاصة مع الكورد ومن خلال كونها مدفوعة من جهات يكبر عليها حتى تواجد كيان كارتوني كوردي.. وقد راينا هذه المواقف المشككة من جانب اطراف اكثر تشددا قبل ان يروا كوردستان رأي العين.. وهذا لا يعني نفي النواقص عن كوردستان وتصويرها وكانَّها ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) و ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما، إلا قيلا سلاما سلاما )، ولكن بالمقارنة مع الجيران والخلان فان الإختلاف بينهما كالفرق بين الثرى والثريا.. ونقول للإستئناس وما في ذلك بأس للجنة والناس بأن بلاد الكورد في غناها في الفواكه والثمار يمكن أن ينطبق عليها ما جاء في التنزيل البديع ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل، واُتوا به متشابها..) فاشباه ثمرات الجنة موجودة كلها في أرض سيدنا نوح على نبينا وعليه السلام .

أظن أن بين الكورد سواء من العلمانيين أو الإسلاميين من هم أصدق من الذين يمكن ان يعتمد السيد الهويدي عليهم في إستقاء المعلومات الصحيحة التي لا تقف وراءها دوافع عنصرية متاثرة بدول لاترى بقاءها إلا على كراهية الآخرين وخلق الفتنة بين العالمين، ولا تجد في تقدمهم إلا إعلان قراءة الفاتحة على ارواح دولهم التي يبدو أنها لعنت الكورد إلى يوم ( فوربك لنسئلنهم اجمعين ) .

لا جرم ان فتاوى الهويدي المبنية على أقوال وأحاديث ومغالطات يشهد لها الناس والمصادر بالضعف والوضع، بحاجة إلى الإستغفار وتجديد الوضوء، بالأحرى ما يخص كركوك التي ما يكون فوز الكورد في الإستفتاء القادم إلا من باب تحصيل الحاصل أو لتطمئن به قلوب الناس لا قلوب الكورد والعقلاء من الأخوة التركمان الذين لا يرون إشراقة مستقبلهم إلا في كوردستان.