| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محسن جوامير

mohsinjwamir@hotmail.com

 

 

 

 

الأربعاء 20 /12/ 2006

 



ألا يعقب تقرير بيکر ـ هاملتون تشکيل الدولة الکوردية..؟

 

محسن جوامير ـ کاتب کوردستاني

من يطلع علی تقرير بیکر ـ هاملتون يکاد يستيقن بأن التقرير لا يعدو کونه‌ مرثية أمريکية أو بکائيات تنوح علی ما وصل إليه‌ التورط الأمريکي في المستنقع العراقي، بسبب ما تعانيه‌ قواتها وجنودها من أوضاع لم تکن تتوقعها قبل أن تدخل العراق وتحتله‌، والتي عکست بالتالي علی الوضع الداخلي في أمريکا وأثارت حفيظة القادة والسياسيين المؤيدين والمعارضين فيها.. والطبيعة الإمبرالية المتوغلة في أصول وجذور هذا النظام الرأسمالي، تجعل کل تعويل دائم عليه‌ بمثابة تأسيس صرح على رمال متحرکة.. وقد يکون الدرس الکوردی مع أمريكا عام 1975 أسطع مثال، حيث کان الکورد في أوج إنتصاراتهم وحکومة البکر وصدام على شفا حفرة من السقوط والإنهيار، وباعتراف صدام لاحقا.. مع ذلک فان أمريکا أسعفت الحکومة العراقية وأخرجتها من وهدتها بفضل إتفاقية الجزائر في آذار في العام المذکور.. يبدو وکأن نفس السيناريو في طريقه‌ إلى التکرار، أي التخلي عن الکورد أمام ضربات البعثيين والتکفيريين والإرهابيين، وکأنهم يؤهلون أفراد وأنصار النظام البائد ولکن من دون نظام صدام هذه المرة.

وما ذکرته‌ آنفا لا يعني إعلان سذاجة وغباء الکورد أو وصف قادتهم بعدم الذکاء أو العمالة أو عدم الإعتبار من التأريخ علی الأرض أو في المريخ، في حال قلما تجد شعبا ـ وبفعل الإتفاقیات الإستعمارية المجحفة ـ تحکمه‌ التناقضات الجيوسياسية مثلما تحکم الکورد، ونادرا ما تجد أمة يتکالب عليها أشقاءها وجيرانها، کما
يحدث للکورد. و‌هذا لا يعني کذلک رفع الکورد إلی مقام من لا يأتيه‌ الباطل من بين يديه‌ ولا من خلفه‌، کما لا يعني السخرية من بقية الأقوام في حال جعلنا ربنا سواسية کأسنان المشط.

إذا کان تقرير بيکر ـ هاملتون قد أدهش الکورد خاصة بما يحمله‌ من أطروحات غريبة وتوصيات مريبة وعجيبة، وکذلک متناقضة لمجريات الإتفاقيات التي توصلت إليها الاطراف الکوردستانية والعراقية وبموافقة أمريکا، فانه‌ يجعل المصداقية ألأمريکية في حالة حرجة في حال إقراره وجعله منهاج عمل، لا سیما لأن الکورد بنوا صرحا مؤسساتيا يکاد يکون دولة أو يکون دولة داخل کيان فيدرالي متفق عليه‌، وقد يتحولون ـ مجبرين ـ إلى جبهة تؤذي امريکا وتنقطع الصلة التي تمنوا دوامها، لأنه‌ لا يعقل أن يتنازل الکورد ويضحوا بکل مکتسباتهم من أجل رضاء الإرهابيين، أو کسب ود ترکيا التي يحس القارئ لتقرير بيکر ـ هاملتون بأنفاسها المتعفنة المؤذية من بين سطورها ويری موضع أصابعها فيها.

لا ندري ماذا سيتمخض عن مداولات بوش مع الموافقين لسياسته‌ والمعارضين، ولکن القارئ لتقرير بيکر ـ هاملتون الذي لا يولي أي أهمية للواقع الکوردي المؤسساتي الموجود في الهواء الطلق يخرج بنتيجة مفادها أن أمريکا تواجه‌ أمرين لا ثالث لهما : إما أن تقبل بالخيار الکوردي في الإنفصال، أو مواجهة العصيان الکوردي الذي قد لا يقل ـ أبدا ـ ضراوة عن عصيان الآخرين لا سمح الله‌، خاصة لأنهم لا يواجهون هذه‌ المرة عدوا تدعمه‌ أمريکا کما کان في عام 1975، إنما يکونون في مواجهة أمريکا ذاتها.
ولا أظن أن الکورد وقادتهم يحبذون المواجهة.!